علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد جواد مغنية
عن الكاتب :
الشيخ محمد جواد مغنية، ولد عام 1322ﻫ في قرية طير دبّا، إحدى قرى جبل عامل في لبنان، درس أوّلاً في مسقط رأسه ثمّ غادر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية، وحين عاد إلى وطنه، عُيّن قاضيًا شرعيًّا في بيروت، ثمّ مستشارًا للمحكمة الشرعيّة العليا، فرئيسًا لها بالوكالة. من مؤلّفاته: التفسير الكاشف، فقه الإمام الصادق(ع)، في ظلال نهج البلاغة، الفقه على المذاهب الخمسة، علم أصول الفقه في ثوبه الجديد، الإسلام والعقل، معالم الفلسفة الإسلامية، صفحات لوقت الفراغ، في ظلال الصحيفة السجادية، وسوى ذلك الكثير. تُوفّي في التاسع عشر من المحرّم 1400ﻫ في بيروت، ثمّ نُقل إلى النجف الأشرف، وصلّى على جثمانه المرجع الديني السيّد أبو القاسم الخوئي، ودُفن في حجرة 17 بالصحن الحيدري.

الوجود واحد وبسيط

لا شيء أعم من الوجود، لأنه يصدق على جميع المعقولات الذهنية والوجودات الخارجية، بل قد يصدق الوجود على نوع من العدم، فإذا قلت: المعدوم في الخارج لا أثر له، وليس بشيء يحكم عليه، فقد تصورت مفهوم العدم في ذهنك، ثم حكمت عليه بنفي التأثير.

 

والتصور وجود ذهني، وهو قسم من أقسام الوجود، فالعدم يكون قسيمًا ومقابلًا للوجود بلحاظ أن الوجود بما هو مقابل للعدم بما هو، ويكون قسمًا من أقسام الوجود بلحاظ أن مفهوم العدم متصور في الذهن.

 

قال صاحب الأسفار: «انظر إلى شمول نور الوجود، وعموم فيضه كيف يقع على جميع المفهومات والمعاني حتى على مفهوم اللاشيء، وعلى العدم المطلق، والممتنع الوجود بما هي مفهومات متمثلة في الذهن، لا بما هي سلب وعدم» أي أن الوجود يشمل الموجود والممتنع والمعدوم الممكن باعتبار الوجود الذهني.

 

ولأجل هذا الشمول في طبيعة الوجود لم يكن له جنس إذ لا شيء أعم منه، كي يكون جنسًا له، وإذا لم يكن له جنس فلا يكون له فصل، لأن الفصل هو الذي يميز بعض أفراد الجنس عن البعض الآخر، فقولنا: الإنسان حيوان ناطق. فالإنسان نوع، والحيوان جنس يشمل الإنسان والفرس، والناطق فصل يميز أفراد الإنسان عن أفراد الفرس، وما دام الجنس منتفيًا فلا حاجة للفصل. وإذا لم يكن للوجود جنس ولا فصل تعين أن يكون بسيطًا.

 

هذا إلى أنه لو قلنا بأن الوجود مركب لكانت أجزاؤه إما من الوجود، وإما من العدم، فإذا كانت من الوجود يلزم أن يكون الشيء متقدمًا على نفسه بنفسه، لأن الجزء مقدم على الكل بحسب المرتبة.

 

وإذا كانت الأجزاء من العدم يلزم أن يكون الوجود عدمًا، لأن الكل عين أجزائه.

 

كما أن الوجود بسيط لا جنس له ولا فصل كذلك لا ضد له ولا مثيل، إذ كل ما يفرض أنه ضده أو مثيله فإنه يصدق عليه الوجود، والشيء الواحد لا يكون ضدًّا ولا مثيلًا لنفسه.

 

ثم إن الوجود واحد لا تعدد فيه ولا تكثر، إنما التعدد في الكائنات التي يعرض لها، كالحيوان والنبات، ويصدق الوجود على وجودات الكائنات صدق الكلي على جزئياته.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد