علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

معدل الذكاء يمكن أن يرتفع أو ينخفض بشكل ملحوظ خلال فترة المراهقة، حسب ما أكده المسح الدماغي

 

المترجم : أبو طه/ عدنان أحمد الحاجي
قياس معدل الذكاء IQ قد ينخفض ويزداد بشكل كبير خلال سنوات المراهقة بحسب البحث الذي مونته مؤسسة ولكوم ترست Wellcome Trust وهذه المتغيرات متعلقة بتغيرات حصلت في  هيكلية أدمغتنا وهذه النتائج قد تكون لها آثار مترتبة على اختبار وتوزيع الأطفال على الصفوف الدراسية بحسب قدراتهم الذهنية والأكاديمية streaming ( للمزيد من التعريف، راجع ١) خلال السنوات الدراسية. 
تعتبر قدرتنا الفكرية مستقرة خلال حياتنا، ودرجة معدل الذكاء (IQ) التي قيست في وقت ما من حياتنا تستخدم في التنبؤ بمدى التحصيل التعليمي وفرص العمل في وقت لاحق من حياتنا. ومع ذلك، في دراسة نشرت في ٣٠ أكتوبر ٢٠١١ في مجلة نيشر  Nature، باحثون في مركز ويلكوم ترست لتصوير الأعصاب Neuroimaging في جامعة لندن كولدج  UCL ومركز العلوم العصبية تظهر للمرة الأولى أن معدل ذكائنا في الحقيقة ليس ثابتاً. 
باحثون بقيادة البروفيسورة كاثي برايس اختبروا، ٣٣ مراهقاً سليماً في عام ٢٠٠٤ عندما كانت أعمارهم تتراوح بين ١٢ و ١٦ عاماً. ثم كررت التجربة بعد مرور أربع سنوات عندما كانت أعمارهم  بين ١٥ و ٢٠ سنة. في كلتا الحالتين، أخذ الباحثون صوراً هيكلية للأدمغة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)


لقد وجدت البرفسورة برايس وزملاؤها تغيراً كبيراً في معدل الذكاء الذي قيس في عام ٢٠٠٨ بالمقارنة مع القياس الذي عُمل في  ٢٠٠٤ . بعض الأشخاص الذين جرى اختبارهم وجد أنه قد حسّنوا من أدائهم النسبي بالمقارنة مع آخرين في نفس العمر بما يعادل ٢٠ نقطة على مقياس معدل الذكاء القياسي وفي حالات أخرى انخفض الأداء بنفس المقدار ولمعرفة ما إذا كانت هذه التغيرات ذات معنى قام الباحثون بفحص صور الرنين المغناطيسي ليروا ما إذا كان هناك علاقة مع تغيرات بنيوية أدمغة ما أُجري عليهم الاختبار.
"وجدنا قدراً كبيراً من التغير في كيف كان أداء الذين جرى لهم اختبارات الذكاء في عام ٢٠٠٨ مقارنة مع الذين جرى لهم من قبل في ٢٠٠٤ ، وتوضح سو Sue رامسدن، المؤلفة الأولى للدراسة أن "بعض الذين جرى لهم الاختبار كان أدؤهم أفضل بكثير ولكن بعضم كان أداؤهم أسوأ بكثير. وجدنا علاقة واضحة بين هذا التغير في الأداء والتغيرات في هيكل أدمغتهم وهكذا يمكن القول بشيء من اليقين أن التغيرات في معدل الذكاء حقيقية".
وقام الباحثون بقياس معدل الذكاء اللفظي verbal IQ للمشاركين الذين جرى لهم الاختبار، والذي يتضمن قياسات اللغة والرياضيات والثقافة (المعرفة) العامة والذاكرة ومعدل الذكاء غير اللفظي، كالتعرف على العناصر المفقودة من صورة أو حل ألغاز بصرية Vistula puzzles (للتعريف ، راجع ٢) ووجد الباحثون تساوقاً (تلازماً) واضحاً بين مناطق محددة في الدماغ. الزيادة في درجة الذكاء اللفظي تتساوق مع زيادة في كثافة المادة الرمادية -المادة الرمادية هي خلايا عصبية تتم فيها معالجة المعلومات - في منطقة من القشرة الحركية motor cortex اليسرى من الدماغ التي تُفعّل عند التعبير بالكلام. وبالمثل، الزيادة في درجة الذكاء غير اللفظي تتساوق مع زيادة كثافة المادة الرمادية في المخيخ الأمامي anterior cerebellum، والتي ترتبط مع حركات اليد. ومع ذلك، الزيادة في معدل الذكاء اللفظي لا تتساوق بالضرورة مع الزيادة في معدل الذكاء غير اللفظي.


وفقاً للبرفسورة برايس وهي زميلة أبحاث عليا في ويلكوم ترست، إنه ليس من الواضح لماذا كان ينبغي لمعدل الذكاء أن يتغير كثيراً ولماذا تحسن أداء كثير من الناس بينما انخفض أداء آخرين. فمن المحتمل أن تكون الاختلافات هي نتيجة أن بعض الذين جرى لهم الاختبار هم من السابقين في تطوير أنفسهم أو من المتأخرين، ولكن من الممكن وبنفس القدر أيضا أن يلعب التعليم دوراً في تغيير معدل الذكاء، وهذا له آثار مترتبة على كيف يتم تقييم طلاب المدارس.
لدينا ميل لتقييم الأطفال وتحديد مسارهم التعليمي في وقت مبكر نسبياً من أعمارهم ولكن هنا أظهرنا أنه من المرجح أن الذكاء لا يزال في دور التطور كما قالت البرفسورة برايس ولكن يجب علينا أن نكون حذرين أن لا نلغي دور ذوي الأداء المنخفض في وقت مبكر من حياتهم لأنه يمكن أن يتحسن معدل ذكائهم بشكل جيد لو انتظرناهم سنوات قليلة. وهذه العملية شبية بمسألة اللياقة البدنية فالمراهق الذي لديه لياقة رياضية في عمر ١٤ قد يكون أقل لياقة من غيره في سن ١٨ لو توقف الأول عن ممارسة الرياضة وعلى العكس من ذلك المراهق الذي ليس لديه لياقة رياضية قد تصبح لديه لياقة أكثر بالتدريب.

 

دراسات أخرى من مركز ويلكوم ترست لتصوير الأعصاب وغيرها من فرق بحثية أخرى وفرت أدلة قوية على أن بنية الدماغ تبقى "مرنة"طوال حياة البالغين وعلى سبيل المثال، البرسفورة برايس أظهرت مؤخراً أن المادة الرمادية لرجال حرب العصابات في كولومبيا الذين كانوا قد تعلموا القراءة كبالغين كانت أعلى كثافة في مناطق عديدة في النصف الأيسر من دماغهم مقارنة مع أولئك الذين لم يتعلموا القراءة. والبرفسورة إليانور ماغواير من مركز ويلكوم ترست، أظهرت أن جزءًا من بنية الدماغ يسمى الحصين والذي يلعب دوراً مهماً في الذاكرة والتنقل navigation  لها حجم أكبر  في سائقي التكسي المرخصين في مدينة لندن. 
السؤال هو، إذا كانت بنية دماغنا يمكن أن تتغير طوال حياتنا في فترة المراهقة، فهل أيضاً يمكن أن يتغير معدل ذكائنا؟ "وتضيف البروفيسورة برايس تخميني أنه نعم يتغير. هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن أدمغتنا يمكن أن تتكيف مع التغيرات، وهيكلها يتغير، وحتى في مرحلة المراهقة/الرشد ".
"معرفة الدماغ" هو واحد من التحديات الاستراتيجية الرئيسية التي بواجهها معهد ويلكوم ترست والذي مول مجموعة يعتد بها من أبحاث علوم عصبية neuroscience وصحة عقلية/صحة نفسية، تتراوح من دراسات أجريت على مكونات جزيئية وخليوية إلى أبحاث على نظم معرفية /إدراكية / ذهنية cognition ونظم عليا فالأطباء والباحثون في مركز تصوير الأعصاب في معهد ويلكوم ترست أجروا دراسات على الوظيفة الإدراكية/المعرفية/الذهنية cognitive العليا لمعرفة كيف نشأ التفكير والتصور/الإدراك perception من نشاط الدماغ، وكيف تتدهور هكذا عمليات من جراء أمراض عصبية ونفسية.
"هذه الدراسة المثيرة للاهتمام تبرز مدى "مرونة" الدماغ البشري، وقال الدكتور جون ويليامز، رئيس قسم علوم الأعصاب والصحة النفسية في ويلكوم ترست. "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما إذا كانت التغيرات الهيكلية (في الدماغ) ونحن نكبر (في العمر) تمتد إلى ما وراء معدل الذكاء إلى وظائف معرفية /ذهنية cognitive أخرى. هذه الدراسة تتحدانا في أن نفكر في هذه الملاحظات وكيف يمكن تطبيقها للحصول على نظرة ثاقبة لما قد يحدث عندما يستسلم الأشخاص للاضطرابات العقلية الصحية". 


مصادر من داخل وخارج النص  
١-https://www.studyinternational.com/news/streaming-students-in-school-is-a-long-standing-practice-but-is-it-effective/
٢-تعريف الألغاز المرئية Visual Puzzles هو اختبار فرعي جديد تم تصميمه لقياس التفكير غير اللفظي والقدرة على تحليل وتوليف المؤثرات البصرية المجردة (٣)
هناك العديد من أنواع الألغاز التي تستلزم استخدام التفكير البصري (ظاهر التفمير بمعالجة الصور ، ٤).  أحدها يتضمن أشكالًا هندسية (مثلثات ، مستطيلات ، وما إلى ذلك) تتضمّن عددًا من أشكال أصغر متشابهة (مثلثات ، مستطيلات ، إلخ).  ويتمثل التحدي في تحديد عدد هذه الأشكال في المجموع.  تدعو إستراتيجية الحلول إلى تصور كيف تُركب الأجزاء لتشكيل صور كاملة(٥)
٣-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3263563/
٤- https://ar.m.wikipedia.org/wiki/تفكير_مرئي
٥-https://www.google.com/amp/s/www.psychologytoday.com/us/blog/brain-workout/200903/can-you-solve-these-visual-thinking-puzzles%3famp

المصدر الرئيس
https://wellcome.ac.uk/press-release/brain-scans-support-findings-iq-can-rise-or-fall-significantly-during-adolescence

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد