الإمام الخميني (قده) ..
في الاعتبار من الآخر
أيها العزيز...!
يا من تقرأ هذه الوريقات، خذ العبرة من حال هذا الكاتب الّذي يرزح الآن أو مستقبَلاً تحت الثرى، وهو في العالم الآخر مبتلى بأعماله وأخلاقه ... فاْنتبه إلى نفسك لأنّك ستكون يوماً مثلي دون أن تعلم متى يكون ذلك. فلعلّك الآن وأنت مشغول بالقراءة، إذا تباطأت ذهبت الفرصة من يدك.
يا أخي، لا تؤجّل هذه الأمور لأنّها لا تحتمل التأجيل، فكم من إنسان سليمٍ وقويٍّ فاجأه الموت في لحظة، وأخرجه من هذه الدنيا إلى العالم الآخر ولا نعلم عن مصيره شيئاً. إذاً، لا تضيّع الفرصة؛ بل اغتنم اللّحظة الواحدة، لأنّ القضيّة عظيمة الأهميّة، والرحلة شديدة الخطورة.
في الإخلاص
يا من تدّعي الإِيمان وخضوع القلب في حضرة الله ذي الجلال...!
إذا كنت تؤمن بكلمة التوحيد، ولا يعبد قلبك غير الواحد، ولا يطلب غيره، ولا ترى الألوهيّة تستحقّ إِلّا لذاته المقدّسة، وإذا كان ظاهرك وباطنك يتّفقان فيما تدّعي، فلماذا نجدك وقد خضع قلبك لأهل الدنيا كلّ هذا الخضوع؟ لماذا تعبدهم؟ أليس ذلك لأنّك ترى لهم تأثيراً في هذا العالم، وترى أنّ إرادتهم هي النافذة، وترى أنّ المال والقوّة هما الطاقة المؤثّرة والفاعلة؟ وأنّ ما لا تراه فاعلاً في هذا العالم هو إرادة الحقّ تعالى، فتخضع لجميع الأسباب الظاهريّة، وتغفل عن المؤثّر الحقيقيّ وعن مسبّب جميع الأسباب، ومع كلّ ذلك تدّعي الإِيمان بكلمة التوحيد.
في الزهد
يا من تدّعي الزهد والإِخلاص...!
إذا كنت مخلصاً حقاً، وأنّك لأجل الله ولأجل دار كرامته تزهد عن مشتهيات الدنيا، فما الّذي يحملك على أن تفرح بمدح الناس لك، والثناء عليك بقولهم أنّك من أهل الصلاح والسداد؟ فيملأ السرور قلبك، ولماذا لا تبخل بشيءٍ في سبيل مجالسة أهل الدنيا وفي سبيل زخارفها، وتفرّ من الفقراء والمساكين؟ فاْعلم أنّ زهدك وإخلاصك ليسا حقيقيّين، بل إنّ زهدك في الدنيا هو من أجل الدنيا، وأنّ قلبك ليس خالصاً لوجه الله، وأنّك كاذب في دعواك، وأنّك من المتلوّنين المنافقين.
في الخلافة الحقيقية
أنت يا من تدّعي الولاية من جانب ولي الله...!
والخلافة من جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن كان واقعك مطابقاً للحديث: "صَائِنَاً لِنَفْسِهِ، حَافِظاً لِدِينِهِ، مُخَالِفاً لِهَواهُ، مُطِيعاً لأَمْرِ مَوْلاه"، وإذا كنت ورقة على غصن الولاية والرسالة، ولا تميل إلى الدنيا، ولا تحبّ التقرّب إلى السلاطين والأشراف، ولا تنفر من مجالسة الفقراء، فإنّ اسمك يطابق مسمّاه، وأنّك من الحجج الإِلهيّة بين الناس، وإلّا فإنّك من علماء السوء، وفي زمرة المنافقين وحالك أسوأ، وعملك أقبح، ويومك أشدّ سواداً، لأنّ الحجّة على العلماء أتمّ.
في إعمار الآخرة
يا من تدّعي امتلاك الحكمة الإِلهية...!
والعلم بحقائق المبدأ والمعاد، إذا كنتَ عالماً بالحقائق في الأسباب والمسبّبات، وإذا كنت حقّاً عالماً بالصور البرزخيّة وأحوال الجنّة والنار، فلا بُدّ أن لا يقرّ لك قرار، وعليك أن تصرف كلّ وقتك في إعمار عالم البقاء، وأن تهرب من هذه الدنيا ومغرياتها، فأنت عالم بما هنالك من مصائب وظلام وعذاب لا يُطاق.إذاً، لماذا لا تتقدّم ولو خطوة واحدة خارج حجب الكلمات والألفاظ والمفاهيم، ولم تؤثّر في قلبك البراهين الفلسفيّة قدر جناح ذبابة؟ إذاً، أنت خارج عن زمرة المؤمنين والحكماء.
في هوى النفس
اعلم أيها العزيز...!
إنّ رغبات النفس وآمالها لا تنتهي ولا تصل إلى حدّ أو غاية. فإذا اتّبعها الإنسان ولو بخطوة واحدة، فسوف يضطر إلى أن يتبع تلك الخطوة خطوات، وإذا رضي بهوى واحد من أهوائها، أجبر على الرضى بالكثير منها. ولئن فتحت باباً واحداً لهوى نفسك، فإنّ عليك أن تفتح أبواباً عديدة له. إنّك بمتابعتك هوى واحداً من أهواء النفس توقعها في عدد من المفاسد، ومن ثمّ سوف تُبتلى بآلاف المهالك، حتّى تنغلق لا سمح الله جميع طرق الحقّ بوجهك في آخر لحظات حياتك.
في ترك المخجل
يا أخي...!
إذا كنتَ تعرف أنّك من أتباع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وتريد أن تحقّق هدفه، فاْعمل على أن لا تخجله بقبيح عملك وسوء فعلك. ألا ترى أنّه إذا كان أحد من أولادك والمقرّبين إليك يعمل القبيح وغير المناسب من الأعمال الّتي تتعارض وشأنك، فكم سيكون ذلك مدعاة لخجلك من الناس، وسبباً في طأطأة رأسك أمامهم؟ ولا بدّ أن تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعليّ عليه السلام، هما أبوا هذه الأمّة بنصّ ما قاله النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: "أنا وَعَلِيٌّ أَبَوا هذِهِ الأُمَّة".
في التهيّؤ للرحيل
أيها العزيز...!
إنّ أمامك رحلة خطرة لا مناص لك منها، وأنّ ما يلزمها من عدّة وعدد وزاد وراحلة هو العلم والعمل الصالح. وهي رحلة ليس لها موعدٌ معيّن، فقد يكون الوقت ضيّقاً جدّاً، فتفوتك الفرصة. إنّ الإنسان لا يعلم متى يقرع ناقوس الرحيل للانطلاق فوراً. إنّ طول الأمل المعشّش عندي وعندك الناجم من حبّ النفس ومكائد الشيطان الملعون ومغرياته، تمنعنا من الاهتمام بعالم الآخرة ومن القيام بما يجب علينا. وإذا كانت هناك مخاطر وعوائق في الطريق، فلا نسعى لإزالتها بالتوبة والإنابة والرجوع إلى طريق الله، ولا نعمل عل تهيئة زاد وراحلة، حتّى إذا ما أَزِف الوعد الموعود اضطررنا إلى الرحيل دون زاد ولا راحلة. ومن دون العمل الصالح.
في الاهتمام بالفطرة
أيها الهائمون في وادي الحسرات...!
والضائعون في صحاري الضلالات. بل أيّتها الفراشات الهائمة حول شمعة جمال الجميل المطلق، ويا عشّاق الحبيب الخالي من العيوب والدائم الأزليّ، عودوا قليلاً إلى كتاب الفطرة وتصفّحوا كتاب ذاتكم لتروا أن قلم قدرة الفطرة الإلهيّة قد كتب فيه ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ﴾. فهل أنّ فطرة الله الّتي فطر الناس عليها هي فطرة التوجّه نحو المحبوب المطلق؟ وهل أنّ الفطرة الّتي لا تتبدّل ﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ هي فطرة المعرفة؟ فإلى متى تُوجّه هذه الفطرة الّتي وهبك الله إيّاها نحو الخيالات الباطلة.
في مرض النفس
أيها العزيز....!
إنّه مثلما يكون لهذا الجسد صحّة ومرض، وعلاج ومُعالج، فإنّ للنفس الإنسانيّة أيضاً صحّة ومرضاً، وسقماً وسلامة، وعلاجاً ومُعالجاً. إنّ صحّة النفس وسلامتها هي الاعتدال في طريق الإنسانيّة، ومرضها وسقمها هو الاعوجاج والانحراف عن طريق الإنسانيّة، وإنّ الأمراض النفسيّة أشدّ فتكاً آلاف المرات من الأمراض الجسميّة. وذلك لأنّ هذه الأمراض إنّما تصل إلى غايتها بحلول الموت. فما أن يحلّ الموت، وتفارق الروح البدن، حتّى تزول جميع الأمراض الجسميّة والاختلافات الماديّة، ولا يبقى أثر للآلام أو الأسقام في الجسد. ولكنّه إذا كان ذا أمراض روحيّة وأسقام نفسيّة لا سمح الله فإنّه ما أن تُفارق الروح البدن، وتتوجّه إلى ملكوتها الخاصّ، حتّى تظهر آلامها وأسقامها.
في الوثوق باللّه
أيها الإِنسان المسكين...!
الّذي لم تجنِ من عبادتك ومناسكك إلّا البعد عن ساحة الله المقدّسة، والاستحقاق للعتاب والعقاب، علامَ اعتمادك؟! ولماذا لا يقلقك ولا يزعجك الخوف من شدّة بأس الحقّ؟ أعندك متّكأ تتّكى عليه؟ أتثق بعملك وتطمئنّ إليه؟ إذا كان الأمر كذلك فالويل لك من معرفتك بحالك وحال مالك الملوك! وإذا كان اعتمادك على فضل الحقّ وسعة رحمته وشمول عناية ذاته المقدّس، لكان ذلك في محلّه جدّاً.
لقد اعتمدت على أمر وثيق، ولجأت إلى أوثق ملجأ.
في معرفة عظمة اللّه
أيها العزيز...!
كن على حذر، لئلّا تخلط بين الرجاء والغرور. فقد تكون مغترّاً وتحسب نفسك من أهل الرجاء. إنّ من السهل التمييز بين الحالين في مباديهما.
أنظر إلى هذه الحال الّتي فيك والّتي تظنّ نفسك بها بأنّك من أهل الرجاء. فهي إمّا أن تكون ناشئة من التهاون في أوامر الحقّ سبحانه والتقليل منها، وإمّا أن تكون ناجمة عن الاعتقاد بسعة رحمة الله وعظمة ذاته المقدّسة. وإذا عسر عليك التمييز بينهما أيضاً، أمكنك التمييز من خلال الآثار. فإذا كان الإحساس بعظمة الله في القلب، وكان قلب المؤمن محاطاً برحمة ذاته المقدّسة وعطاياه، لقام القلب بواجب العبوديّة والطاعة.
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم