نداء الجمعة || الخطبة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى في محكم كتابه الكريم "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" 8 - الممتحنة، هذه الآية الكريمة نزلت في حق الكفار في حق غير المسلمين الذين لم يرفعوا سلاحا في وجه رسول الله (ص) والمسلمين ولم يقاتلوا المسلمين في دينهم ولم يخرجوا أحدا من المسلمين من داره وبيته وأهله وذويه ولم يصادروا أموال أحد من المسلمين الآية الكريمة هنا لم تتحدث عن إحسان منهم للمسلمين وإنما تحدثت عن كف أذى منهم للمسلمين لم يقاتلوا المسلمين في الدين لم يخرجوا المسلمين من ديارهم يعني لم يصدر منهم أذى لأن الحالات أما أن هناك شخص يؤذيك يقاتلك في دينك يخرجك من ديارك يصادر أموالك ينتهك حقوقك يفعل بك ما يفعل وشخص لا يفعل بك شيئا من ذلك لا يقاتلك في دينك لا يخرجك من ديارك لا يصادر أموالك لا يعتدي على أي شيء من حقوقك ومختصاتك وشيء آخر يحسن إليك يقدم لك إحسان يساعدك ينصرك يحميك يدافع عنك كل هذه الحالات ذكرت في القرآن الكريم هذه الآية الكريم تتحدث عن تلك الفئة من الكفار الذين لم يتعاملوا مع المسلمين بأي شيء من الأذى أو الحرب مع هذا يعني لم تذكر الآية أنهم أحسنوا وإنما ذكرت الآية أنهم لم يسيئوا ماذا تقول الآية الكريمة تقول تأمرنا بأن نبرهم نقدم لهم البر أن نقسط إليهم نتعامل معهم بالعدل بالإحسان بالبر أن تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين من هي هذه الفئة الذين أمرنا أن نبرهم الذين لم يسيئوا إلينا من الكفار أن نتعامل معهم بالبر والقسط والتعامل بالعدل والإحسان طبعا هذه الفئة أيضا هذه الآية القرانية لم تتحدث عن أهل كتاب أنما تحدثت عن الكفار بما هم كفار لم تتحدث عن اليهود والنصارى أهل الكتاب أهل الديانات السماوية الذين كانوا قبلنا وإنما تحدثت عن فئة من الكفار لم يتعاملوا مع المسلمين بشيء من الأذى والإساءة مع هذا أمرتنا أن نبرهم أن نقسط إليهم أن نتعامل معهم بالعدل والإحسان هذه ثقافة القرآن أما الذين نصروا الذين هناك بين المسلمين وبينهم مواثيق بينهم وبين المسلمين عهود بينهم وبين المسلمين حالة من النصرة فأولئك يجب حتى الدفاع عنهم إذا اعتدى عليه إذا بينك وبينه ميثاق ومعاهدة إذا أعتدي عليهم عليك أنت المسلم أن تدافع عنهم وأن تقف إلى جانبهم وأن تحميهم وأن تنصرهم وأن تجعل الحرب عليهم حربا عليك لأن بينك وبينهم ميثاق بينك وبينهم معاهدة دفاع مشتركة معاهدة مناصرة مشتركة بينك وبينهم هذه ثقافة القرآن الكريم هذه تعاليم القرآن الكريم هذه تعاليم السماء هذه أخلاق المصطفى محمد (ص) ولقد جاء القرآن الكريم الذي جاء بهذه التعاليم رسول الله (ص) الذي كان خلقه القرآن كان يتعامل بهذه المعاملة مع غيره من غير المسلمين بل أنه إبتدأ دعوته لله سبحانه وتعالى بمبدأ "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ" 256 - البقرة، لم تقم دعوة رسول الله (ص) على الإكراه وإنما رسول الله (ص) حارب أولئك المعتدين الذين كانوا يحاربونه والذين كانوا يؤذونه والذين كانوا يسلبون أموال المسلمين يعذبون المسلمين يخرجون المسلمين من ديارهم يتعاضدون ويتعاونون مع أولئك المعتدين المشركين الذين يحاربون رسول الله (ص) ويقفون في وجه دعوته إلى الله سبحانه وتعالى تعال بنا نحن اليوم نحن اليوم في عصرنا الحاضر هذا نحن اليوم كأمة مسلمة كمسلمين ألسنا بأمس الحاجة إلى تعاليم القرآن ومبادئ القرآن وتعاليم رسول الله (ص) نحن اليوم إذا كان القرآن الكريم يضع لنا منهجا إسلاميا قرآنيا تربويا أخلاقيا لغير المسلمين للكفار فما بالك بنا نحن المسلمين أليس نحن بأحق من غيرنا بأن نتعامل مع بعضنا البعض بهذه الأخلاق الإسلامية الصحيحة ألسنا نحن بحاجة ماسة لوضع أسس سليمة وصحيحة للتعايش الأخوي والسلمي بين أبناء المجتمع كافة ونحن نحمل عقيدة واحدة نحن نتسمى جميعا بالدين الإسلامي الحنيف أنا مسلم وأنت مسلم دين واحد نبي واحد قرآن واحد قبلة واحدة وغير ذلك من الأحكام المشتركة بين المسلمين بل أن مواطن الخلاف هي أقل وأقل بكثير جدا من المشتركات الكثيرة سواء في المعتقدات في الأحكام الشرعية التفصيلية إذا كانت البلدان الإسلامية تعيش اليوم حالة الإحتقان تلك فأول من يتحمل مسؤولية ذلك الإحتقان والتأجيج الطائفي والإحتراب الطائفي بين المسلمين كافة بل بين أبناء الوطن الواحد والمدينة الواحدة يتحمل مسؤولية ذلك هم الأمراء والعلماء الأمراء والعلماء الذين إذا صلح صلح الناس وإذا فسد فسد الناس إذا صلح الأمراء والعلماء صلح الناس وإذا فسد الأمراء والعلماء فسد الناس، إذا فسد الأمراء والعلماء فسدت كل أخلاق المجتمع فسدت أخلاقه فسدت أحواله الإقتصادية فسدت أخلاقه الإسلامية فسد دينه فسد تعامله الإقتصادي فسد كل شيء فيه وفي جميع فئاته وطبقاته وتعاملاته وإذا صلح الأمراء والعلماء صلح كل شيء في المجتمع اليوم ما يجري في

المجتمعات الإسلامية من إحتراب طائفي ومن تأجيج ومن فتن ومن فواحش قد ملأت المجتمعات الإسلامية ما ظهر منها وما بطن كل ذلك بسبب فساد الأمراء والعلماء الذين متى صلح صلحت المجتمعات ومتى فسد فسدت المجتمعات الإسلامية كافة، بيانات تصدر من العلماء الذين يتسمون بالعلماء والذي يتصدر أسم كل واحد منهم صاحب السماحة سماحة العلامة الكبير وسماحة وسماحة وإذا تلك السماحة تتحول إلى ماذا؟ تتحول إلى إجرام ودعوة للقتل ودعوة للفتنة وإصدار بيانات أن تصدر بيانات ممن تتصدر أسمائهم القاب السماحة صاحب السماحة فلان يدعو إلى الإحتراب الطائفي يدعو إلى التأجيج الطائفي صاحب السماحة يلقي خطبة منبرية وفي أقدس يوم وأقدس ساعة وأقدس مكان في خطبة الجمعة يدعو إلى الإحتراب الطائفي يدعو إلى تكفير أخيه المسلم يدعو إلى الإحتراب بين أبناء المسلمين كافة هذا ناهيك عن مواقف السياسيين الذين هم كما جاء في الرواية الذين عنونوا بعنوان الأمراء ما يجري في العالم الإسلامي اليوم والعربي خاصة هو كل ذلك نتيجة هاتين الفئتين اللتان متى صلحتا صلحت المجتمعات الإسلامية كافة ومتى فسدتا فسدت المجتمعات الإسلامية كافة.

نحن بالنسبة لنا كمسلمين كمؤمنين كأصحاب وطنا واحد بحاجة ماسة إلى المحبة والمودة والإخاء والتعايش السلمي على أسس الإسلام وتعاليم الإسلام الحنيف تعاليم الإسلام السمحاء وهذه الحالة حتى تسود يعني حالة المحبة والأخوة والتواد والتراحم والتلاقي حتى تسود المجتمع وتصبح هي ثقافة للمجتمع لابد من القضاء أولا على كل مظاهر التكفير ومظاهرالإحتراب ومظاهر التأجيج الطائفي بكل أشكالها وألوانها ناهيك عن مظاهر التمييز أيضا بين أبناء المجتمع أنت عندما تريد أن تجعل حتى أبناءك الذين هم من صلب ورحم واحد يعيشون فيما بينهم المحبة والمودة والإخاء لابد أن تساوي بينهم في الحقوق والواجبات والإحترام فيما بينهم متى ميزت بين أبناءك الذين هم يعيشون معك تحت سقف واحد ومن رحم وصلب واحد متى ميزت بينهم فبالتالي أبشر بالإحتراب فيما بينهم والشقاق فيما بينهم والخلاف فيما بينهم متى عاملت بعضهم بالإساءة وبالألفاظ البذيئة فإنه سوف ينقم على الجميع، أبنك حينما تتعامل معه بألفاظ سيئة تقول له أنت سيء أنت بذيء أنت ردي أنت كذا فسوف لاشك أنه يتعامل معك بحالة من الكراهية والبغضاء وأنت تنشر بالتالي أنت المسؤول عن نشر الكراهية والبغضاء أنت عندما تتعامل مع فئة وطبقة من أبناء المجتمع تقول عنهم أن هؤلاء كفار أن هؤلاء أخطر من اليهود والنصارى أن هؤلاء كذا وكذا فماذا سوف يتحول طبيعة المجتمع؟ تنتشر في وسط المجتمع أللوان الكراهية أللوان البغضاء أللوان من الرعب والخوف والبغضاء والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.

إذا لابد من القضاء على كل تلك المظاهر لتسود المحبة والمودة ولابد من وضع خطط صحيحة وسليمة وبرامج صحيحة من أراد أن ينشر المحبة والمودة والإخاء عليه أن يقضي على بؤر التأجيج وأن ينقضي على كل بؤر الكراهية والبغضاء وأن ينشر أيضا كذلك مظاهر المحبة والإخاء والمودة بين الجميع من خلال ملتقيات الملتقيات الشبابية بين الشباب من خلال برامج تلفزيونية تدعو إلى المودة والتلاقي والتراحم والإخاء برامج تلفزيونية أفلام مسلسلات محاضرات ندوات تدعو إلى المحبة بين أبناء الوطن تدعو إلى الإخاء تدعو إلى التسامح في الدين نوادي طلابية من كان لديه قضية لابد أن يضع لها برامج وخطط صحيحة لكي يحقق تلك القضية التي يصبو إليها إقامة نوادي طلابية للتبادل الثقافي والمعرفي بين أبناء الوطن الواحد للتعريف بين أبناء الوطن الواحد للتعريف بين نقاط التسامح والمودة والمحبة في المعتقدات والمذاهب بين أبناء الوطن الواحد تدشين برامج للتواصل الإجتماعي سواء كانت برامج من خلال قنوات التواصل الإجتماعي أو برامج أيضا كذلك من خلال التلاقي بين أبناء المجتمع برامج إعلامية هادفة وليس قنوات تكفيرية وكتب تطبع وتوزع وندوات تقام للتكفير برامج رياضية ترفيهية مشتركة بين أبناء الوطن الواحد وبين أبناء الوطن المتعددة مذاهبهم وثقافتهم وإلا إذا لا تقضي على بؤر التأجيج حتى البرامج الرياضية تلك تتحول إلى إحتراب كما حدث عندنا قبل أيام فائتة في مباريات رياضية التي مفترض أن يسودها الأخلاق الرياضية تتحول إلى إحتراب إذا من كان يريد أن يتخلص من تلك المظاهر يريد أن ينشر المحبة والمودة والإخاء لابد من وضع خطط لابد من وضع برامج لابد من وضع استراتيجية سليمة وصحيحة أما من جهة تدعو إلى نحن أبناء وطن واحد نحن كذا نحن كذا وبؤر التأجيج تعمل بكل ما تستطيع ومفتوح لها الباب على مصرعيه وخطط للتعايش الصحيح السلمي والمؤشر المحبة والمودة غير موجودة فما فعلنا شيء فقط أننا حينما يحدث حدث حينما يحدث تفجير هنا وهناك نرفع السقف الإعلامي كلنا أبناء وطن واحد كلنا كذا، وإذا إنتهت زوبعة ذلك الحدث وحرارة ذلك الحدث رجعنا إلى نفس الأسلوب السابق ورجعنا لنفس الطريقة السابقة من التأجيج وسياسة التبغيض هذه ليست طريقة سليمة للقضاء على كل تلك المظاهر التأجيجية بل لابد من خطط صحيحة سليمة لنشر المحبة والمودة والإخاء بين أبناء الوطن الواحد حتى يشعر المواطن أينما ذهب وإلى أي مدينة إنما يحل على أهله وذويه، أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينشر بين أبناء وطننا وبين جميع المسلمين كافة المودة والمحبة والإخاء وأن يجمع كلمة المسلمين على السلم والأمن والمحبة والسلام، وأن يوحد كلمة المسلمين كافة، وأن يعز أبناء المسلمين جميعا بعزه الذي لا يرام، وأن يقطع دابر الكافرين والقتلة التكفيريين، وأن يطهر بلاد المسلمين من أولئك القتلة التكفيريين الإرهابيين، وأن يقطع دابرهم ويطهر بلاد المسلمين من رجسهم ودنسهم إنه سميع مجيب.