الشيخ عبدالهادي الفضلي
ومن هذه النصوص
* صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( لا يكون الربا الاّ فيما يكال أو يوزن ) .
* موثقة عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( لا يكون الربا إلاّ فيما يكال أو يوزن ) .
قال الشيخ الطوسي في كتاب البيوع من (المبسوط 2 / 88) تحت عنوان (فصل في ذكر ما يصح فيه الربا وما لا يصح): « الربا في كل ما يكال أو يوزن ، ولا ربا فيما عداهما، ولا علة لذلك إلاّ النص » .
وممن بحثها من الفقهاء المعاصرين على أساس من اعتبارها القانوني الشيخ حسين الحلي في (بحوث فقهية) المدونة بقلم تلميذه السيد عز الدين بحر العلوم، قال : « وبما أن مالية هذه الأوراق منحصرة بالجهة التي يمنحها الاعتبار تبعاً لكيفية تغطيتها إن كانت من قبل تلك الجهة، فمن الجدير أن نبحث عن حقيقة هذه التغطية، والمعبّر عنها بـ (غطاء العملة) لنرتب الحكم على أساسها، وهي لا تخلو من أحد وجوه ثلاث :
الوجه الأول من وجوه التغطية
وتطالعنا فيه صورتان :
الصورة الأولى: أن تكون الدولة قد أودعت في خزانتها نقوداً مسكوكة من ذهب أو فضة في قبال هذه الأوراق بالقدر الذي طبعت منه وخولت كل شخص يحمل تلك الأوراق أن يأخذ من البنك ما يقابل ورقته من النقود متى شاء ذلك .
وعلى هذا الوجه تكون المعاملة على تلك النقود المودعة والتي كانت مصدر الاعتبار لهذه الأوراق .
فمن اشترى حاجته، ودفع للبائع ديناراً ـ مثلاً ـ فهو قد ملّكه مقداراً معيناً من المال تحتفظ به الدولة في البنك الذي تعتمد عليه، وتكون هذه الورقة كسند خاص لتمليكه .
وهل يتحقق الربا في مثل ذلك، لو حصل التعامل بحيث دفع عشرة أوراق في مقابل إحدى عشرة؟
الجواب عنه: إن الربا يتحقق في ذلك لأننا فرضنا أن هذه تعبر عن تلك المقادير الفضية أو الذهبية ، فتكون المعاملة واقعة في الحقيقة على ما تعبر عنه تلك الأوراق من النقود المسكوكة المودعة في خزينة الدولة .
الصورة الثانية: هي نفس الصورة الأولى، ولكن المودع إنما هو سبائك وقوالب ذهبية أو فضية، فبمقدار الورقة تتعهد الدولة بتسليم ما يقابلها من الذهب والفضة من تلك القوالب الموجودة عندها .
أما الربا فيتحقق في هذا النوع لأن الأوراق أصبحت تعبر عن هذه المقادير الذهبية أو الفضية، فإذا بيع مقدار منها بأزيد كان الزائد فائدة ربوية، لعدم اشتراط كون الذهب مسكوكاً في صيرورة الزيادة من الربا .
الوجه الثاني من وجوه التغطية
أن تكون في قبال هذه الأوراق النقدية مقادير معينة من المال في ذمة من منحها ذلك الاعتبار وهي الدولة أو البنك، ويكون حال الدينار ـ مثلاً ـ كحال سند الكمبيالة، فلو اشترى شخص بهذا الدينار شيئاً من الأجناس فقد دفع للبائع ورقة تفيد أن له بذمة الحكومة ما يقابلها من المال، وتكون الدولة التي منحت تلك الأوراق الاعتبار المالي هي المدينة للبائع بذلك المقدار من المال .
وفي الحقيقة أن التعامل في هذه الصورة يكون على ما في الذمم، والأوراق النقدية أسناد بيد الأفراد تثبت وجود الدين في ذمة الحكومة .
( في هذا الوجه ـ أيضاً ـ يتحقق الربا ) لأن ما يقابل هذا مما هو في ذمة الحكومة إمّا ذهب أو فضة، وهما من الموزون فيتحقق الربا فيه .
الوجه الثالث من وجوه التغطية
أن تكون مالية هذه الأوراق متقومة بالجهة الاعتبارية الصرفة بأن تقرر الدولة بأن كل ورقة تحمل ذلك الشعار الخاص وهذه الألوان والتقاطيع المخصوصة فإنها تعتبر بكذا مقدار من المال .
ومن الواضح أن الدولة تلتفت إلى أن ذلك الاعتبار وحده ليس بكاف لمنح هذه الأوراق السمة المالية، لذلك تأخذ على عاتقها موضوع دعم الورق بالتعهد الشخصي، والتقرير على نفسها بدفع ما يقابله من المال لو طولبت بذلك من قبل الدول الأخرى أو الشركات الأجنبية .
وحيث كان هذا المقدار أيضاً ليس بكاف لمنح الورق السمة المالية الدولية، بل يقتصر اعتباره على الداخل، لذلك تضطر الدولة إلى الدخول في (منطقة الاسترليني) ـ مثلاً ـ فتجتمع عدة دول لتودع في أحد البنوك العالمية المقادير اللازمة من الذهب، ويكون هذا الإيداع هو الرصيد للورق النقدي في مجموعة تلك الدول المشتركة .
وقد تنسحب تلك الدولة من منطقة الاسترليني فتسحب ما لديها من الاحتياطي وتودعه في البنك الحكومي المؤسس في المملكة، وتعلن هذا المعنى إلى الجميع، وتدعم هذا الإيداع من جهة أخرى بما تمتاز به تلك الدولة من معادن وثروات طبيعية كالنفط والكبريت والفحم، وما شاكل ذلك من الثروات الطبيعية .
وبعد كل هذا يعزز ما ذكرناه نفس مركز الدولة بين بقية الدول، وهذه وإن لم تكن عوامل أساسية لتغطية النقد الورقي إلاّ أن لها قيمتها الاعتبارية في أنظار الناس فتعطي الورقة رصيداً سوقياً في الداخل والخارج .
والآن وبعد أن عرفنا حقيقة الأوراق النقدية وأنها لا تحمل إلاّ جهة الاعتبار الصرف من الدولة التي فرضت التعامل بها فهل يتحقق الربا في صورة بيعها بأكثر؟ .
الظاهر عدم تحقق ذلك فلا تكون المعاملة ربوية لأن شرط جريان الربا في المعاملة هو وحدة الجنس ـ الثمن والمثمن ـ أولاً، وكونهما من المكيل أو الموزون ثانياً، وليست الدنانير من أي من هذين ـ وهما المكيل والموزون ـ وإن كانت وحدة الجنس متحققة فيها، إلاّ أن الشرط الآخر، وهو الكيل أو الوزن لم يتحقق فيها فلا يجري في بيعه بأزيد منه حكم الربا .
هذا إذا كانت المعاملة بيعية صرفة لا أجل فيها بل حصل التسليم .
وأما لو حصلت الزيادة مع أجل كأن دفع له عشرة دنانير بإزاء أحد عشر ديناراً يسلمه إياها بعد شهرين فهل يكون ذلك من صغريات المعاملة الربوية أو لا ؟
والإجابة عن هذا السؤال: هي أنّا نتصور لهذه المعاملة وجهين، تكون صحيحة بالنظر لوجه، وباطلة على الوجه الثاني .
فإنا لو اعتبرنا هذه المعاملة من قبيل البيع إلى أجل، كانت المعاملة صحيحة .
بخلاف ما لو اعتبرنا من قبيل القرض إلى أجل فإنها حينئذٍ تكون من ربا القرض، ويتم فيها البطلان » .
ونخرج من هذا بالنتيجة التالية
1 ـ إذا كان منشأ اعتبار الأوراق النقدية هو ما يقابلها من ذهب أو فضة مسكوكين نقوداً أو غير مسكوكين فإنها ـ والحالة هذه ـ يتحقق فيها الربا بقسميه المعاملي والقرضي .
2 ـ وإذا لم يكن لها ما يقابلها من ذهب أو فضة، وكان منشأ اعتبارها هو الدولة يتحقق فيها الربا القرضي ولا يتحقق فيها الربا المعاملي .
مستثنيات الربا
قال أستاذنا السيد الخوئي في (المنهاج): « المشهور على أنه لا ربا بين الوالد وولده، وكذا بين الرجل وزوجته، وبين المسلم الحربي إذا أخذ المسلم الزيادة، ولكنه مشكل، والأحوط وجوباً تركه » .
واستدل القائلون بعدم تحقق الربابين المذكورين بروايات كلها غير معتبرة، وبالإجماع، ومن المظنون قوياً أنه مدركي، ومدركه الروايات المشار إليها ـ فلا يعول عليه .
والنتيجة: هي كما يقول السيد الأستاذ .
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان