
وأخيراً ...
بدت خيوط الفجر المضيئة لتنذر بميلاد يوم جديد، واليوم يختلف تأثيره في حياة الإنسان مع اختلاف ما يضم بين ساعاته من عطاء، وما يحمل لمن يمد بهم أو يمد عليهم من فائدة ورواء، ولهذا.. فقد يطول اليوم ويطول اليوم ويطول تبعاً لامتداد آثاره التي يتركها في حياة الإنسان، وقد يكون قصيرًا جدًّا ينتهي مع انتهاء ساعاته المعدودة.
ويومنا ذاك.. كان حريًّا أن يكون طويلًا بآثاره خالدًا بعطاءاته.
ثم.. انطلقت بشائر الصبح لتعلن النهاية لساعات الليل التي كانت طويلة بدقائقها اذا قيست بما ضمت من أفكار وما حملت من آمال وآلام، وقصيرة بالنسبة لساعات النوم التي تقلص عددها خلالها إلى النزر القليل.. وكان الصباح نديًّا بقطرات المطر مظللًا بقطع السّحاب، الشيء الذي جعله غير مشرق في مظهره الخارجي، وإن كان في واقعه يحمل معاني إشراقة الرحمة، وهو ينفتح عن فترة زمنية تنطلق بها أرواح المؤمنين في مسيرتها نحو الله، ملبية في ترجيعها ذلك النداء الخال،د الذي أمر الله عز وجل به نبي الله إبراهيم اذ قال عز من قائل: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ...).
وكان علينا أن نغادر البيت متوجهين نحو المطار، فوقفت لألقي نظرة أخيرة على ما أعددته من متاع للسفرة الطويلة البعيدة الأغوار، خشية أن يكون هناك ما أهمل أو أغفل، ولم تكن مجموع الأمتعة لتتعدى.. حقيبة واحدة، فماذا عسى أن يصحب معه ذلك الإنسان الراحل إلى بيت الله؟ أو ليس هو منطلق للحج نحو بيت كان خلال نشأته الأولى بواد غير ذي زرع؟ نعم أو ليس وهو منطلق نحو تلك الرحاب يعيش مفهوم دعاء نبي الله إبراهيم حينما يقول: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ).
وهكذا كان...
فقد بقي هذا البيت كعبة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، تندثر الحضارات وتتلاشى مع كل ما تحمل معها من جلال وشموخ، ويبقى هو خالداً مع خلود الدهر شامخاً مع شموخ الحق، إذن.. فماذا عسى أن يحمل معه هذا الذي طمح بآماله إلى المثول في تلك الرحاب؟ بعض متطلبات الحياة الضرورية مع قرآن كريم، وكتاب دعاء، ومنسك لأعمال الحج. ومصباح صغير لجمع الحصى من المشعر، ثم دفتر للخواطر وقلم للكتابة، وجواز سفر أخضر وجواز صحي أصفر!!! ووقفت أتأكد من وجود هذه الأشياء، وأضع الجواز في مكان قريب، لأنه هو الذي يفتح أمامي مغاليق الحدود ومن تلك الوقفة انطلقت بأفكاري إلى .. ما أعددته من متاع لسفري الطويل، فسفرتي هذه كان من المفروض لها أن لا تتجاوز السبعة عشر يوماً، أما تلك السفرة فهي طويلة وطويلة جدّاً، عميقة وعميقة إلى حد بعيد.. إنها بدون عودة، وبدون خط رجعة، إنها نقلة من هذه الحياة الفانية إلى حياة أبدية باقية، فما أحوجها إلى متاع وما أحوجني خلالها إلى زاد؟ لنفرض مثلاً أنني نسيت حاجة أو أهملتها، فإن من السهل اليسير عليّ أن أعوض عنها بما أجده هناك، ولكن خلال سفرتي تلك حيث لا عودة بعدها ولا رجعة، فماذا عساي أن أصنع إن وجدت نفسي قد أهملت حمل الزاد؟ أو تجاهلت أهمية المتاع؟؟.. عندما أعلن لنا (متعهد القافلة) أن علينا أن نصحب معنا غطاء، بادرنا إلى حمل ذلك بدون إبطاء فلماذا؟ لأنه خبير بطبيعة الجو.. ولأنه هو الذي سوف يقوم بإحضار حوائجنا، فيعلم ما سوف يهيؤه لنا، وما علينا أن نعده لأنفسنا، ولكن عندما نسمع إلى الرسول الأعظم وهو يتلو علينا آي الكتاب قائلاً «وتزدوا فإن خير الزاد التقوى» نسمع بدون استماع.. ونقرأ بدون اقتناع.. ونطمع بالمغفرة بدون زاد.. عجيب!!
فهل ترانا كنا نأمل بالدفء في سفرتنا تلك بدون غطاء؟ هل كان من الممكن أن نقول إن المتعهد رجل كريم فلنذهب معه بدون غطاء، وهو لا شك سوف يهيىء لنا ما يدفع عنا غوائل البرد؟! أبداً إن هذا غير معقول، لأنه غير مسؤول عن ذلك ما دام قد أنذرنا وأعلمنا بما لنا وما علينا..
أما ما أمرنا الله به من زاد، وما أوصانا بحمله من متاع، فنحن نتجاهله ونتناساه، ثم نعيش على أمل أن يغفر لنا الله برحمته ويشملنا برضاه!!!
القلب يفكر مع العقل
عدنان الحاجي
مناجاة الذاكرين (3): آنسنا بالذّكر الخفيّ
الشيخ محمد مصباح يزدي
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
معنى (عيّ) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ
الفيض الكاشاني
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (3)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الحداثة الفائضة في غربتها الأخلاقية
محمود حيدر
ضحكات المطر
حبيب المعاتيق
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
القلب يفكر مع العقل
مناجاة الذاكرين (3): آنسنا بالذّكر الخفيّ
اختتام النّسخة الخامسة والعشرين من حملة التّبرّع بالدّم (ومن أحياها) بسيهات
كتاب جديد يوثّق تكريم الدّكتور علي الدّرورة في القطيف
العزة والذلة في القرآن الكريم
معنى (عيّ) في القرآن الكريم
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
ضحكات المطر
عقولنا لا تزال قادرة على التفوق على الذكاء الاصطناعي
لا تبذل المجهود!