
السيد موسى الصدر
﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون﴾ [العنكبوت، 46]
هذه الآية بمفهومها ومشابهاتها وردت في عشرات من مواضيع القرآن الكريم. والغاية محاولة خلق نوع من الحوار الهادئ مع أهل الكتاب يختلف عن الحوار الذي يجب على المسلمين أن يمارسوه مع المشركين أو مع الكفار أو مع الملحدين. والسبب في ذلك، أن أساس الدين، أساس كل دين هو الله، هو معرفة الله، فعندما يعرف الإنسان الله، ويؤمن به إيمانًا صحيحًا لا إيمانًا تجريديًّا، فهذا الإيمان ينعكس على سلوك الإنسان، لأن الله عادل عالم رؤوف رحيم عزيز، الإنسان يختار في سلوكه طريقًا يجعله ناجحًا في هذا الكون، ولأن الإنسان والكون كلاهما من خلق الله.
إذًا، الإنسان والكون معًا مخلوقان على أساس العدل والعزة والرحمة والعلم والحق، وهذا المفهوم وارد في كثير من الآيات القرآنية ﴿وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾ [الدخان 38 ـ 39].
عند ذلك مجرد الإيمان بالله إيمانًا صحيحًا يجعل سلوكًا معينًا أمام الإنسان ويضمن نجاح الإنسان في حياته. أما الشريعة والأحكام والحلال والحرام والتعاليم الأخرى، حتى الإيمان بالأنبياء، جميع هذه الأمور فروع للإيمان بالله.
إذًا، للإنسان المؤمن موقفان، موقف بالنسبة إلى المؤمنين بالله، وموقف بالنسبة إلى غير المؤمنين بالله. أما غير المؤمنين بالله، فواجب المسلم يظهر من خلال سورة البراءة... بالنسبة إلى المؤمن بالله المبدأ واحد، والينبوع واحد ونقطة البداية واحدة، والخطوط العريضة للسلوك واحدة. إذًا، ليس هناك إلا التفاصيل وبعض التفاصيل، فلا يستحق أهل الكتاب من الإنسان المسلم إلا الجدال بالتي هي أحسن، لا الضرب ولا الطعن ولا المقاتلة ولا المقاطعة ولا حتى العنف في البحث، بل علينا أن نقول لهم، ﴿آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد﴾. وأكثر من ذلك، علينا أن نقول أننا جميعًا، له، أي لله مسلمون.
والحقيقة أن معنى الإسلام في القرآن الكريم، يختلف عن المصطلح الشايع للإسلام عند الناس، فالإسلام عند الناس يعني دين "محمد" عليه الصلاة والسلام، أما الإسلام في القرآن الكريم فهو دين الله، التسليم لله، ولذلك دعوة الأنبياء جميعًا، دعوة "آدم" و"نوح" و"إبراهيم" و"موسى" و"عيسى" و"محمد"، كلها تسمى في القرآن الكريم بالإسلام. وهذا واضح في الآيات القرآنية، أن "إبراهيم" هو الذي سمانا مسلمين وأنه عندما بنى هو و"إسماعيل" البيت العتيق، الكعبة المكرمة، قال: ﴿ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم﴾ [البقرة، 128].
إذًا، الإسلام دين "إبراهيم" و"إسماعيل"، ومشابه هذه الآيات وردت في النبي "موسى" وحتى في السيد المسيح عندما يقول القرآن الكريم ناقلًا قصة المسيح مع اليهود، حيثما قال: ﴿فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحوّاريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأننا مسلمون﴾[آل عمران، 52].
بناءً على ذلك، للإنسان المؤمن تجاه أهل الكتاب ليس إلا الجدال بالتي هي أحسن، لأن الله واحد، والله الذي أنزل إلينا وأنزل إليهم واحد، وما أنزل إلينا ما أنزل إليهم نؤمن به جميعًا لا نفرق بين أحد من رسله ﴿وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون﴾.
هنا استثناء واحد فقط بالنسبة إلى أهل الكتاب عندما نقرأ الآية بالشكل التالي ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم﴾.
فالظلم لا يطيقه القرآن الكريم، ويعتبر أن أسوأ المعاصي وأشد الذنوب وأكبر الكبائر هو الظلم. فالظلم لو حصل من المسلم تجاه المسلم لا يحتمل، فكيف إذا حصل من غير المسلم. وأظن أن الذين ظلموا رغم وجودهم بين المسيحيين أيضًا إنما يقصد القرآن بذلك اليهود، لأنهم، أي اليهود، وصفهم القرآن الكريم، في سورة الجمعة مرتين، وصفهم بأنهم هم الظالمون، فإذا راجعنا سورة الجمعة نجد هذه الآية ﴿مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين﴾ [الجمعة، 5]. وآية أخرى في نفس السورة المختصرة التي نتلوها كل جمعة ﴿قل يـا أيها الذين هـادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا المـوت إن كنتـم صادقيـن * ولا يتمنونـه أبـدًا بما قدمت أيديهم والله عليمٌ بالظالمين﴾ [الجمعة 6 ـ 7]. إذًا، إن الذين ظلموا من أهل الكتاب هم اليهود.
وهنا نصل إلى النتيجة، أو واجب المسلمين أمام المسيحيين هو الجدال بالتي هي أحسن. التعاون والمحبة والإيمان بالله الواحد، والاعتراف بالإسلام الواحد، والجدال بالتفاصيل بالوجه الحسن. أما بالنسبة إلى الذين ظلموا، أو اليهود، فهم ملحقون بالنسبة إلى المشركين وبالنسبة للملحدين كما تصفهم آيات أخرى من القرآن الكريم وتصنفهم من الصنف الآخر، عندما يقول: و﴿لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا﴾ [المائدة، 82] بينما بالنسبة إلى المسيحيين يقول: ﴿ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانًا وأنهم لا يستكبرون﴾ [المائدة، 82].
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (3)
محمود حيدر
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}
الشيخ مرتضى الباشا
أكبر مسؤوليات التربية... منع تسلّط الوهم على الفطرة
السيد عباس نور الدين
الحرص على تأمين الحرية والأمن في القرآن الكريم
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
نوازع وميول الأخلاقيات
الشيخ شفيق جرادي
المذهب التربوي الإنساني
الشهيد مرتضى مطهري
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
الشيخ جعفر السبحاني
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟
الشيخ محمد صنقور
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (لمز) في القرآن الكريم
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (3)
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
لا محبّ إلّا اللَّه ولا محبوب سواه
الدّريس يدشّن ديوانه الشّعريّ الأوّل: (صحراء تتنهد ومطر يرقص)
جلادة النّقد
{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}
فوائد الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر
معنى (نسف) في القرآن الكريم
أكبر مسؤوليات التربية... منع تسلّط الوهم على الفطرة