من الحقّ أن نتحدّث عن الموانع والحجب التي تحجب قلب العبد عن حب الله تعالى ليستطيع الإنسان أن يتلافاها ويتجنّبها.
وأهمّ حجابين يحجبان القلب عن حب الله تعالى، هما الذنوب والمعاصي التي ترين على القلب أولاً، وحب الدنيا والتعلّق بها ثانياً.
أمّا الذنوب والمعاصي فإنّها ترين على القلب، وتفقده نقاءه وصفاءه وشفّافيّته، وتكدّر القلب وتعكّره.
يقول تعالى: ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [1].
وإنّ الإنسان ليذنب الذنب، فيكون الذنب نقطة سوداء في قلبه، فإذا واصل المعصية، ولم يتب ولم يقلع عن الذنب اتسعت هذه النقطة السوداء حتى تشمل القلب كله، ويفقد القلب نقاءه وشفّافيته، وهو أثر تكويني للذنب غير الذي توعّد الله تعالى المذنبين من عقاب وعذاب في الآخرة.
روی ابن أبي عمير عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «ما أحب الله عزّ وجلّ من عصاه. ثمّ تمثّل فقال: تعصي الإله وأنت تُظهر حبّه، هذا محال في الفعال بديع، لو كان حبّك صادقاً لأطعته، إنّ المحب لمن يحب مطيع» [2]
والحجاب الآخر الذي يحجب حب الله عن قلب العبد هو حب الدنيا والتعلّق بها، فإنّ الله تعالى لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه: (مَّا جَعَلَ اللَّـهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) [3]، فإذا خلا القلب لله تعالى أقبل العبد على حب الله بكل قلبه، وتفرّغ القلب لحب الله، وإذا شغله شاغل من همّ أو حبّ أو تعلّق بشأن من شؤون الدنيا انصرف بمقداره عن حب الله، فإذا انصرف قلب الإنسان إلى الدنيا، وشغلته شواغل الدنيا وهمومها، انسلخ بشكل كامل عن حبّ الله، وفقد لذّة حب الله، وتبلّد وأصبح لا يتذوّق حلاوة حب الله وذكره.
وإلى هذا المعنى تشير النصوص الإسلامية. وفيما يلي نذكر طائفة من هذه النصوص:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «حبّ الدنيا وحبّ الله لا يجتمعان في قلب أبداً» [4].
روي أنّه قيل لعيسى بن مريم (عليه السلام): «علّمنا عملاً واحداً يحبّنا الله عليه، قال: أبغضوا الدنيا يحببكم الله» [5].
وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «إذا تخلّى المؤمن من الدنيا سما، ووجد حلاوة حب الله، وكان عند أهل الدنيا كأنّه قد خولط، وإنّما خالط القوم حلاوة حب الله، فلم يشتغلوا بغيره» [6].
والتعبير في الحديث دقيق، فإنّ حب الدنيا يفقد الإنسان الإحساس بحلاوة حب الله، ومن فقد الإحساس بحلاوة حب الله، لم يقبل قلبه على حب الله، ومن أخلى قلبه من حب الدنيا، وجد حلاوة حب الله.
وعن الإمام عليّ (عليه السلام): «كيف يدّعي حب الله من سكن على حب الدنيا» [7].
وعنه (عليه السلام) أيضاً: «کما أنّ الشمس والليل لا يجتمعان، كذلك حبّ الله وحب الدنيا لا يجتمعان» [8].
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «والله ما أحبّ الله من أحب الدنيا ووالى غيرنا» [9].
وعن الإمام عليّ (عليه السلام): «من أحب لقاء الله سلا عن الدنيا» [10].
وعنه (عليه السلام) أيضاً: «إن كنتم تحبون الله فأخرجوا من قلوبكم حبّ الدنيا» [11].
وقد ورد في الدعاء كثيراً التضرّع الى الله تعالى أن يخرج الله حبّ الدنيا من قلب العبد، ففي دعاء الأسحار للإمام زين العابدين (عليه السلام): «سيّدي أخرج حبّ الدنيا من قلبي، واجمع بيني وبين المصطفی وآله، وانقلني الى درجة التوبة إليك، وأعنّي بالبكاء على نفسي، فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري» [12].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المطففين : 14.
[2] أمالي الصدوق : 293 ، ط. الحجرية.
[3] الأحزاب : 4.
[4] تنبيه الخواطر : 362.
[5] بحار الأنوار 14 : 328.
[6] أصول الكافي 2 : 13.
[7] غرر الحكم.
[8] غرر الحكم.
[9] بحار الأنوار 78 : 226.
[10] غرر الحكم.
[11] غرر الحكم.
[12] من دعائه عليه السلام برواية أبي حمزة الثمالي في مفاتيح الجنان، في أعمال شهر رمضان، أدعية السحر.
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد عادل العلوي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ فوزي آل سيف
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
(المعتزلي الأخير وسقوط بغداد) جديد الكاتب محمّد الخبّاز
حقيقة الأفعال الخارقة للعادة
أمسية لنادي صوت المجاز حول جماليّات السّرد وتحوّلات الرّواية في الخليج العربيّ
لأول مرة يتم كشف بنية وخلل بروتين باركنسون
نشر الخلق الحسن فلسفة نبويّة
هل نملك تاريخاً؟!
الاقتصاد بين الإسراف والتقتير
علوم مختّصة بالله
(تهذيبُ الأحكام) لشيخ الطّائفة، أبي جعفر الطّوسيّ
(التجربة الرّوائيّة بين الرجل والمرأة) أمسية أدبيّة في الدمّام