مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عباس نور الدين
عن الكاتب :
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران: الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه.

الصوم الهادف(6)

 

السيد عباس نور الدين
ما معنى أن نكون في ضيافة الله؟
شهر رمضان شهر الاستمداد من الله تعالى ويحصل الاستمداد بواسطة الانقطاع إلى الله؛ حيث إنّ هذا الشهر يمثل بروحه حالة الانقطاع إلى الله حين تصبح أنفاسنا فيه تسبيحاً ونومنا فيه عبادة، فهذا يعني أنّه يمكننا أن نعيش طيلة ثلاثين يومًا في حالة عبادية مستمرة. 
إنّ الفيوضات الإلهية التي تتنزّل في شهر ضيافة الله هي أعظم من أي فيض يمكن أن يتصوّره إنسان، وكفى بذلك أنّ ليلة القدر التي تتنزل الملائكة والروح فيها، هي في هذا الشهر، بمعنى أن كل خيرات وبركات وكمالات العوالم العليا تتنزل في هذه الليلة وفي هذا الشهر؛ ولكن بالنسبة لنا نغترف بحسب رجائنا وتوقّعاتنا أكثر من أي شيء آخر، وهذا ما يُعبر عنه بحسن الظن الذي ورد بشأنه "ما عُبد الله بأفضل من حسن الظن به".
حسن ظننا يكون تابعًا لحالاتنا الفكرية وتصوراتنا عن الله عز وجل، لذلك يمكن أن يكون حسن ظن ما هو سوء ظن بالله سبحانه وتعالى والعياذ بالله. مثلما إذا كنا نرجو من الله شيئًا هو من فعل الكرام العاديين، وكنا نعتبر أن هذا أقصى ما يمكن أن يتحقّق، فهذا في الواقع سوء ظن بالله سبحانه وتعالى. 
لذلك تأتي هذه القاعدة من الإمام الكاظم عليه السلام الذي يريد من خلالها أن يحسّن حسن ظننا بالله سبحانه وتعالى ويصلحه، فيقول: "كن لما لا ترجو أرجى مما ترجو"؛ أي أن يكون رجاؤنا دائمًا متعلقاً فوق ما نرجوه في العادة، فإذا كنا نرجو أي شيء من الله ونعيش هذا الرجاء في أيامنا وأحوالنا علينا أن نعتبر أنّ هذا الرجاء قاصر وغير صحيح، وعلى هذا الأساس ينبغي أن لا ندع حدا لرجائنا ولحسن ظنّنا ولطلبنا من الله عز وجل. 

طلب العزم
من أهم الأمور التي ينبغي أن نطلبها في هذا الشهر هو العزم، لأنّه في كثير من الأحيان نتوقع ونرجو ونرغب ونحلم لكننا لا نجد العزم الكافي للسير نحو ما نرجوه ونتمنّاه. وهنا يأتي شهر رمضان وهذه العبادة بالخصوص لتعزّز حالة العزم في الإنسان لأن العزم من شؤون الصبر، فكلما زاد صبر الإنسان ازداد عزمًا وبالعكس.
ولا يشك أحد بأن شهر رمضان هو شهر الصبر؛ حتى أنه قد ورد في التفاسير الروائية {واستعينوا بالصبر والصلاة}، الصبر هو الصيام، وكأن التجسيد العبادي للصبر يكون في الصيام.
نحن نعلم أنّ الصيام فيه مشاق عدة ويتطلب تحمّلًا، لكنّه أيضًا من أنواع التربية الإلهية التي تعزّز فينا حالة الصبر فنعتاد بعدها على تحمّل المشقات في شؤون الحياة المختلفة، وبفضل هذا التحمل تقوى النفس ويمكن أن تتشكل فيها حالة العزم الأكيد على القيام بالأعمال الكبيرة والعظيمة التي خلقنا لأجلها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد