فجر الجمعة

الشيخ الحبيل: الوفادة على الله تحتاج إلى زي خاص وتطهر خاص


تحدث سماحة الشيخ عبد الكريم الحبيل خلال خطبة الجمعة 19 مايو بمسجد العباس ببلدة الربيعية -شرق المملكة- عن أثر الاستعداد المعنوي لشهر رمضان المبارك على الفرد وما ينبغي فعلها  للإرتقاء بهذا الاستعداد.

وذكر الشيخ الحبيل خصائص شهر رمضان "حيث يتميز بأنه شهر الدعاء والمغفرة والتسبيح، وأن كل لحظاته لله سبحانه وتعالى وبه نفحات إيمانية".

وأضاف أنه "شهر كل جناباته فيها ظلال رحمة ومغفرة وتوبة"، منوها بضرورة "الإستعداد لما يليق بتلك الأجواء الرحمانية المقدسة والاستعداد للقاء الله"، وتابع لافتا إلى أن "الاستعداد لشهر رمضان ينبغي به أن يكون منذ بداية شهر رجب"، وأردف موضحا "شهر رجب وشعبان جعلا لأجل أن نعيش لحظات ضيافة الله وهو ما يظهر من الدعاء الذي يقال في بداية شهر رجب الوارد عن الرسول الأكرم (ص): اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا شهر رمضان وأعنا على الصيام والقيام وحفظ اللسان وغض البصر ولا تجعل حظنا منه الجوع والعطش".

كما أشار سماحته إلى أن نفس الدعاء يوحي إلى الاستعداد لشهر رمضان المبارك؛ لأن الوفادة على الله تحتاج إلى وشاح خاص وطهر خاص والذي يحتاج إلى تبتل وتوبة ومغفرة والتحلي بالأخلاق والسية النبوية.

وأكد إمام جمعة مسجد العباس على ضرورة محاسبة الذات والتدقيق على الأعمال التي صنعها المرء منذ شهر رمضان الماضي وما الأثر الذي ترتب عليها الأعمال التي عملت خلال تلك المدة، مشيرا إلى أن المؤمن في حالة ازدياد وكمال في الرحلة مع الله، وما هو التغيير الأخلاقي والمعرفي الذي تركته الرحلة من رمضان الماضي إلى القادم، منوها بأن ذلك مختص بالإنسان الملتزم أم الغير ملتزم فلا يؤثر فيه مرور عام ماض أو قادم لأنه في حقيقته كما في الرواية "جيفة بالليل، بطال بالنهار" لأنه لايمتلك برنامج تهذيبي في السير والسلوك إلى الله.

وأوضح الشيخ الحبيل أنه لابد من الإستعداد لتحرير النفس من الأغلال التي تبعد بالإنسان عن الوصول إلى تلك المراتب السامية، وأشار إلى أن الأغلال متعددة ومنها الذنوب والمعاصي ومنها الأمراض القلبية ومنها حب الذات والأنا والحسد والغضب والبخل وغيره والتي يمكن أن تؤثر على ذلك الارتقاء.

وقال فضيلته بخصوص حب الذات "الإنسان والعياذ بالله إذا سيطر عليه حب الأنا صار كما المجرمين حينما يسيطر عليهم حب الأنا مستعد أن يفني الأرض ومن عليها في سبيل نفسه وذاته، حينما ترى أولئك الطواغيت يرتكبون كل تلك المجازر والمذابح في حق بني الإنسان لأنه ليس لديه مانع في سبيل أن يبقى هو"، لافتا إلى أن هذه الأنا التي في الدنيا ينعكس أثرها عليه في الآخرة.

وذكر سماحته أن شهر رمضان هو شهر الله وشهر الإخلاص بكل معنى الكلمة، وأن الصيام شرع تثبيتا لهذا لإخلاص وأن يكون العمل خالصا لوجه الله تعالى.

وحذر من أن يكون صيام شهر رمضان صيام الطعام والشراب ولا يكون كما وصفه الرسول الأكرم لا ينال المرء منه سوء الجوع والعطش، موضحا أنه خلال هذه الرحلة يحتاج الانسان الى عزيمة وإرادة مشيرا إلى حديث الامام زين العابدين عليه السلام: "ولقد علمت أن أفضل زاد الراحل إليك عزم إرادة يختارك لها"؛ لأجل تحقيق الصوم الحقيقي.

مشددا على أن الصوم الذي يريده الإسلام وأهل البيت هو صوم الجوارح وهو الصوم الحقيقي لا صوم البطن والفرج والذي يأتي به كل البشر، وأكد أن صوم الجوارح يكون بالعمل بما يرضي الله والكف عما يغضب الله وأن يكون باستحضار الوقوف بين يدي الله والذي يكون صمام الأمان في هذه الرحلة الإيمانية والمسير نحو الله.

ونوّه إلى أن النبي الأكرم قدم برنامجا فرديا وآخر إجتماعيا، فالبرنامج الفردي مكون من الصلاة والدعاء وقراءة القرآن وطول السجود وكثرة الصلاة على محمد وآل محمد، مشيرا إلى المميزات التي تحظى بها هذه الأعمال خلال الشهر الكريم، فيما يتضمن البرنامج الإجتماعي من صلة الأرحام، وإفطار الصائم، وإكرام اليتيم وتوقير الكبير والتصدق.

ووختم سماحته داعيا إلى الجمع بين إفطار الصائم وصلة الأرحام خلال شهر رمضان المبارك والذي يحقق البرنامج العبادي الإجتماعي الذي يحقق رضا الله سبحانه وتعالى، مضيفا لا يدعو إلى وجبات إسراف وتبذير لكن في الوقت ذاته يجب أن لا يكون هناك بخل وأن تظهر الأخلاق المحمدية التي يدعو إليها رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: "إن الإكرام مستحب لكن لا يجب أن يصل إلى حد الإسراف والتبذير الذي هو من أخلاق الشياطين".