روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: تقاضى علي وفاطمة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في الخدمة، فقضى على فاطمة بخدمة ما دون الباب، وقضى على علي ما خلفه. قال: فقالت فاطمة: فلا يعلم ما داخلني من السرور إلا الله، بإكفائي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تحمّل رقاب الرجال.
نقف مع هذا الحديث الشريف في ثلاث نقاط:
النقطة الأولى:
من المشاكل التي ربما نبتلى بها، أن يعتقد البعض (لزوم عدم إدخال أو استشارة أي شخص) في مسائل أسرته الداخلية أو التربية. وكما تعلمون في الحديث الشريف (من استبد برأيه هلك).
ويزداد أهمية استشارة شخص خبير في حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان (الزوج أو الزوجة) ضعيف الخبرة أو الحكمة، وربما ضعيف الشخصية أيضًا، فيحتاج إلى من يرشده، ويعلّمه، ويوضح له، ويأخذ بيده.
الحالة الثانية: إذا بذل (الزوج أو الزوجة) جهده وفكره وطاقته في علاج مشاكله الداخلية ولم ينجح، وحاول مرارًا ولم ينجح لأي سبب كان، هنا قبل أن يلجأ إلى الطلاق كحلّ نهائي، عليه أن يبحث عن استشاري أسري وتربوي، لعله يكشف له ما غاب عن عقله وتفكيره ومعلوماته.
النقطة الثانية:
علينا أن نعلم بأنّ السعادة الزوجية والأسرية لا تقوم فقط على حدود الواجبات والحقوق، بل تقوم على المحبة والتعاون، وعلى المساعدة والمشاركة.
في الروايات الكثيرة أنّ السيدة الزهراء كانت تخدم في بيت الزوجية، ولم تقل بأنّ ذلك ليس واجبًا شرعًا، إذن لن أقوم به.
النقطة الثالثة:
يوجد احتمالان في معنى الحديث السابق:
الاحتمال الأول:
كان الزوج والزوجة، كل منهما يريد أن يلقي بالوظيفة والأعمال على عاتق الآخر، ويريد أن يتهرب من القيام بالأعمال، إلى أن قضى رسول الله بينهما.
الاحتمال الثاني:
كان الزوج والزوجة، كل منهما يتسابق إلى القيام بالوظائف، ويصرّ هو على القيام بالأعمال بدل الآخر، إلى أن قضى رسول الله بينهما.
الاحتمال الثاني هو الصحيح، وعليه الكثير من الأدلة التي سنذكرها في الحلقات القادمة، ومن ذلك الحديث عن أمير المؤمنين في وصف السيدة الزهراء: (فو الله- ما أغضبتها، ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلّ، ولا أغضبتني، ولا عصت لي أمرًا).
والحاصل:
في الأسرة الدافئة لا هروب من المسؤوليات والأعمال، بل تسابق ومبادرة إلى التعاون ومساعدة الآخر، كل طرف يبحث عن سعادة الآخر وراحته.
من صفات الأسرة الدافئة (المساندة في أعمال البيت من جميع أعضاء البيت).
1. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يحلب عنز أهله.
هنا نلاحظ أنّ أعباء تبليغ الرسالة، وهداية الناس، والأعمال الدنيوية أيضًا، كلّها لم تمنع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من المساعدة في أعمال المنزل، فكان يحلب عنز أهله.
2. روي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.
إذن أولى الناس بمساعدتك، وبنشميتك، وشهامتك، هم أهلك، فما بال بعض الناس يهبّ لمساعدة الآخرين، ولا يهبّ لمساعدة أهل بيته وعياله.
3. يروى كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يحتطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة سلام الله عليها تطحن وتعجن وتخبز.
ولنا في أمير المؤمنين أسوة حسنة، إذ كان يحتطب، ويستقي الماء لأهل بيته، ويكنس الدار، ولم يأنف عن ذلك، ولم يعتذر لكثرة أعماله.
وكذلك لنا في السيدة الزهراء أسوة حسنة، فلم تشغلها عبادتها عن أن تطحن وتعجن وتخبز. بل لم تتهرب من ذلك بحجة عدم الوجوب الشرعي.
4. روي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام): قال لرجل من بني سعد- ألا أحدثك عني وعن فاطمة الزهراء- أنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرّ شديد فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادمًا يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل... إلخ.
ما هذا التفاني في خدمة الأهل والبيت، أرجو التدقيق في قراءة فقرات الحديث السابق، فما بال بعض الأخوات (بارك الله فيهن) يأنفن عن خدمة زوجها وأطفالها؟!!!
الشيخ مرتضى الباشا
إيمان شمس الدين
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبد الجليل البن سعد: القيم والتقوى: ركائز الأمان والتمييز في بحور النفس والمجتمع
عبور لنهر هيراقليطس، أمسية لهادي رسول في الخبر
برنامج أسريّ بعنوان: (مودّة ورحمة) في جمعيّة تاروت الخيريّة
المشكلة الإنسانية، جديد الدكتور حسن العبندي
الأسرة الدافئة (2)
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (2)
حبيبة الحبيب
السيدةُ الزهراءُ: دُرّةَ تاجِ الجَلال
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (1)
نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته