مقالات

مراتب الإيمان

صدر المتألهين الشيرازي

إنّ مراتب الإيمان ثلاث:

1  مرتبة العوام

2  ومرتبة الخواص وهم المُحبّون

3  ومرتبة الأخصّين (أي خواص الخواص) وهم المحبوبون.

ولكلّ من هذه المراتب الثلاث علمٌ وعمل:

1  فمرتبة العوام:

  أمّا من جهة العلم: فهي أن يؤمن بكلّ ما جاء به النبيّ صلّى الله عليه وآله على سبيل التسليم والطمأنينة القلبيّة إيماناً بالغيب.

  وأمّا من جهة العمل: فبأن يفعل الحسنات ويترك المعاصي والسيئات طلباً لجزيل الثواب وتخلّصاً عن أليم العقاب.

2  وأمّا مرتبة الخواص:

  من حيث العلم: فهي أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وأوليائه، وبالبعث بعد الموت، وبالجنّة والنار، وبالقدر خيره وشرّه... ويعرف هذه المعارف الإيمانيّة والاعتقادات الأركانيّة كلّها بالبراهين النيّرة القدسيّة والمبادئ الإلهيّة.

  وأمّا مرتبتهم من حيث العمل: فهي أنّ الله تعالى إذا تجلّى لعبد بصفة من صفاته خضع له جميع أجزاء وجوده وتبعه قواه ومشاعره (الباطنيّة)، وآمنت بالكليّة بعد ما كان قلبه يؤمن بالغيب ونفسه تكفر بما آمن به قلبه (وذلك في مرتبة إيمان العوام)، إذا كانت النّفس عن تسنيم روائح الغيب بمعزل (أي النّفس كانت لا تؤمن بالغيب لأنها كانت محجوبة عنه(.

كما أشير إليه في الكتاب {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} أي: جبل القلب، {جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى} أي: موسى النّفس {صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ} بعد رفع الحجب {قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}.

وفي قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: "أسلم شيطاني على يدي" تنبيه على هذا فانتبه يا مسكين وانزعج من مرقد النائمين.

3  وأمّا مرتبة الأخصّين:

فهي من حيث العلم والعمل إنّما تكون بعد رفع حجب الأنانية بتجلّي الحقّ بالصفات التمجيديّة والنعوت القدسيّة، فإذا أفناه عنه بصفة الجلال يُبقيه بصفة الجمال، ويُعيد إليه عقله وسمعه وبصره، فلم يبقَ له الأين والبين، وبقي في العين، فيُشاهد بنور الحقّ جميع الحقائق العينيّة وينفذُ نور بصره في أعيان الملك والملكوت، والخلق والأمر.

وفي هذه المرتبة يكون العلم والعمل شيئاً واحداً.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد