إيمان شمس الدين
مقدمة
التاريخ هو علم صيرورة الإنسان الذي يكون في حالة حركة وتكوين دائميين. فهو يعني بمعرفة الكيفية التي تكون وصار فيها الإنسان ومعرفة العلل والعوامل والقوانين التي كانت سببًا وراء ذلك التغير والتحول والرشد والتكامل والمرض والصحة والعنف والقدرة التي جعلت للإنسان أو المجتمع الإنساني.
تكمن أهمية التاريخ في معرفة التالي :
١- التجارب البشرية واستخلاص السنن التاريخية منها والتي هي بمثابة قوانين اجتماعية تكشف لنا كيف يمكننا قيادة محيطنا بأقل الأخطاء والنهوض به وفق تلك القوانين فهي ترسم لنا المسارات ونهاية كل مسار ونتائجه ليحقق الإنسان باختياره المسار الأكثر فائدة للإنسان والمجتمع .
٢- تكشف لنا بعدين :
بعد متحرك تتعلق ملابساته بالزمان والمكان نستطيع الاستفادة معرفيا منه غالبًا كون هذا البعد ليس ثابتًا ولكنه تحرك تحت مظلة الثوابت وشكل تجربة بشرية فتحت بابًا للمعرفة.
البعد الثاني هو البعد الثابت الذي يشكل القانون والمسار الذي يتحكم بالمجتمعات عبر التاريخ .
٣- العبرة التي تعني الاستفادة من التجربة ومراكمتها وليس فقط الاتعاظ
فالعبرة تكون على مستويين :
الأول فردي وهو المستوى الذي يشكل حركة الاتعاظ والمراجعة الفردية في علاقته مع الله وعلاقته مع المحيط .
الثاني: اجتماعي متعلق بالاستفادة من التجارب البشرية في كافة الأصعدة ومراكمتها كون طبيعة المجتمعات متحركة وحراكها يكون بالعقل.
٤- تكشف قراءة التاريخ آليات تفاعل العقل مع النص ومساحات التطبيقات العملانية له وكيفية التعامل مع النصوص عبر الزمن لتتكشف لنا قوانين تصب في صالح قراءة واعية للدين ومراكمة له ومطورة لفهمه وليس له .
ويطالعنا التاريخ بحكايات تعكس التجارب البشرية في كل علائقها المرتبطة بوجودها الاجتماعي وما يترتب عليه من بناءات سياسية واقتصادية وثقافية وفكرية ودينية .
تشكل هذه التجارب ركيزة مهمة في المعرفة البشرية كمصدر ملهم من جهة يراكم الخبرة والتجربة وكمعين زمني يختصر الوقت والجهد ويوفر كثير من الطاقات .
فالتاريخ تحكمه سنن تحدد من خلال اختيار منتسبيه من البشر مساراتهم وأحداثهم وتبين آلامهم وآمالهم ولحظات انتصاراتهم وهزائمهم وغيرها. وهو من يمدنا بطاقة معرفية توضح لنا آليات صناعة مستقبل أقل أخطاء وأكثر إشراقًا وخدمة للإنسان .
التاريخ والتجربة البشرية:
ولو ركزنا تاريخيًّا على التجرية الدينية وعلاقتها بالآراء والآخر قد نستخرج بإطلالة سريعة تجاربًا مهمة بهذا الصدد تساعدنا في معالجة إشكاليات مشابهة في عصرنا متعلقة بأهمية العقل وآليات التعاطي مع الآخر والآراء البشرية خاصة تلك التي تستند لقراءة خاصة للنص .
ومن جهة أخرى لو استقرأنا التجربة الغربية في التطور العلمي سنجد شبهًا بشريًّا في منهجية التعاطي مع الآراء المتعددة، سواء تلك التي خرجت عن المشهور العلمي أو الإجماع العلمي .
لا يمكننا إلا أن نعترف بأن التجربة البشرية هي أحد مصادر المعرفة البشرية، وهي ضمن منظومة المعرفة في طول الوحي لا في عرضه، وكون استلهام وادراك التجربة من وظيفة العقل، وتنضيج فهم النص وفق التجارب البشرية أيضا عقلي، بالتالي هذا الإقرار النظري لا يمكنه أن يحقق غاياته إلا إذا تم تطبيقه، كون النظريات الشمولية عادة يتوافق تنظيرها مع تطبيقها وإلا كان هناك خللًا في البين.
كل التجارب البشرية هي محل استفادة ونقد، وهي مصدر معرفي هام في مواكبة النص للزمان والمكان عن طريق العقل .
ونهج الشهيد مطهري هو تجربة دينية بشرية تعتبر مصدرًا من مصادر المعرفة كون المدرسة الإسلامية في نظرية المعرفة تعتبر مصادر التشريع هي: الحس والتجربة والوحي والعقل والوجدان
وكون الشخصية هنا هي شخصية تاريخية إسلامية علمائية فتصبح تجربتها خلاصة لتاريخ مزج به العقل بالوحي بالوجدان بالحس وخلص عملانيًّا لتجربة ميدانية تطبيقية لكل ما اعتقده واستلهمه من كتاب الله وسنة نبيه وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.
إن دراسة شخصية الشهيد مطهري من زاوية مشروع النهضة تتطلب منا إلمامًا بظروفه التاريخية في أبعادها السياسية والثقافية والدينية والفكرية وقراءة أهم التحديات التي شكلت في ذلك الوقت إشكاليات معرفية طرحت تساؤلات كبرى على الإسلام وأحدثت زلزالًا في بنية العقل في ذلك الزمان، ومن ثم معرفة موقع المؤسسة الدينية وأجوائها الفكرية والمعرفية وهل واجهت وواكبت تلك المرحلة وما هي آليات مواجهتها، لندرك أهمية تجربة الشهيد مطهري في مشروع النهضة ومحوريتها وأثرها التاريخي.
مشروع النهضة :
النهضة فكرة قرآنية أسسها الله تعالى لترسم معالم الإنسان في أبعاد كثيرة، تبدأ في معراجها نحو النهوض من دائرة الذات وتتسع هذه الدائرة إلى الأسرة، ومن ثم تأخذ اتساعاتها أبعادًا تشمل الممجتمع ومن ثم الدولة بحدودها الجغرافية الخاصة والخارج جغرافية أي دولة الإنسان.
والنهضة متصلة اتصال عضوي وظيفي بالتغيير ببعده الإيجابي، كونها كفكرة تكتنز في عمقها الحركة وليس الركود، والحركة باتجاه تصاعدي، وهي من مقومات التغيير - أي الحركة - ومن مصاديق الحركة التصاعدية المقاومة التي تعني رفض ومواجهة كل ما من شأنه سلب مقومات إنسانية الإنسان، وهي الحرية والإرادة والاختيار، سواء بالاستبداد أو الفساد الذي يعيق نهضة الإنسان والمجتمعات والدول، أو بالاحتلال الذي يسلب المقدرات والثروات والمقومات ويهدر الطاقات فيمنع النهضة كونها مقوضة لوجوده ومانعة لهيمنته.
" إن الإحياء الشامل لمفاهيم الإسلام هو الشرط الأساس عند دعاة النهوض والإصلاح لكل تغيير في الواقع، ولكل عملية بناء وتشييد، والمدخل للخروج من نفق التبعية والتخلف".
الشيخ مرتضى مطهري - الإشكالية الإصلاحية وتجديد الفكر الديني ص ١٣٥ / د.خنجر حمية - سلسلة أعلام الفكر والإصلاح في العالم الإسلامي - مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي.
قد يكون للحضارات الإنسانية دور في تجديد ثقافتها الإسلامية، لما للحضارة من دور وظيفي في النهوض بالثقافة، وكون الثقافة تدخل في تشكيل الهوية، بالتالي تأتي خطوات النهضة والثبات - رغم التأرجح في البين - من هذا التلاقح الايجابي وكيفية استنطاق تاريخ الحضارات ومخزونها في الوجدان والذاكرة استنطاقًا معرفيًّا، قادرًا على فتح أفق عقلية راكمت خبراتها وتجاربها لتنهض في قراءة النص وتستطيع أن تستفيد من التجربة الإنسانية في النهوض بالتجربة الدينية، وتطوير بنية الفهم والعقل في سبيل اتساع دائرة هذا الفهم للنص
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان