الإمام الخامنئي "دام ظله"
«إنّنا نتعرّض للصّدأ والتلَف، فقلوبنا وأرواحنا يعتريها الصّدأ بشكلٍ مستمرّ أثناء مواجهتنا لوقائع الحياة اليوميّة، ولا بدّ من وضع هذا الصَّدَأ في الحسبان وتلافيه بالطُّرق الصحيحة؛ وإلّا لَتعرّض الإنسان للفناء، فلربّما يكون الإنسان قويّاً شديداً من الناحية الماديّة والظاهريّة، لكنّه سيَفنى معنويّاً إنْ لم يضع التعويض عن هذا التلف في الحسبان.
يقول القران الكريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ..﴾فصّلت:30، فقولهم ﴿رَبُّنَا اللَّهُ﴾ يعني الإقرار بالعبوديّة لله والتسليم له؛ وهذا أمرٌ في غاية العظَمة؛ لكنّه ليس كافياً، فحينما نقول: (ربُّنا الله) إنّما ذلك حسنٌ جداً لذلك الأوان الذي نُطلقها فيه، لكنّنا إذا نسيناها فإنّ (ربّنا الله) الذي أطلقنا اليوم لن تُجدينا نفعاً في الغد، لذلك فالآية تقول: ﴿ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾، أي يستقيمون ويثبتون ويمضون على هذا الطريق.
وهذا ممّا يؤدّي إلى أن ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾، وإلّا لا تتنزّل عليهم ملائكة الله إن غطُّوا في سباتٍ لحظةً أو آناً واحداً، ولا يُدرك الإنسان نور الهداية ولا تمتدّ نحوه يد العون الإلهي، ولا يبلغ الإنسان مقام العباد الصالحين؛ فلا بدّ من مواصلة هذا الدّرب والمضيّ في ﴿ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾، وإذا ما أردتم أن تتحقّق هذه الاستقامة، فعليكم الحذر دائماً من أن يهبط ميزان المعنويّة هذا عن مستواه المطلوب.
إنّ هذه الأشهر فرصة لإعادة النظر، ولقد كان أولياء الله وأئمّة الهدى عليهم السلام، يُواظبون على المناجاة الشعبانية.
وإنّني سألتُ إمامنا العظيم ذات مرة: أيَّاً من الأدعية ترجِّح؟ فذكر منها اثنَين: أحدهما المناجاة الشّعبانيّة، والآخر دعاء كميل. فهذان الدّعاءان يحتويان على مضامين راقية، وهذه الأدعية ليس من شأنها القراءة فقط، أي ليس أن يملأ الإنسان الأجواء بصوته ويتفوّه بهذه الكلمات فقط. فهذه حالة قشريّة ليس لها شأن يُذكَر؛ بل لا بدّ أن تتناغم هذه المفاهيم مع الفؤاد ويدخل القلب رحابها. وإنّ هذه المفاهيم الراقية والمضامين البهيّة بألفاظها الرائعة، إنّما الغاية منها أن تستقرّ في فؤاد الإنسان. (إِلهِي هَبْ لِي كَمال الاِنقطاعِ إِلَيْكَ، وَأَنِرْ أَبْصارَ قُلُوبنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيْكَ)، أي اللّهمّ اجعلني دائم الاتّصال والارتباط بك، وأدخِلني في حريم عزّك وشأنك، وأنِر بصيرةَ فؤادي بحيث تقوى على النظر إليك: (حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ القُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ)، فيقدر بصري على اختراق كافّة الحجب النوارنيّة، ويجتازها حتّى يصلَ إليك ليراكَ ويدعوك.
إنّ بعض الحُجُب حُجُب ظلمانيّة، فالحُجُب التي نتكبّل بها نحن ونَقَع في أَسْرِها ونَتشبّث بها - حجاب الشهرة، حجاب البطن، حجاب الحسد، وحجاب التمنّيات - إنّما هي حُجب ظلمانيّة وحيوانيّة، بَيْدَ أنّ ثمّة حُجُباً أخرى تعترض الذين يتخلّصون من هذه الحُجُب، وهي الحُجُب النورانيّة، فانظروا كم هو سامٍ وراقٍ العبور من هذه الحُجب بالنسبة للإنسان، فأيّما شعبٍ أَنِسَ هذه المفاهيم، وأورد فؤادَه هذا الرحاب، وساوقَ مسيرته وفق هذا الميزان، سيمضي قُدُماً وتتصاغر أمام عينيه الجبال...
إنّ لدينا ثروة كبيرة، من قبيل دعاء أبي حمزة، ودعاء الإمام الحسين عليه السّلام في يوم عرفة، وهذه الأدعية يقرأها شبابنا دون أن يدركوا معانيها: (إِلهِي هَبْ لِي قَلْباً يُدْنِيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ)، فما أكثر الأدعية الموجودة عندنا والتي تحمل مثل هذه المعاني السّامية والمضامين العالية والعميقة، كالمناجاة الشعبانيّة والصحيفة السجّاديّة، فعلينا أن نبيّن هذه الأدعية لشبابنا؛ كي يقرؤوها بإمعانٍ وتدبّرٍ واستيعاب».
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
فلسفة العمل ومبدأ التنمية المتواصلة
كيف يسمح الدّماغ بشعورين متناقضين؟
المعروف والمنكر والأكثريّة الصّامتة
الإسلام ونظريّة الأخلاق
رؤية المدرسة الإماميّة في جمع القرآن
الشيخ عبدالكريم الحبيل: أخلاق فاطمة الزهراء عليها السلام
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (5)
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي