قال الله الحكيم في كتابه الكريم: ﴿ ... بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ * وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ... ﴾ (1). صدق اللّه العلي العظيم.
من أقدس الألفاظ التي لها مكانة سامية وجمال معنوي خاص في مختلف المجتمعات البشرية هي ألفاظ «الحق» و «العدالة» وقريناتها، ولعلك لا تجد إنسانًا يصف نفسه بأنه يقف إلى جانب الباطل والظلم ضد الحق والعدالة. بل إن أشد الأفراد والحكام ظلماً وجوراً يخدعون الناس بالتشدق بالتزامهم بالحق والعدالة، ويسعون إلى إخفاء ما يرتكبونه من الأعمال القبيحة والجرائم المنكرة تحت ستار الأسماء الجميلة كالحق والعدالة؛ إن العلاقة بين هذين المفهومين تتضح أكثر عند معرفة أن العدالة هي «إعطاء كل ذي حق حقه».
إن بحث موضوع الحق والعدالة يتصدر جميع بحوث القيم الاجتماعية، والحكم بحسن الحق والعدالة من الأحكام العقلية البديهية، وإن النزوع نحوهما والتعلق بهما من الغرائز الفطرية الرفيعة، مثلما أن الحكم بقبح الظلم وغمط الحق من الأحكام العقلية البديهية، وأن النفور منهما فطري في الإنسان كذلك.
والمعارف الإسلامية تقدر هذه القيم تقديراً خاصًّا، وإن كثرة ورودها في القرآن الكريم وفي أحاديث النبي الكريم صلى اللّه عليه وآله، وأحاديث أهل بيته عليهم السلام، لشواهد على أهمية هذه المفاهيم في الإسلام.
ولكن الذي ينبغي أن لا يغرب عن البال هو أن للفظة «الحق» استعمالات مختلفة لا علاقة لبعضها بالبحث الذي نحن بصدده، مثل الحق الذي يعني الشيء الموجود الثابت، أو الكلام الذي يطابق الواقع الحتمي الوقوع، وما إلى ذلك.
كما أن «الحق» الذى يطلق اسماً للّه سبحانه وتعالى لا يدخل أيضًا في بحثنا هذا، وإذا كان البحث عن الحق والعدالة من الأمور الفطرية في الإنسان، فإنه لا علاقة له بفطرة معرفة اللّه وعبادته، ولا يمكن استنتاج وجود أحدهما من وجود الآخر، كما هي حال بعض الذين يحاولون أن يستنتجوا مثل هذا الاستنتاج، فيخلطون بين معنى الحق الأخلاقي والفلسفي.
ثم إن نطاق استعمال «الحق» في البحوث الحقوقية أضيق من نطاق استعماله في البحوث الأخلاقية والدينية. ففي المباحث الأخلاقية والدينية يدور الكلام حول حق اللّه على الإنسان، بل وحتى حق الإنسان على اللّه، بينما تقتصر المفاهيم الحقوقية على العلائق بين الإنسان والإنسان. كما أن لفظة «حقوق» في عرف الحقوقيين، لها على الأقل معنيان:
الأول: هو الامتيازات والخصائص التي يمتع بها فرد أو جماعة، والتي يجب على الآخرين احترامها وعدم التجاوز عليها.
الثاني: هو مجموعة القرارات التي يجب الالتزام بها، سواء أكانت هذه القرارات على شكل تعيين امتيازات للأشخاص، أم على شكل فرض واجبات وتكاليف على الآخرين، أم كانت أحكامها تبين شروط صحة العقود والاتفاقات. ولفظة «حقوق» طبقًا للمعنى الأخير مشابهة لمعنى «القوانين الاجتماعية».
غير أن هذين المعنيين ليسا منفصلين تمامًا عن بعضهما، إذ إن القوانين الحقوقية ترتبط بشكل من الأشكال بحق الأفراد أو بحق المجتمع وإذا كان المقصود هو تعيين حق، فإنه يستلزم تعيين تكليف أو واجب على الطرف الآخر، وإذا كان ثمة تكليف مفروض على أحد، فإنه يستلزم ثبوت حق للآخرين، وإذا كان ثمة تعيين تكاليف على الأفراد جميعاً، فإنه كذلك يعني إثبات واجبات متقابلة على جميع الأفراد أيضاً. وتكون النتيجة إثبات حقوق متقابلة بين الأفراد. وفي الواقع، يمكن تحليل هذه القوانين الكلية إلى قوانين جزئية يشمل كل واحد منها حقا أو تكليفاً معيّناً.
وباختصار: إن الحق والتكليف متلازمان، والإقرار بأحدهما يستوجب الإقرار بالآخر.
وكذلك يكون وضع الأحكام الوضعية، كالجزئية والشرطية في العقود والاتفاقات وأمثالها، من الأحكام التي توفر الحقوق والتكاليف المترتبة عليها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. القرآن الكريم: سورة المؤمنون (23)، الآية: 70 و 71، الصفحة: 346.
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة
اعتبار الإسلام لرابطة الفرد والمجتمع
لا يدرك الخير إلّا بالجدّ
الوصول إلى حالة الانغماس وقياس مستواها