من التاريخ

وصية السيد المرعشي النجفي لولده

 

1 ـ ..أوصيه بـترويج الدين الحنيف والذَّبّ عن المذهب الحقّ، وقد أصبح غريباً ينادي بأعلى صوته: هل من ناصرٍ ينصرني؟ هل من ذابٍّ يذبّ عنّي؟ ولا أرى مَن يُلبّي دعوتَه ويجيب صرختَه، إلّا القليل، شكر الله مساعيهم وجزاهم خير الجزاء.
2 ـ وأوصيه بالتدبّر في كتاب الله والاتّعاظ به، وبزيارة أهل القبور، والتفكير في أنّهم مَن كانوا بالأمس، فما صاروا اليوم؟ وكيف كانوا، فكيف صاروا؟ وأين كانوا، فأين هم اليوم؟
3 ـ وبتقليل المعاشرة، فإنّ المعاشرة والدخول في نوادي الناس في هذه الأعصار مخطورٌ محظور، قلّما يُرى نادٍ يخلو عن (البهتان) والغيبة في حقّ المؤمنين... وتضييع حقوقهم واُخوّتهم.
4 ـ وأوصيه بصلة الرحم، فإنّه من أقوى أسباب التوفيق والبركة في العمر والرزق.
5 ـ وأوصيه بالتصنيف والتأليف ونشر كتب أصحابنا الإماميّة، لا سيّما كتب السلف؛ فإنّه من أقوى ترويج المذهب في هذا العصر المتعوس والدهر المنكوس.
6 ـ وأوصيه بالزهد وسلوك مسلك الورع والحزم والاحتياط.
7 ـ وأوصيه بمداومة قراءة زيارة «الجامعة الكبيرة»، ولو في الأسبوع مرّة.
8 ـ وأوصيه بالاشتغال والجدّ في العلوم الشرعيّة.
9 ـ وأوصيه بالتجنّب عن اغتياب عباد الله، لا سيّما أهل العلم؛ فإنّ غيبتهم أكل ميتة مسمومة.
10ـ وأوصيه بقراءة سورة (يس) بعد فريضة الفجر كلّ يوم مرّة، وبقراءة سورة (النبأ) بعد فريضة الظهر كذلك، وبقراءة سورة (العصر) بعد فريضة العصر كذلك، وبقراءة سورة (الواقعة) بعد فريضة المغرب كذلك، وبقراءة سورة (الملك) بعد فريضة العشاء كذلك. وأؤكّد عليه بالمداومة على ما ذكرت، فإنّي أروي هذه الطريفة عن مشايخي الكرام، وجرّبتها مراراً.
11 ـ وأوصيه بمداومة قراءة هذا الدعاء الشريف في قنوتات فرائضه.. (اللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ فاطِمَةَ وَأَبيها، وَبَعْلِها وَبَنيها، وَالسِّرِّ المُسْتَوْدَعِ فيها، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَفْعَلَ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلا تَفْعَلْ بي ما أَنا أَهْلُهُ).
12 ـ وأوصيه بمداومة هذا الدعاء بعد ذكر الركوع، لا سيّما في الركعة الأخيرة :(اللَّهُمّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَرَحَّمْ عَلى عَجْزِنا وَأَغِثْنا بِحَقِّهِمْ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ).
 13 ـ وأوصيه بمداومة تسبيحات جدّتنا الزهراء البتول روحي لها الفداء.
 14ـ وأوصيه بمداومة التدبّر في خطبة تلك السيّدة الطاهرة الزكيّة التي خطبت بها في مسجد النبيّ؛ الخطبة الشهيرة التي أعيت الفصحاء والبلغاء والعلماء "..".
15 ـ وكذا أوصيه بالتدبّر في الخطبة الشقشقيّة التي خطب بها مولانا أمير المؤمنين وسيّد المظلومين... وقد رواها جمّ من النقلة الأثبات.. من الفريقين.
16 ـ وأوصيه مؤكداً بصلاة الليل والاستغفار بالأسحار.
17 ـ وأوصيه بصلة الرحم لا سيّما إخوته وأخواته، وبالبرّ في حقّهم، فإنّي لم أترك لهم بعدي شيئاً من زخارف الدنيا...
18 ـ وأوصيه بمدارسة القرآن الكريم الشريف والأحاديث المنيفة، فإنّها شفاء لأمراض القلب وتُنير الباطن.
19 ـ وأوصيه بالتوسّل ومداومة الأدعية والأذكار.


20 ـ وأوصيه بتجنّب البطالة و(عدم) صرف العمر العزيز في ما لا يعني، فقد روي أنّ الله تعالى شأنه يبغض الشابّ الفارغ.
21 ـ وأوصيه بالاستغفار في آناء الليل وأطراف النهار.
22 ـ وأوصيه بالبرّ في حقّ من ربّيته من تلاميذي الأتقياء ومَن أحسن إليَّ فأعانني.
23 ـ وأوصيه بأن لا ينساني من الدعاء في مشاهد موالينا الأئمّة الكرام ومشاهد أولادهم وفي الحجّ والعمرة.
24 ـ وأوصيه بالجدّ والاجتهاد في إقامة الشعائر في الحسينيّة التي أسّستها في قُم المُقدّسة.
25 ـ..وأوصيه بأن يدفن معي ثوبي الأسود الذي كنت ألبسه في شهرَي محرّم الحرام وصفر حزناً في مصائب آل النبيّ الأكرم.
26 ـ وأوصيه أن يدفن معي الخمرة (السجّادة) التي صلّيت عليها سبعين سنة صلاة الليل.
 27 ـ وأوصيه أن يدفن معي السُّبحة التربتيّة (التُّرْبِيَّةِ) التي استغفرت بعددها في الأسحار.
28 ـ وأوصيه أن يجعل على صدري في كفني المنديل الذي نشّفت (دموعي) في رثاء جدّي الحسين المظلوم وأهل بيته المكرّمين سلام الله عليهم أجمعين.
29 ـ وأوصيه ... أن يستنيب لي عبداً صالحاً لزيارة مشاهد العراق.
30 ـ وأوصيه بدوام الطهارة، فإنّه منير للباطن ومزيل للهموم والأحزان.
31 ـ وأوصيه بأن يعيّن شخصاً في تشييع جنازتي ينادي بأعلى صوته ويستحلّ لي من كلّ مَن له حقّ عليَّ وقد فاتني أداء حقّه.
32 ـ وأوصيه بحسن الخلق والتواضع وترك النخوة والتجبّر والتكبّر مع المؤمنين.
33ـ وأوصيه بمحاسبة نفسه في كلّ أُسبوع حسبة الشريك شريكه بالمداقّة، فإنّه إن وجد زلّة صدرت منه تداركها بالتوبة، وإن وجد حسنة في أعماله شكر المولى سبحانه على النعمة، والتمس منه تعالى مزيد التوفيق.
34 ـ وأوصيه بالمداومة على السُّنن والمُستحبّات وترك المرجوحات والمكروهات مهما أمكن.
35 ـ وأوصيه بتلاوة القرآن الشريف، وإهداء ثوابه إلى أرواح شيعة آل الرسول الذين لا وارث لهم، أو لا مُتذكّر في حقّهم، فإنّي قد جرّبت هذه الحسنة مراراً، ووفّقني ربّي الكريم بما وفّقني بسببها.
36 ـ وأوصيه أن يجعل ثلث أعماله المُستحبّة لوالده، وثلثها لوالدته، وثلثها الثالث لذوي حقوقه، وأرواح هؤلاء تفرح بهذه وتدعو له بأن يرزقه باريه خير الدارَيْن.
37 ـ وأوصيه بتهذيب النفس، والمجاهدات الشرعيّة، فإنّي نلتُ بها ما نلت.. وقد أودعت بعض هذه الأسرار في كتاب مخصوص سمّيته بـ(سلوة الحزين) تارةً، و(مؤنس الكئيب المضطهد) أخرى، و(روض الرياحين) ثالثة، و(نسمات الصبا) رابعة، أيّاً ما شئت فسمّه يا ولدي...
38 ـ وأوصيه بالورع عن المحارم، والتجنّب عن الشُّبهات، والأخذ بالحزم والاحتياط. ".."
حرّره العبد الحقير، خادم علوم أهل البيت، أبو المعالي شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي عفى الله عنه، وكان له في كلّ حال، في سحر ليلة الخميس لعشرٍ بقين من ثاني الربيعَين من شهور سنة 1398 من هجرة سيّد المرسلين، في مشهد الستّ الجليلة كريمة آل الرسول فاطمة المعصومة ببلدة قمّ المشرّفة...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد