السيد منير الخباز
في ظل سيطرة الكنيسة على جميع مرافق الحياة في العالم الأوروبي، وخصوصًا في فرنسا، وتدخل الكنيسة في تحليل الكون وفلسفة الحياة، ووضع مقاييس كنسية ولاهوتية بحتة ومحضة لتفسير كثير من الظواهر التجريبية والمادية، هنا نشأت تيارات مناهضة لسيطرة الكنيسة وتدخلها الواضح في تمام شؤون الحياة، وهذه التيارات كانت تنادي بأنَّ التحليل والفلسفة ووضع الأطر والموازين كله لا بد أن يرجع إلى أسس علمية، ولا بد أن يعتمد على منطق العلم وحاكمية العلم، خصوصًا العلم التجريبي المستند إلى التجربة في إصدار القاعدة وتبني الحقيقة.
من هنا نقول بأنَّ العِلمانية - لا العَلمانية - هي التيارات أو الاتجاهات التي نشأت بمنطق تبني العلم أساسًا في كل فلسفة وفي كل تحليل وفي أي قاعدة تعطى لأي ظاهرة مادية أو اجتماعية، فالعلمانية مأخوذةٌ من العلم لا من العالم، هي بالكسر وليست بالفتح، العلمانية هذا هو مبدأ ظهورها في مواجهة الكنيسة، وهذا المبدأ الذي توسّعت فيه في فلسفة متكاملة.
العلمانية لها مصطلحات ثلاثة:
المصطلح الأول: أن المراد بالعلمانية الاتجاه الذي يتبني المنطق التجريبي في مقابل المنطق الغيبي. العلمانيون في بداية نُشْئِهم وتكوّنهم، وتحولوا بعد ذلك إلى فلسفة، يؤمنون بأنه ينبغي تحليل الظواهر الاجتماعية على أساس علمي تجريبي، مثلًا: نحن عندما نناقش ظاهرة الانتحار، نناقش ظاهرة البطالة، نناقش ظاهرة الفراغ، أي ظاهرة من الظواهر الاجتماعية ينبغي أن نحللها على ضوء أسس تجريبية، وليس على أسس غيبية خارجة عن إطار الحس والتجربة، هذا مصطلح للعلمانية، وقد تكون العلمانية بدأت بهذا المصطلح.
المصطلح الآخر: أن المراد بالعلمانية هي مبدأ النسبية، العلماني هو الذي لا يرى الحقيقة المطلقة، العلماني يقول بأنَّ الكنيسة أو الدين الكنهوتي في تلك الفترة، الدين يرى الحقيقة المطلقة، يرى أن فكره ويرى أن فلسفته ورؤيته هي الحقيقة المطلقة، ومن رأى الحقيقة المطلقة قدّسها، ومن قدّسها ألغى الآخر، فالعلماني يرى أن الدين إذا تبنى رؤية الحقيقة المطلقة، وقدّس فكره، ألغى الفكر الآخر، وبالتالي منشأ الحروب، ومنشأ التشنجات والاحتقانات الإنسانية في تمام أطراف العالم، منشؤها هو الإصرار على الحقيقة المطلقة، أما إذا قلنا بمبدأ النسبية، وأنه من الممكن أن تكون هناك اتجاهات مختلفة، وأن تكون هناك فلسفات مختلفة، وأن الاختلاف بين الفلسفات يثريها ويوجب تكاملها، إذا قلنا بمبدأ النسبية فحينئذ سوف نصل إلى حالة السلام، والتعايش السلمي، وتقبّل كل فئة وكل تيار للاتجاه الآخر وللتيار الآخر، هذا مصطلح آخر للعلمانية يقوم على مبدأ النسبية.
المصطلح الثالث: أن العلمانية تقول بأن الدين شيء، وإدارة الحياة الاجتماعية شيء آخر، الدين يقتصر على علاقة الإنسان بربه، ويقتصر على القيم الخلقية والإنسانية التي يمارسها الإنسان في حياته، ولا دخل للدين في إدارة الشؤون الاجتماعية، ولا دخل للدين في إدارة الأمور السياسية، وبعبارة واضحة: فصل الدين عن الدولة وقصر الدين على مجالات خاصة، هذا المصطلح المعروف للعلمانية، المصطلحان الأولان كانا مصطلحين للعلمانية في بداية نشئها وتكونها، أما المصطلح السائد الآن للعلمانية فهو فصل الدين عن الدولة، ينبغي أن تكون الدولة دولة علمانية.
العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة رؤية غير دينية، رؤية تتعارض مع الرؤية الدينية في أنَّ الدين له شمولية في سائر تفاصيل الحياة، لكن العلماني نفسه الذي قد يتبنى هذه الفكرة قد يتبناها بمنشأ عدم قدرة تطبيق الدين على الحياة، لا لأنه لا يرى شمولية الدين، قد يكون العلماني إنسانًا متدينًا، ويرى أن الدين رؤية شمولية تستوعب جميع تفاصيل الحياة، لكن لأنه لا يمكن تطبيقها في ظروف معينة، وفي مناطق معينة، يرى ضرورة فصل الدين عن الدولة، فالرؤية لا لأجل عدم اعتقاده بشمولية الدين، بل لأجل تشخيصه عدم القدرة على تطبيق ذلك.
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم