من التاريخ

وفدُ النَّخْع إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله

 

«كان آخر مَن قدِمَ من الوفد على رسول الله صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم وفدُ النّخْع، وقدِموا من اليمن للنّصف من المحرّم، سنة إحدى عشرة، وهم مائتا رجل، فنزلوا دار رَملة بنت الحارث، ثمّ جاؤوا رسول الله صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم مُقرّين بالإسلام، وقد كانوا بايعوا معاذَ بنَ جبل باليمن، وكان فيهم زرارة بن عمرو... فقال: يا رسولَ الله، إنّي رأيتُ في طريقي رؤيا هالتني.

قال: وما هي؟

قال: رأيت أتاناً خلَّفْتُها في أهلي ولدتْ جَدْياً أَسْفَعَ أَحْوَى [أي أَسود ليس بشديد السّواد]، ورأيتُ ناراً خرجت من الأرض فحالتْ بيني وبين ابنٍ لي - يُقال له عمرو - وهي تقول: لَظى لَظى، بصيرٌ وأعمى.

فقال النبيّ صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم: أَخَلَّفْتَ في أَهْلِكَ أَمَةً مُسِرَّةً وَلَداً؟

قال: نعم.

قال: فَإِنَّها قَدْ وَلَدَتْ غُلاماً وَهُوَ ابْنُكَ.

قال: فما بالُه أسفع أحوى؟

قال: ادْنُ مِنّي، أَبِكَ بَرَصٌ تَكْتُمُهُ؟

قال: والّذي بعثَكَ بالحقّ، ما علمَه أحدٌ قبلك.

قال: فَهُوَ ذاكَ، وَأَمّا النّارُ فَإِنَّها فِتْنَةٌ تَكونُ بَعْدي.

قال: وما الفتنةُ يا رسول الله؟

قال: يَقْتُلُ النّاسُ إِمامَهُمْ، يَشْتَجِرونَ اشْتِجارَ أَطْباقِ الرَّأْسِ - وخالف بين أصابعه - دَمُ المُؤْمِنِ عِنْدَ المُؤْمِنِ أَحْلى مِنَ الماءِ، يَحْسَبُ المُسيءُ أَنَّهُ مُحْسِنٌ، إِنْ مِتَّ أَدْرَكَتْ ابْنَكَ، وَإِنْ ماتَ ابْنُكَ أَدْرَكَتْكَ.

قال: فادعُ اللهَ لي ألَّا تُدرِكَني، فدعا له».

(النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد