مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عباس نور الدين
عن الكاتب :
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران: الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه.

الصوم الهادف (4)

 

السيد عباس نور الدين
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين، ألا لله الدين الخالص}.
الإخلاص لله سبحانه وتعالى هو شرطٌ أساسي لقبول الأعمال وللقرب منه تعالى، فلا يُتقرّب إلى  الله إلا بالإخلاص له، قال الله عز وجل في حديثٍ قدسي: "لا أقبل إلا ما كان لي خالصًا".
إنّ الأعمال التي تعدّ في الحياة الدنيا وسيلة التقرب لا ترتفع بالإنسان إلا إذا كانت في المبدأ وفي الغاية لله. 
في المبدأ أي أن تكون نابعة من أوامر إلهية. وفي الغاية والمقصد أي أن لا يقصد منها إلا الله سبحانه وتعالى، أي ألا يقصد منها الحظوظ النفسانية مهما كانت هذه الحظوظ ساميةً، حتى لو كانت من قبيل الهداية، المعارف،الآخرة، الجنة، فإذا طلبها لنفسها لا تكون لله.
إنّنا كبشر مفطورون على طلب الحقّ سبحانه وتعالى أي مفطورون على الإخلاص. لقد أودع الله فينا فطرة التوجه الخالص إليه، ولذلك نحن لا نحتاج إلى أكثر من العودة إلى فطرتنا؛ لا كما تصوّر البعض بأنّ الإخلاص أمر مستحيل، وأنّ الإنسان مفطور على الطمع وطلب الحظوظ الذاتية، كلا، إنّ فطرتنا الأصلية هي فطرة عشق الله وطلب الله والتوجه إليه دون سواه. 
إذا كان الله عز وجل يأمرنا بالرجوع إليه، فإنّه حتمًا سيزودنا بإمكانية الرجوع إليه، أما أن يأمرنا بالرجوع  إليه {إنّ إلى ربك الرجعى} ثم بعد ذلك يجعل في تكويننا توجهًا إلى غيره فهذا مستحيل، {تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرً}.
أمّا على مستوى التطبيق والعمل يحتاج الإخلاص أحيانًا كثيرة  إلى مجاهدة كبرى، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الصيام في شهر رمضان، وفي غيره من الأيام،  وسيلة لتثبيت الإخلاص؛ كما رُوي عن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) أنّها قالت "وجعل الله تعالى الصيام تثبيتًا للإخلاص".


إذا كان للصيام دورٌ كبير في تحصيل الإخلاص، فكيف يحصل ذلك؟
إنّ الله سبحانه وتعالى أمرنا بعبادةٍ تكون فيها حالة الإخلاص سهلة جدًّا. فنحن حين نلتزم بالصيام، فلا نأكل ولا نشرب طيلة النهار، من الفجر وحتى المغيب، مع إمكانيّة أن نخالف ذلك بالسرّ ومن دون أن يدركنا أحد، لكنّنا مع ذلك نثبت على الصيام، فهذا حتمًا دليلٌ على وجود نيّة صادقةٍ لله في النفس. 
وتصوروا أنّ هذا الأمر يستمر لساعات طويلة، وتصوروا أنّه يستمر عبر هذا الشهر المبارك. حتمًا إنّ هذه الحالة التي تكون حالة ضعيفة أو جزئية في النفس سوف تتفاقم وتزداد حضورًا فينا. 
هذه من أهم حالات أو آثار الصيام على حياة الإنسان المعنوية، من هنا جُعل الصيام تثبيتًا للإخلاص.
وقد ورد في الحديث: "الصوم لي". بالتأكيد،  كل العبادات هي لله سبحانه وتعالى، لكن كأن هذا الحديث يريد أن يقول لنا أنّنا بالصيام نستطيع بسهولة أن نستشعر حضور الله عز وجل  والتوجه إليه وطلبه.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد