قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عن الكاتب :
أحد مراجع التقليد الشيعة في إيران

بقاء الروح في القرآن

لا ينبغي الالتباس، إنّنا نريد القول بأنّ القرآن لم يتطرق إلى مسألة الروح وبقائها، بل نريد أن نقول إنّه لم يوقف إثبات المعاد عليها، فهناك عدّة آيات في القرآن أشارت صراحة أو تلميحاً إلى بقاء الروح واستقلالها وعدم فنائها بفناء البدن، ومن ذلك ما ورد في الآية 170 من سورة آل عمران بشأن الشهداء في سبيل اللَّه: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبْيلِ اللَّهِ امْوَاتاً بَلْ احْياءٌ عِنْدَ رَبِّهْمِ يُرزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالّذينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ألّا خَوْفٌ عَلَيِهُمِ وَلَاهُمْ يَحْزَنُونَ».

 

فالآية صريحة في بقاء أرواح الشهداء، ونعلم أنّ هذا الحكم لا يختص بالشهداء في سبيل اللَّه، وذلك لعدم وجود الفارق بين روح هؤلاء والآخرين من حيث المادية وعدمها، وإن اقتصر الذكر عليهم فذلك لأنّ الكلام كان بشأن وضع الشهداء من قبل الناس (كما يستفاد ذلك من سبب نزول الآية). كما ورد في الآية 46 من سورة غافر: «النَّارُ يُعْرَضونَ عَلَيْهَا غُدُواً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ادْخِلُوا آلَ فِرْعَونَ اشَدَّ الْعَذابِ».

 

هذه الآية أيضًا وإن كانت في آل فرعون، إلّا أنّ المسلّم به أنّها لا تختص بهذه الحفنة من الظلمة والآثمة، وعليه فالآيتان تفيدان أنّ لأرواح المحسنين والمسيئين بعد الموت الحياة برزخية، ولذلك فهي من الأدلة على استقلال الروح.

 

ويستفاد من الآية القرآنية: «قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ» «1» وسائر الآيات المشابهة كالآية 50 من سورة الأنفال والآية 42 من سورة 7 الزمر والآية 36 من سورة يونس وغيرها، أنّ في الوجود الإنساني شيئًا يؤخذ منه عند موت الجسم حيث عبرت عن الموت بالأخذ، وهذا يدل على عدم فناء الإنسان كلياً بموت الجسم حيث يبقى منه شيء، فالتعبيرات إشارة لطيفة إلى بقاء الروح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) . سورة السجدة ، الآية 7 .

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد