من التاريخ

النبيّ المبعوث


الشيخ جعفر كاشف الغطاء

فمن الواجب العينيّ على كلّ مكلَّفٍ أن يجدّ ويجتهد في معرفة النبيّ المبعوث لإبلاغ الأحكام، وتمييز الحلال والحرام، والمنكرُ له منكرٌ لثبوت الأحكام الشرعية، نافٍ لوجوب الطاعة والخدمة لربّ البريّة، وهو على حدّ الكفر بالربوبيّة.
وقد دلَّت المعجزات الباهرة والبراهين الظاهرة على أنّ النبيّ المبعوث إلينا، والمفروض طاعته من الله علينا أعلى الأنبياء قدراً، وأرفع الرُّسل في الملأ الأعلى ذكراً، الَّذي بَشّرت الرُّسل بظهوره، وخُلقت الأنوار كلّها بعد نوره؛ محمّد المختار، وأحمد صفوة الجبّار، ذو الآيات والظاهرة والمعجزات المتكاثرة، الَّتي قصُرت عن حصرها ألسُن الحُسّاب، وكَلَّت عن سطرها أقلام الكتّاب: كانشقاق القمر، وتظليل الغمام، وحنين الجِذع، وتسبيح الحصى، وتكليم الموتى، ومخاطبة البهائم، وغرْس الأشجار على الفور في القِفار، وإثمار يابس الشجر، وقصّة الغزالة مع خِشفيها، وخروج الماء من بين أصابعه، وانتقال النخلة جملةً ثمّ رجوعها، وانتقالها نصفاً بعد نصفٍ إليه، وشفاء الأرمد لمّا تفلَ في عينيه، ويقظته بعد نوم عينيه، وإخبار الذراع له بأنّه مسموم، وانتصاره بالرعب بحيث يخافه العدوّ من مسير شهرَين، وأنّه لا يمرّ بشجرٍ ولا حَجرٍ إلّا سجدَ له، وبَلْع الأرض الحدثين من تحته، وعدم طول قامة مَن حاذاه على قامته، وأنّ إبصاره من خلفه كإبصاره من أمامه، وإكثار اللبن في شاة أُمّ معبد، وإشباع الجمّ الغفير من الطعام القليل، وطيّ البعيد إذا توجّه إليه، ونزول المطر عند استسقائه، ودعائه على سُراقة فغاصت قوائم فرسه، ثمّ عفا عنه فأُطلقت، ودعائه على عامر بن الطفيل وزيد لمّا أرادا قتله، فهلك عامر سريعاً، وقُتل زيد بصاعقة، واتّساع القدح الضيّق لدخول كفّه فيه عند وضوئه، وانفجار الماء من بئر دارسة لوقوع ماء وضوئه فيها، وانفجار ماء بئر أُخرى لا ماء فيها وسَقيُ ألف وخمسمائة منه، وعماء عيون الجيش لرميه بكفٍّ من تراب، وردّ عين بعض أصحابه بعد سقوطها إلى محلَّها واستقامتها فيه، وتسبيح الطعام في يديه، وارتعاش الحكَم بن العاص حتّى مات لاستهزائه به، وعمى الناظر إلى عورته، وبرَصُ امرأة خطبها من أبيها فاعتذرت كاذبة بأنّها برصاء فصارت برصاء، وتأثير قدميه في الأرض الصلبة، وعدم تأثيرهما في الرخوة، وإضاءة جبينه كالقمر المنير، وإضاءة أصابعه كالشموع، وعدم ظهور الظلّ له إذا وقف في ظلّ الشمس أو ضوء القمر، وعدم علوّ الطيور عليه، وعدم وصول الذباب والبقّ إلى بدنه... ونبات الشعر على رؤوس الأقرعين بوضع يده عليها، وإعطائه الجريدة لبعض أصحابه عِوضَ سيفه فصارت سيفاً بإذن الله، وإعطائه عرجوناً لشخص في ليلة مظلمة فأضاء، ونبات الشجر في فم الغار، وتعشيش الحمامَين، ونسْج العنكبوت فيه، ومسْح ضرع شاةٍ لا لبنَ فيها فدرّت، ودعواه النصارى إلى المباهلة فعلموا صدقه، وأبوا ودفعوا الجزية، وحصول المهابة له في القلوب مع حُسن أخلاقه، وبشاشته وتواضعه، بحيث لم يتمكَّن أحد من إمعان النظر إلى وجهه، ولم ينظر إليه كافرٌ أو منافقٌ إلّا ارتعش من الخوف، وإطاعة الشمس له في التأنّي في الغروب مرّة، وفي الطلوع أخرى، وإطاعة الشجرة له فجاءت في الأرض وسلّمت عليه، ودعائه على بعضٍ اجترأ عليه بأنّ اللَّه يسلَّط عليه كلباً من كلابه، فسلَّط عليه أسداً فقتله، وبخور عرقه الشريفة أطيب من كلّ عطر، وحدوث الطيب من ماء بئر لوقوع البصاق من فيهِ فيه، وإعطائه جوامع الكلِم، وتهنئة أمّه من السماء وما رأت من كراماته حين الحمل وبعد الولادة، وإخبار الأحبار عنه قبل ولادته بسنين، وتزلزل إيوان كسرى عند ميلاده، حتّى سقط منه أربع عشرة شرفة، وغوص بُحيرة ساوة، وخمود نار فارس ولم تخمد قبل بألف سنة، واضطراب الأحبار والرهبان عند ولادته حتّى رآه بعضهم، ورأى خاتَم النبوّة بجسمه الشريف فحذّر اليهود منه، وقال لهم: إنّه نبيّ السيف.

الإخبار عن آخر الزمان
وإخباره بالمغيّبات، كإخباره عن عترته الطاهرة واحداً بعد واحد، وما يجري عليهم من القتل والسَّبي من بني أُميّة وبني العبّاس، وإخباره عن أهل النهروان، وإخباره عن وقعة صفّين، وعن قتل عمّار، وأنّه تقتله الفئة الباغية، وأنّ آخر شرابه من الدنيا ضياح من لبن، وإخباره عن وقعة الجمل، وخروج عائشة على عليّ عليه السلام، ونباح كلاب الحَوْأَب عليها.
وإخباره عن خلفائه الاثني عشر، وإخباره عن دوام مُلك النصارى، وإخباره عن عليٍّ عليه السلام من أنّه يقتَل بضربة في شهر رمضان على أمّ رأسه فتُخضب شيبته من الدماء، وإخباره عمّا يجري عليه، وعلى الزهراء عليهما السلام بعد موته.
وإخباره بقتل الحسن عليه السلام بالسُّمّ، وقتل الحسين عليه السلام في كربلاء بعد شهادة أصحابه غريباً وحيداً، وإخباره عن ما يجري على وَلَدِه الرضا عليه السلام في طوس، ودفنه فيها، وإخباره لجابر بملاقاة الباقر عليه السلام، وإخباره بموت أبي ذرّ وحيداً غريباً.

وإخباره بشهادة جعفر الطيّار، وزيد، وعبد الله بن رواحة في وقعة مؤتة، وإخباره بقتل حبيب بن عديّ في مكّة، وإخباره بأنّ ملك المسلمين يأخذ على أطراف الأرض، وإخباره بالمال الَّذي أخذه عمّه العباس في مكَّة، وإخباره بالظَّفَر بخيبر...
وإخباره بموت النجاشي حين موته فصلَّى عليه بالمدينة، وإخباره بقتل الأسود الكذّاب ليلة قتله، وهو بصنعاء اليمن.
وإخباره بأنّ واحداً من أصحابه - وكانوا مجتمعين - يكون من أهل النار، فارتدّ واحدٌ منهم وقُتل، وإخباره بقتل أُبيّ بن خلف الجمحي فقُتل.
وإخباره يوم بدر بمصارع أصحابه وتعيين مواضعها على نحو ما وقع، وإخباره بأنّ فاطمة عليها السلام أسرع لحوقاً به من أهل بيته، وإخبار نسائه بأنّ أطولهنّ يداً في الصدقات أوّل لاحقةٍ به.
وإخباره عن الأنبياء السابقين، وعمّا في الكُتب المنزلة عليهم من ربّ العالمين، مع أنّه كان يتيماً لم يُودع عند المعلّمين، وأميّاً لا يعرف كتب العربيّة، فضلًا عن كتب المتقدّمين.
وإخباره عن أُمّته بأنّها تنتهي فِرقها إلى ثلاثة وسبعين، وإخباره عن صحيفةٍ كُتبت ودُفنت في الكعبة، وإخباره عن مقدار دولة بني أُميّة، وإخباره بِعُقد السحر الملقاة في البئر، وإخباره عن بعض أسرار نسائه.
وإخباره بعدم إيمان كفّارٍ بأعيانهم، وإخباره عمّن رجع عن جيش أُسامة، وإخباره عن موت شخصٍ نجا من خارج فجاء وكشف عنه، فرؤيت أفعى في ثيابه، فسأله هل تصدّقت؟ فقال: نعم، فقال: «دَفَعَتْ عنكَ الصَّدَقة» إلى غير ذلك.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد