قراءة في كتاب

الفرقة النّاجية


ربى حسين ..
روي عن النّبي (ص) أنه قال: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة"، والمعتقد بهذه الفرقة شيعة أهل البيت الّذين يتبعون عليّا (ع) وآله أولياء لهم. وقد طرح الشّيخ إبراهيم بن سلمان القطيفي هذه المسألة في كتابه "الفرقة النّاجية".


وهي الّتي تتبع وصيّي عليًّا
"يا من جعل عليًّا العلي الهادي إلى دين مختاره في الحاضر والبادي، بل ممّن خلق ويخلق إلى يوم التّناد، محمد مرجع الحمد في المقام المحمود يوم المعاد، هو مدينة العلم وعلي الباب حفظًا ودخولًا وخروجًا".  بهذه الكلمات استهلّ الكاتب مقدّمة كتابه للدّلالة على المنزلة الرّفيعة لأمير المؤمنين علّي بن أبي طالب عليه السّلام. هذا الإمام الّذي وصّى به النّبي الأكرم في يوم غدير خم قائلًا "اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبَّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار".
يزخز الفصل الأوّل من الكتاب بالأحاديث والرّوايات الكثيرة المتّفق عليها من قبل الفرق الإسلاميّة المختلفة، والّتي توثّق ولاية الإمام علي(ع) من بعد الرّسول الأكرم(ص) كبرهان ساطع يدحض كلّ ما يقال هنا أو هناك خلاف ذلك.


ويطهّركم تطهيرًا
أما في الفصل الثاني من الكتاب فقد تطرّأ الكاتب إلى مطلبين، كان أوّلهما تطهير أهل البيت من الرّجس والذّنوب والفواحش ما ظهر منها وما خفي، وذلك في قوله تعالى: "إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرًا". كما أنّه اعتبر أنّ لا خفاء في أنّ الآية الكريمة دلّت على معتقد الإماميّة من عصمة العترة، لأنّ نفي الرّجس عنهم وإثبات التّطهير يقتضي ذلك، فهم المعصومون الهادون واتّباعهم هو النّجاة لأنّهم يهدون إلى الحق وبه يعدلون، فالفرقة المتبعة لهم المنسوبة إليهم هم الفرقة النّاجية بلا شك ولا شبهة. وأضاف قائلًا: "ومن العجب نفي بعض الأمّة العصمة مع إثباتهم معناها بالآية، وهي ظاهرة فيه لغةً وعرفًا".  
ويلفت الكاتب النّظر هنا إلى حديث الكساء المأخوذ عن النّبي (ص)، والمروي عند أهل الشّيعة كما أهل السّنة أمثال مالك أبن أنس، صحيحي مسلم والبخاري، وسنن أبي داوود. ويتساءل كيف أنّ الّله تعالى الذي جعل مودّتهم أجر الرّسالة وجعلهم قسمًا لبكر فطرته في التّوبة كيف تتطرق إليهم المعصية أو احتمالها. ومما يوضح ما ذكر هو، ما رواه أحمد ابن حنبل في مسنده أن رسول الله (ص) أمسك بيد حسن وحسين، ثم قال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما فهو معي في درجتي يوم القيامة.


طاعة أهل البيت (ع)
أما المطلب الثاني الّذي أتى الكاتب على ذكره فهو أنّ أهل البيت هم من يجب لهم الطّاعة والتمسك ما وجب لكتاب اللّه تعالى، بدليل ما اتّفق على نقله المؤالف والمخالف، وما تكرّر من النّبي (ص) أيّام حياته إلى حين وفاته. فعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عن رَسُولُ اللَّهِ (ص) أنّه قال "إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا". وأكّد الكاتب أن التّمسّك بالعترة واجب لاتّصافهم بالعلم والتّقوى مع شرف النّسب، هذه العترة المعصومة الّتي لا تفترق عن القرآن أبدًا.


إثنا عشر أميرًا
وفي الفصل الأخير يبحث الكاتب مسألة أنّ الأئمة هم إثنا عشر فقط، فعن عبد الملك أنّه قال: سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النّبي (ص) يقول: "يكون بعدي إثنا عشر أميرًا". من هنا يؤكّد الكاتب أنّ التّكليف ينقطع بعد الإمام المهدي(عج) لأنّه محل قيام السّاعة، فعبّر عنه بأن أمر النّاس يكون ماضيًا ما دام، لأنّ بعده لا يمضي لهم أمر يعتدّ به.
"من أحَبَّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحَبل الله المتين فليُوال عليّاً بعدي وليُعادِ عدوّه وليَأتمّ بالأئمّة الهداة من وُلدِه فإنّهم خلفائي وأوصيائي وحُجج الله على خلقه بعدي وسادات أمُتي وقوّاد الأتقياء إلى الجنّة"، من هنا يؤكّد الكاتب أنّه لا يخفى أنّ الآيات الكريمة كآيات التّطهير والولاية والأمر والتّبليغ وغيرها من الآيات متّفقة على مدح وتقديم محمد وأهل بيته، والرّوايات مثل رواية التّمسك بالثّقلين، والنّص على الإثني عشر إجمالًا، والتشبيه بسفينة نوح وغيرهما دليل على ذلك. فكان المتّفق عليه المروي من فرق الإسلام هو الموافق لكتاب الله وهو شرف الآل والأهل وفضلهم وإمامتهم ووجوب التّمسك بحبلهم وأن من تمسّك بهم فهو ناج.

ويختم الكاتب موضوعه بحديث لا تستطيع أمامه إلّا أن تقر بأن الفرقة النّاجية هم عليّ وشيعته:  فقد ورد في كتاب بشارة المصطفى لشيعة علي المرتضى بحذف الإسناد: دخل رسول الله (ص) على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فرحًا مسرورًا مستبشرًا فسلم عليه فرد (عليه السلام) وقال: يا رسول الله ما رأيتك أقبلت علي مثل هذا اليوم؟
فقال: حبيبي وقرة عيني أتيتك أبشرك، فقال اعلم أن هذه الساعة نزل علي جبرئيل قائلًا: الحق جل جلاله يقرئك السلام ويقول لك: بشر عليًّا (ع) أن شيعته الطائع والعاصي منهم من أهل الجنة، فلما سمع مقالته خر لله ساجدًا فلما رفع رأسه رفع يديه إلى السماء ثم قال: أشهد والله على أني قد وهبت لشيعتي نصف حسناتي، فقالت فاطمة الزهراء(ع): يا رب اشهد علي بأني قد وهبت لشيعة علي بن أبي طالب نصف حسناتي، قال الحسن (ع): يا رب اشهد علي أني قد وهبت لشيعة علي بن أبي طالب نصف حسناتي، قال الحسين (ع): يا رب اشهد أني قد وهبت لشيعة علي بن أبي طالب نصف حسناتي، فقال النبي (ص): ما أنتم بأكرم مني اشهد علي يا رب أني قد وهبت لشيعة علي بن أبي طالب (ع) نصف حسناتي فهبط الأمين جبرئيل (ع) وقال: يا محمد إن الله تعالى يقول: ما أنتم أكرم مني إني قد غفرت لشيعة علي بن أبي طالب (ع) ومحبيه ذنوبهم جميعًا ولو كانت مثل زبد البحر ورمل البر وورق الشجر.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد