قرآنيات

خصائص القرآن على المستوى الفرديّ

 

الإمام الخامنئي "دام ظله"
موجب خروج الإنسان من الظلمات إلى النور
إنّ القرآن نور، وهو في الواقع يُنير القلب والروح. وإذا أنِستم بالقرآن فسوف ترون كيف تتنوّر قلوبكم وأرواحكم. فببركة القرآن تنجلي الكثير من الظلمات والغشاوات عن قلب الإنسان وروحه. أليس هذا أفضل؟ ﴿يُخرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ ﴾ . يقول الله تبارك وتعالى، بواسطة القرآن، ﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ﴾، فببركة القرآن يخرج الإنسان من ظلمات الأوهام والأخطاء والزلّات والاشتباهات إلى نور الهداية.
إنّ القرآن كتاب المعرفة، ونحن نجهل الكثير من المسائل على صعيد الحياة، والمستقبل، والتكليف الحاليّ، والهدف من الوجود، وكثير من المجالات الأخرى. البشر مشحونون بالجهالات، والقرآن يجلب المعرفة للإنسان .
إذا كان الحقّ والباطل قابلين للخلط والاشتباه، فلا بدّ من معيار للتشخيص؛ لأنّ الله لا يُمكن أن يترك الناس من دون دلائل وعلامات. فما هو معيار معرفة الحقّ والباطل هذا؟ يجب البحث عنه بدقّة في القرآن والحديث وكلمات الأولياء والعظماء .


القرآن الكريم طريق الهداية
القرآن نور وهداية وبيان وتبيان، والقرآن يتحدّث مع الإنسان ويتحدّث مع قلب الإنسان ومع باطن الإنسان. يجب الأنس بالقرآن والاقتراب منه، والفائدة الأولى يجنيها القلب المستعدّ الجاهز. فإذا وجدتم قلوبكم قريبة من القرآن الكريم فاشكروا الله، وإذا وجدتم أنفسكم تتقبّل المعارف القرآنيّة بسهولة وتحملونها في قلوبكم، فاعلموا أنّ الله تعالى أراد أن يهديكم، ﴿فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهدِيَهُۥ يَشرَح صَدرَهُۥ لِلإِسلَٰمِ وَمَن يُرِد أَن يُضِلَّهُۥ يَجعَل صَدرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَاءِ﴾؛ هذه هي ميزة القرآن. إذا اقتربت قلوبكم من القرآن الكريم واستأنستم به فاعلموا أنّ الله تعالى أراد هدايتكم، وهذه أكبر النعم الإلهيّة .


بثّ الوعي في الحياة الفرديّة وتوجيهها
من المسائل التي تكرّرت في القرآن وجرى التركيز فيها مسألة الذكر. والذكر يعني التنبّه والوعي والتوجّه. تقول الآية القرآنيّة الكريمة: ﴿لَقَد أَنزَلنَا إِلَيكُم كِتَٰبا فِيهِ ذِكرُكُم﴾ . فقد عرّفت القرآن بأنّه واسطة الذكر والوعي والتوجّه لكلّ مسلم من المسلمين؛ لأنّ أكثر الناس على طول الزمان كانوا في غفلة عن حقائق العالم، وفي المقدّمة غفلتهم عن الذّات الإلهيّة المقدّسة. لقد بُيّنت مطالب كثيرة حول الذكر والغفلة في سور القرآن، وبحسب ظنّي فقد جرى التركيز في هذين المطلبين في سورتي "يس" و"الأنبياء" أكثر من السور الأخرى.
يريد القرآن من المسلمين أن يخرجوا من غفلتهم ويكونوا منتبهين. ويقف في مقابل هذه الإرادة الإلهيّة والقرآنيّة إرادة سكارى القدرة وأسارى الشهوة. تُبيّن الآية القرآنيّة الشريفة في سورة "النساء" إرادة الله بهذا النحو: ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُم وَيَهدِيَكُم سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبلِكُم﴾، يعني يريد الله أن يهديكم ويدلّكم على سواء السبيل ويُبصّركم ويوعّيكم. ويُبيّن سبحانه في الآية التي تلي، الإرادة المقابلة: ﴿وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيلًا عَظِيما﴾، فأتباع الشهوة يريدونكم أن تنحرفوا انحرافًا تامًّا. إنّ سكارى القوّة والشهوة غافلون، ويريدونكم أن تكونوا مثلهم في الغفلة والضياع.
أعزّائي، هذه التلاوة التي نُصرّ عليها بهذا المقدار، هي الخطوة الأولى اللّازمة. القرآن يُعرّف نفسه بتعاريف شتّى؛ فيقول من بينها: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلقُرءَانَ يَهدِي لِلَّتِي هِيَ أَقوَمُ﴾؛ أي إنّ القرآن يهدي الإنسان للسبيل الأفضل، والعمل الأفضل، والنظام الأفضل، والمنهج الأفضل، والأخلاق الفضلى، وأساليب العمل الفرديّ والجماعيّ الفضلى. إنّ القرآن حيّ على الدوام، القرآن يهتمّ بحاجات الإنسان، ويُمكنه في كلّ عصر أن يكون أفضل وصفة لسعادة الإنسانيّة .


القرآن الكريم يعدّل السلوك الإنسانيّ
الوصيّة هي أن تعملوا على الأنس بالقرآن مهما استطعتم. "اشتغلوا بالقرآن أكثر فأكثر، وتعلّموا منه أكثر، وتدبّروا أكثر، واجعلوه درسًا وعبرة لحياتكم وسلوككم" .
يجب أن تكون أعمالنا قرآنيّة وإلهيّة؛ فلا نكتفي بالقول واللسان والادّعاء، بل نخطو ونتحرّك عمليًّا على هذا الطريق. فحيثما أنستم بالقرآن وتلوتموه، ومتى ما وجدتم أمرًا أو هدايةً أو نصيحةً، فاسعوا بالدرجة الأولى إلى أن تُرسّخوها في وجودكم وباطنكم وقلوبكم، وتجعلوها ظاهرة في أعمالكم. فلو أنّ كلّ واحدٍ منّا تعهّد بهذا في عمله، فإنّ مجتمعنا سيتقدّم ويُصبح قرآنيًّا .
 

يحلّ جميع المشاكل الفرديّة:
يجب الاقتراب من القرآن. أنتم أيّها الشباب الأعزّاء، وكلّ الشباب الذين يسمعون هذا الكلام في أنحاء البلاد، اعلموا أنّ في القرآن الحكمة، وفيه النور، وفيه الشفاء. إنّ العُقد التي تنشأ في قلب الإنسان وروحه، جرّاء تحدّيات العالم المادّيّ، يُمكن أن تُفكّ جميعها بلمسة من أطراف أنامل الحكمة القرآنيّة. هذه حقيقة؛ الحكمة القرآنيّة تفتح القلب، وتشرح الصدر، وتُعطي الأمل، والنور، والعزم الراسخ للسير على الصراط المستقيم. يجب التوجّه إلى القرآن ونهل هذه الأمور .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد