علمٌ وفكر

العدل الإلهي فلسفة الشرور والآلام

 

الدكتور خليل الطباطبائي ..

تواجه الإنسان في حياته الدنيا الكثير من المصاعب والآلام والأمراض والعاهات والكوارث والمصائب ، وهذه كلّها شرور تعكّر عليه صفْوَ حياته وتسلبه لذّة بقاءه ، ومن هنا يدور في الأذهان سؤال عن السبب في وجود هذه الشرور ، ولماذا لم يخلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في الدنيا في عيش رغيد ونعمة كاملة بدون هم ولا غم ، ولا حزن ولا بلاء.

وقد يعترض بعض الناس الجاهلين بحكمة وجود هذه الآلام في الحياة على العدل الإلهي ويظنّون بربّهم الظنون ، ويعترضون ـ لجهلهم بالحكمة ـ على الله الذي خلق الموت والحياة وما يمر بهم من مصاعب وآلام .

وقد يتطرّف بعضهم أكثر من ذلك ، كما هو الحال في فكر بعض الفلاسفة المادّيين الملحدين ، فيعتبرون وجود هذه الشرور في العالم دليلا على النقص أو الجهل في الخالق ، ومن ثَمّ يُنكرون وجود الله سبحانه وتعالى ؛ لأنّه – حسب تصوّرهم – لو كان الله موجوداً لكان العالم كلّه خير وراحة ، ولا يوجد فيه عناء أو بلاء .

كل هذه التساؤلات وغيرها تدعونا إلى ضرورة مناقشة هذا الأمر بشيء من التفصيل لنعرف ما هي ( فلسفة وجود الشرور والمصائب والكوارث والآلام في الحياة الدنيا ) .

 

  عرض الإشكال تاريخيّاً :

يظنّ بعض الفلاسفة المادّيين والغربيّين بأنّ أوّل مَن طرح هذا الإشكال على المؤمنين هو الفيلسوف الانجليزي ( ديفيد هيوم ) ، ولكن هذا وهْمٌ منهم وجهل بالفلسفة ؛ لأنّ المسألة طُرحت قديماً من قِبل فلاسفة الإغريق ، وكذلك نوقشت بتفصيل في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ـ كما سنرى ـ وبُحثت فلسفيّاً بعمق وإسهاب من قِبل الفلاسفة المسلمين ، مثل : ابن سينا والملاّ صدر الدين الشيرازي ، والحكيم السبزواري ، وأخيراً وليس آخراً العلاّمة السيّد محمّد حسين الطباطبائي وتلاميذه .

ويبدو من بعض القرائن أنّها من المسائل التي شغلت بال الإنسان منذ وطأتْ قَدَمَه هذه الأرض ، وسُئل الأنبياء عنها ، وأجابهم الأنبياء على ذلك كما يبدو من دراسة الكثير من الآيات الكريمة في القرآن الكريم التي تتحدّث عن قصص الأنبياء (عليهم السلام) .

 

  على كلّ حال لمعرفة الجواب نقسّم البحث إلى الأقسام التالية :

تقسيم الموجودات من ناحية الخير والشر :

يُنسب إلى أرسطو قوله : إنّ الموجودات من ناحية الخير والشر يمكن تقسيمها نظريّاً إلى خمسة أقسام :

1 ـ ما هي خير محض لا شرّ فيها أصلاً .

2 ـ ما كان فيها خير كثير وشرّ قليل .

3 ـ ما يتساوى فيها الخير والشر .

4 ـ ما كان فيها شرّ كثير وخير قليل .

5 ـ ما هي شر مطلق لا خير فيها بتاتاً .

 

ويصرّح أرسطو بأنّ الأقسام الثلاثة الأخيرة لا وجود لها مطلقاً في عالم المخلوقات ، وإنّما تنقسم المخلوقات إلى قسمين رئيسيّين :

1 ـ ما هي خير محض لا شرّ فيها أصلاً ، مثل : الملائكة التي خلقها الله سبحانه وتعالى لتقوم بدورها في الوجود ، وكلّها خير لا يصدر منها أيّ شر .

2 ـ المخلوقات التي في وجودها الخير الكثير ، ولكن قد يكون فيها بعض الشرّ القليل ـ لأسباب عديدة سنذكرها لاحقاً ـ وهي مثل الإنسان .

أمّا الأمور الثلاثة الأخرى فلم تُخلق أصلاً ؛ لأنّه ليس في وجودها نفع ولا مصلحة ، والخالق الحكيم لا يخلق شيئاً لا فائدة فيه .

وبناء على هذا الرأي فإنّ خلْق الأشياء التي فيها خير كثير لا ينافي العدل الإلهي حتّى لو كان في وجودها ما يطلق عليه بالشر القليل ؛ بسبب مقتضى وجودها المادي . والخيار هنا بين أمرين :

إمّا أنْ لا يخلقها الله سبحانه وتعالى إطلاقاً فتكون قد حُرمت من الوجود والخير الكثير وهذا ينافي اللطف والكرم الإلهي ، أو أنْ يخلقها الله وفي ذلك خير كثير وهو أكثر من الشر القليل الذي يقتضيه طبعها المادّي . وفي مثل هذه الحالة فإنّ العقل السليم يحكم بأنّه لا يصح ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل. وإذا لاحظنا سيرة الإنسان العاقل في الدنيا فإنّنا نراه يتصرّف ضمن هذا الرأي ، وأوضح مثال على ذلك هو عمل الإنسان بجدّ وجُهد طوال اليوم وما فيه من ضرر وتعب ولكن يبرّره الأجر الذي سيحصل عليه في آخر النهار ، وكذلك الطالب الذي يُجهِد نفسه بالدراسة طوال السنة ، وربّما حرم نفسه من لذّة النوم واللعب ، طمعاً في النجاح في امتحان نهاية السنة .

والتاجر يصرف المال على نقل البضاعة وحملها وخزنها وإيجار المحل ـ وهذه كلّها أضرار مادّية له ـ ولكنّه يراها ضروريّة ؛ لأنّ ربْحه في النهاية سيعوّض عليه كلّ هذه الأضرار وزيادة . فإذن نرى أنّ سيرة العقلاء تشجّع وتؤكّد ضرورة أنّ يتحمّل الإنسان التعب والخسارة القليلة مقابل الفوز بنجاح وربح أكبر ، بل يتعرّض للملامة من لا يوافق على الخسارة القليلة والتي تأتي بأرباح كثيرة .

 

  التحليل الفلسفي للشرور :

إنّ للفلاسفة المسلمين حول التحليل الفلسفي للشرور رأياً آخر نلخّصه في النقاط التالية :

1 ـ الوجود خير مطلق ، والشرّ أمر عدمي وليس موجوداً ، والعدم لا يحتاج إلى علّة .

2 ـ الوجود خير بالذات ، أمّا الشرّ فإنّه يأتي بالعَرَض وليس ذاتيّاً .

3 ـ الشر غير مخلوق إطلاقاً ، ولكنّه يتولّد من تصادم الأشياء وتزاحم المصالح .

4 ـ الشرّ أمر نسبي وليس حقيقي ، فما يكون شرّاً لشخص ما قد يكون خيراً لآخر .

ومعنى كلامهم أنّنا لو دقّقنا النظر في الموجودات التي خلقها الله سبحانه وتعالى لرأينا أنّها كانت عدماً لا قيمة لها إطلاقا ؛ لأنّ العدم هو لا شيء واللاشيء يساوي صفراً ، ثمّ أفاض الله سبحانه وتعالى عليها نعمة الوجود فوُجدت . إذن الوجود هو خير محض ونعمة كبيرة ، وكلّ ما خلق الله من (موجودات) فهو خير محض .

أمّا الشر فهو أمر عدمي وليس وجودي ولذلك لا يحتاج إلى علّة ؛ لأنّ العدم لا شيء ولا يحتاج إلى علّة لبقائه على العدم ، وإنّما يحتاج إلى علّة إذا تحوّل من حالة العدم إلى حالة الوجود . والدليل على أنّ الشر عدمي لأنّه ( سلب الوجود ) ، إذ لو دقّقنا النظر في ما نعتبره شرّاً لرأيناه يرجع إلى حالة واحدة وهي سلب الوجود .

فالمرض نراه شرّاً وهو ليس أمراً وجودياً ، بل هو سلب نعمة الصحّة ، والفقر أمر عدمي وهو سلب الغنى ، والموت أمر عدمي ؛ لأنّه سلب الحياة .

 

إذن كل ما خلق الله سبحانه وتعالى فهو خير محض ، والشرّ لم يُخلق إطلاقاً لأنّه ( عدم ) ، وإنّما يتولّد الشر ( بالعَرَض ) ، ويظهر من ( تزاحم المصالح) بين الموجودات ؛ لذلك فهو أمر( نسبي ) وليس له شأن حقيقي ، فالمطر مثلاً هو خير محض ، ولكنّه عندما يصطدم مع مصلحة البيوت الطينيّة ويسلبها الوجود نعتبر ذلك شرّاً ؛ لأنّه أدّى إلى هَدْمها ، ولكنّ هذه الخاصّية التي نعتبرها شرّاً ليست مخلوقة ، بل تولّدت من تزاحم المصالح بين هطول المطر ليروي الزرع ويملأ الأنهار وليستفاد منه في الشرب والغسل ، وبين قدرة البيوت الطينية على تحمّله ، أي أنّ الشرّ كان :

أوّلاً : معدوماً ، ولأنّه سلب وجود البيت ، فهو ليس مخلوقاً بشكل منفصل .

وثانياً : كان الشرّ أمراً عرضيّاً إذ ليس له وجود ذاتي .

وثالثاً : تولّد من تصادم المصلحة بين نزول المطر وقدرة الطين على التحمّل .

ورابعاً : هو شر نسبي ؛ لأنّ المطر خيرٌ للزراعة والشُرب . وكذلك خلْق العقارب السامّة والحيّات والسِباع وغيرها ، كلّه خير محض ؛ لأنّ كمال العقرب والحيّة أنْ يكون لهما سمّاً زُعافاً ، وهذا لا شرّ فيه مطلقاً ، إذا نظرنا إليه من ناحية الوجود كمخلوق كامل من مخلوقات الله سبحانه وتعالى . وما نسميه شرّاً فهو يتولّد ( عَرَضَاً ) حينما تلدغني العقرب أو تعضّني الحيّة . ويتولّد هذا الشرّ بسبب ( التصادم ) بين سمّ العقرب وبدني الرقيق ، فسَمّ العقرب هو شرّ ( بالنسبة ) لي ، ولكنّه بالنسبة للعقرب والحيّة فإنّ السُمّ كمال وليس شرّاً ؛ لأنّه وسيلة دفاع وبقاء لهما .

إذن كل المخلوقات هي خير ، وما نراه شرّاً لم يُخلق أصلاً ، وإنّما يتولّد من تصادم المصالح بين الموجودات ؛ ولذلك فهو أمر عرضي ونسبي .

قال تعالى : ( الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) سورة طه : آية : 25 .

 

  أقسام العدم :

ومن المفيد أنْ نوضّح هنا بأنّ العدم على ثلاثة أقسام :

1 ـ عدم الوجود : ويعني عدم إيجاد شيء وبقاؤه غير موجود ولا مخلوق ، مثل : عدم وجود العَنْقاء ، أو عدم خلْق زيد من الناس . وهذا النوع من العدم لا يُعدّ شرّاً .

2 ـ عدم ماهيّة لماهيّة أخرى : ويعني فقدان إحدى الماهيّات لوجود ماهيّة أخرى فيها ، مثل فقدان النبات لماهيّة الحيوان . وهذا أيضاً لا يُعدّ شرّاً .

3 ـ عدم كمال الوجود لِمَن له شأن الوجود : ويعني أنّ الموجود له القابليّة على التكامل والنمو ، إلاّ أنّه لم يتطوّر بسبب علل مختلفة أثّرت عليه ، مثل : الزرع الذي لا ينمو بسبب البَرْد والحر الشديد الذي يُفسد الثمار ، والموت الذي يوجب توقّف الحياة للأحياء ، وغيرها . وهذا الشر ـ كما ذكرنا ـ فهو أمر نسبي وعرضي طارئ وليس حقيقيّاً ؛ لأنّ البرد بذاته كمال من الكمالات ، ولكنّه بالنسبة للثمار يمكن أنْ يكون شرّاً .

 

  التحليل التربوي للشرور :

إنّ لوجود المصائب والآلام والمعاناة والتحدّيات في حياة الإنسان دورا كبيرا في رُقِيِّه وتقدّمه العلمي والطبّي والأخلاقي . ولذلك فإنّ الشرور الطارئة عَرَضَاً هي أيضاً مفيدة وليست ضارّة ، كالعملية الجراحية التي فيها شفاء المريض من الموت فلا يُعدّ شرّاً ، والإنسان يطلب من الجرّاح إجراء العملية ويعطيه مالاً على ذلك لإنقاذ حياته ، ولا يعدّ الألم والخسارة المادّية شرّاً له ؛ لِمَا فيها من مصلحة كبيرة .

 

وفيما يلي نذكر بعض فوائد وجود الشرور في حياة الإنسان :

1 ـ المصائب وسيلة لتحريك الطاقات العلميّة عند الإنسان :

لأنّ ازدهار الحضارات والتقدّم المدني في العمارة والبناء والطرق والجسور والكومبيوتر والطب والعلوم كلّه كان بسبب الحاجة ، ولو كان الإنسان لا يحتاج لها لَمَا كان قد فكّر في إيجادها وتذليل العقبات بشأنها ؛ ولذلك قيل ( الحاجة أُمّ الاختراع ) .

 

2 ـ المصائب جرس إنذار طبّي وأخلاقي :

لأنّ وجود الألم عند الإنسان يعني أنّه مصاب بمرض ويجب عليه معالجته قبل أنْ يستفحل ويقتله ، وكثيراً ما تكمن الخطورة في بعض أنواع السرطان الذي ينمو وينتشر في جسم الإنسان الذي لا يحسّ بالألم إلاّ بعد انتشار المرض في جسمه حيث لا ينفع العلاج .

وكذلك الحرمان فهو إنذار أخلاقي للإنسان ؛ لأنّ الغِنى يولّد الغرور والطغيان والتكبّر والاستعلاء وغير ذلك من الصفات الذميمة .

وحاجة الإنسان إلى أخيه الإنسان أو إلى أمور أخرى تجعله يتواضع أخلاقيّاً ويصبح أكثر إنسانيّة ، وبذلك يصعد في سُلّم الكمال بدلاً من السقوط في حضيض الغرور والكبرياء .

قال تعالى : ( إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ) سورة العلق : 6 ـ 7 .

3 ـ البلايا سبب العودة إلى الحق والتوجّه لله سبحانه وتعالى : فالعاصي قد يغفل عن ربّه ويتمادى في عصيانه وضلالته إذا كانت الأمور كلّها مهيّأة له ، ولكنّه إذا اصطدم بالبلاء فإنّ ذلك يُشعره بذنبه وافتقاره إلى الله سبحانه وتعالى فيرجع عن طريق الغواية إلى طريق الهداية ، ويتكامل روحيّاً وأخلاقيّاً .

قال تعالى : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) سورة الروم : 41 .

وقال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) سورة الأعراف : 96 .

 

4 ـ البلايا سبب لمعرفة النِعَم وتقديرها :

إنّ الإنسان لا يحسّ بلذّة الطعام إلاّ إذا أحسّ بالجوع والحاجة إلى الأكل ، ولا يعرف نعمة الراحة إلاّ إذا أصابه التعب ، ولا يعرف قيمة الصحّة إلاّ إذا مرض ، ولا قيمة المال إلاّ إذا خسره ، ولا قيمة النعمة إلاّ إذا فقدها ، وهكذا ؛ فلذلك قيل : ( تعرف الأشياء بأضدادها ) .

 

5 ـ البلايا سبب لبلوغ الكمال :

كالموت الذي يكون سبباً لدخول الجنّة ، وكمال الروح هو في انتقالها إلى عالم آخر أسمى من هذا العالم المادّي ، ولولا الموت لَمَا أمكن للإنسان أنْ يحظى بالنعيم الخالد في الآخرة .

 

6 ـ البلايا عقاب للكافرين والظالمين وثواب وعلوّ درجة للمؤمنين :

إنّ كثيراً من أنواع البلاء هي بسبب ظلم الظالمين وجهل الإنسان نفسه ، ولو اتّبع الناس أوامر الله سبحانه وتعالى لسعدوا في الدنيا والآخرة .

قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) سورة القصص : 59 .

وقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) سورة الرعد : 11 .

وفال تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) سورة الشورى : 30 .

أمّا بالنسبة للمؤمنين ، فإنّ ما يصيبهم من بلاء وعناء في الدنيا فإنّ ذلك سبب من أسباب علوّ درجتهم وتكاملهم ، ممّا يؤهّلهم إلى درجة أعلى في الجنّة خالدين فيها أبداً ، وإنّ كثيراً من أنواع البلاء لَهُوَ كفّارة عن ما ارتكبوه من ذنوب ، فتكون عقوبة معجّلة تنقذهم من عقوبة أشد في البرزخ أو في الآخرة .

أمّا مَن ليس لهم ذنب فإنّ ابتلاءهم هو سبب لعلوّ درجتهم بسبب ما يعانون من جهاد النفس والصبر والرضا واليقين ، وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة التي تجعلهم يرتقون درجات الكمال الإنساني في الدنيا ويستحقّون بذلك أعلى درجات النعيم في الجنّة .

قال الإمام الباقر (عليه السلام) : ( ما من نكبة تصيب العبد إلاّ بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر ) .

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : ( أما إنّه ليس من عِرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلاّ بذنب ، وذلك قول الله عزّ وجلّ في كتابه : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) ) ، ثمّ قال : ( وما يعفو الله أكثر ممّا يؤاخذ به ) .

وفي المروي عن عبد الرحمان بن الحجّاج ، قال : ذُكر عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) البلاء وما يخصّ الله به المؤمن ، فقال (عليه السلام) : (سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مَن أشدّ الناس بلاء في الدنيا ؟ فقال : النبيّون ثمّ الأمثل فالأمثل ، ويبتلى المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمن صحّ إيمانه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه ، ومَن سخف إيمانه وضعف عمله قل بلاؤه ) .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد