سياحة ثقافية

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

مدينة النجف الأشرف (4)


السيد جعفر مرتضى ..

الصحن الشريف:
يحيط بهذا المشهد الشريف سور مربع الشكل تقريباً، طول كل من ضلعيه: الشرقي والغربي 84 متراً من الخارج، و77 متراً من الداخل، وطول ضلعه الشمالي 74 متراً من الخارج، و72 متراً من الداخل، والجنوبي من الخارج 75 متراً، ومن الداخل 72 متراً. أما ارتفاع السور فيبلغ 17 متراً وهو مؤلف من طابقين الأول منهما مؤلف من 54 إيواناً مقبياً يتقدم حجرة هي مقبرة لأحد المشاهير ويسكنها عادة طلاب العلم، ولكنها أصبحت الآن مشغولة بالقراء على الأموات. أما الطابق الثاني: فهو عبارة عن إيوان معقود، بعقود فارسية مدببة يتقدم مجموعة من الغرف المقبية يسكنها عادة الطلبة، والمنقطعون للعبادة، ويحتوي الطابق الأعلى على 78 غرفة. وجميع جدران السور مكسوة بالقاشاني البديع النقش وعلى حواشي جدرانه العليا مكتوب بعض السور القرآنية بأحرف عربية جلية.
وهذا السور يحيط بالصحن الشريف الذي هو رحبة واسعة تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع مفروشة بالرخام، كانت قبل فرشها بالرخام مملوءة بالقبور والمحاريب، التي تعيق عن التحرك بحرية..
وفي سنة 1306 حفرت السراديب التي نقل إليها كثير من القبور ثم سويت أرض الصحن، وكسيت ببلاطات من المرمر.


وفي هذا السور المحيط بالصحن خمسة أبواب:
الأول: الباب الكبير في الجهة الشرقية من السور مقابل السوق المشهور بـ: السوق الكبير، وفوق هذا الباب توجد الساعة التي أمر بإرسالها من إيران الوزير أمين السلطنة سنة 1305ﻫ وقد زخرفت وجهات الساعة الأربع، وكذا القبة التي تعلوها ببلاطات من الذهب الخالص، في سنة 1323ﻫ.
والباب الثاني: باب ليس رئيسياً إلى يمين الباب الكبير، ويسمى بباب مسلم بن عقيل...
والباب الثالث: هو المعروف بباب الطوسي، لأن الخارج منه ينتهي إلى قبر الشيخ الطوسي محمد بن الحسن، المتوفي سنة 460ﻫ.
والرابع: باب القبلة الذي جدد بناؤه عدة مرات، وهو أصغر الأبواب الرئيسية.
والخامس: الباب السلطاني الذي هو في الجهة الغربية، سمي بذلك لأنه فتح في عهد السلطان العثماني عبد العزيز سنة 1279ﻫ. ويسمى أيضاً: باب الفرج لأنه ينتهي إلى مقام الحجة عجل الله تعالى فرجه.
وعلى سائر الأبواب كتابات جميلة وتواريخ تجديد بنائها، وفيها مدح لسيد الاوصياء عليه السلام، ونقوش جميلة بالقاشاني.. وأخيراً.. ففي الجهة الشمالية من السور الخارجي يوجد إيوان العلماء، لأن كثيراً من العلماء مدفونون فيه.


إعجاز هندسي للمشهد العلوي:
وبعد.. فقد كان ما تقدم وصفاً موجزاً للمشهد العلوي المقدس.. ويبقى أن نشير أخيراً قبل أن ننتقل إلى الحديث عن الشؤون الأخرى إلى أن الهندسة العامة للمشهد المقدس تحير العقول حقاً، فقد روعي فيه أمران:
الأول: أن يكون شكل البناء بحيث أنه كلما وصل الظل إلى نقطة معينة عرف أن الشمس قد زالت وإن وقت الظهر في تلك اللحظة، ولا يختلف ذلك لا صيفاً ولا شتاءً.
الثاني: إن الشمس كلما طلعت فإنها تطلع وتشرق على الضريح المقدس مباشرةً سواءً في الصيف أو في الشتاء.
وتحكيم هذين الأمرين – كما هو معلوم – صعب عادة يحتاج إلى كثير من الدقة والمعرفة..


خزانة التحف والهدايا:
ويوجد في مشهد الإمام علي عليه السلام مجموعة من التحف القيمة، والمنقطعة النظير، التي أهديت إليه عبر العصور من قبل الملوك والسلاطين، وكبار رجال الدولة، والأعيان، وكبار التجار وغيرهم.
ويرجع تاريخ أقدم هذه الهدايا إلى القرن الرابع الهجري، أي من عهد البويهيين، فقد أهدى عضد الدولة البويهي المتوفي سنة 372ﻫ أو بعدها غطاء قبر يعتبر آية من آيات فن النسيج والتطريز، والزخرفة، التي يعزّ لها مثيل حتى في القرن العشرين رغم التقدم الآلي فيه.
وتوالت الهدايا على المشهد في سلسلة متصلة، ويوجد العدد الأكبر من هذه المخلفات في خزانة مبنية في جدار الروضة الحيدرية في الرواق الجنوبي من الحرف الشريف، ويبلغ عددها (2020) تحفة موزعة على الوجه التالي:
1 - من المصاحف المخطوطة الأثرية، التي يرجع أقدمها إلى القرن الأول الهجري (550) مصحفاً، وهي تبدأ من القرن الأول حتى الرابع عشر للهجرة في سلسلة تكاد تكون متصلة.
2 - التحف المعدنية (420) قطعة معدنية مكونة من الحلي الذهبي المرصع بالجواهر المتعددة الألوان، كالزمرد والماس، واللؤلؤ والفيروزج وغير ذلك... ومن القناديل من الذهب المكفت، والمرصّع بالأحجار الكريمة، والمزخرف بالميناء..، ومباخر وطاسات، وأباريق، وشماعد، وألواح زيارة، ومزهريات وكشكول ومجموعة كبيرة من الأسلحة، ورؤوس أعلام، ورؤوس أخرجة... وتيجان..
3 - المنسوجات (448) قطعة، منها أغطية قبور، وستور، وخيام، وملابس، وغير ذلك. وقد رصّع بعضها بالأحجار الكريمة واللؤلؤ.
4 - السجاد (325) سجادة، وتعتبر مجموعة السجاد الموجودة بالمشهد نادرة ولا مثيل لها في العالم، من الناحيتين: الفنية والمادية، إذ يوجد بين هذه المجموعة سجادة معقودة من الوجهين، وبكل وجه زخارف وألوان تختلف كل الاختلاف كما في الوجه الآخر...
5 - التحف الزجاجية (121) قطعة مختلفة الأشكال بعضها: مشكاوات مموهة بالميناء وبعضها ثريات من البلور النادر، وقناديل تضاء بالشمع، وغير ذلك.
6 - التحف الخشبية (156) قطعة، ومعظمها عبارة عن كشكول من خشب الساج الهندي، البديع الصنع والزخرفة. ثم هناك عدد من الكراسي المصحف والواح الزيارة.


أهم الشخصيات المدفونة في المشهد العلوي:
وقد دفن في مشهد الإمام علي عليه السلام الكثير من الشخصيات الإسلامية من علماء، وملوك وسلاطين، ووزراء، وأعيان، تيمناً وتبركاً.. ونذكر على سبيل المثال من هؤلاء:
ممن دفن في الروضة المطهرة:
1 - عضد الدولة البويهي المتوفي 373ﻫ. ودفن عند رجلي الإمام.
2 - شرف الدولة بن عضد الدولة، المتوفي سنة 379ﻫ.
3 - بدر بن حسنويه، المشهور بالشجاعة والسياسة والعدل، وهو أحد ولاة البويهيين.
وهناك العديد من غيرهم من الأمراء والوزراء البويهيين، المدفونين بالمشهد الطاهر، مثل بهاء الدين بن عضد الدولة، وفيروز أبي النصر الملقب ببهاء الدولة. وغيرهم..


ودفن في الرواق تحت القبة، من جهة رجلي الإمام عليه السلام:
1 - الشاه عباس الأول الصفوي.
2 - السلطان محمد القاجاري المتوفي سنة 1211ﻫ. مدفون في الرواق من جهة الشمال بالقرب من منبر الخاتم، في حجرة خاصة تعرف اليوم بحجرة السلاطين...
3 - الملك كيومرث، الملقب بملك آراء بن السلطان فتح علي القاجاري المتوفي سنة 1288ﻫ. حمل جثمانه إلى النجف ودفن في المشهد الشريف.
4 - السلطان محمد حسن خان حمل جثمانه إلى النجف ودفن في المشهد.
5 - الملك حسين قلي خان، حمل جثمانه إلى النجف ودفن في المشهد.
6 - فخر الملك أبو غالب، وزير سلطان الدولة المتوفي سنة 406ﻫ.
7 - أبو القاسم حسين بن علي بن حسين بن علي وزير شرف الدولة المتوفي سنة 418ﻫ.
8 - يعقوب بن داود بن ظماء المتوفي سنة 418ﻫ.
9 - الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد المتوفي سنة 533ﻫ.
10 - المستجدي المعروف بطاشكين المتوفي سنة 602ﻫ كان والياً على عدد من البلاد.
11 - الأمير عماد الدين أبو المظفر الحربدار.
12 - الوزير معز الدين المروف بابن حديد.
13 - مظفر الدين بن زين الدين.
14 - بدر الدين لؤلؤ.
15 - عماد الدين أبو الخير ابن الوزير نصر الدين.
16 - الملك عز الدين بن عبد العزيز المتوفي سنة 672ﻫ. وفي المشهد العلوي أيضاً مقابر آل حمدان والإمليخانيين وملوك مهاباد.
17 - الملك عز الدين بن زيد الأصفر، ملك سواكن.
18 - تيمورلنك المتوفي سنة 807ﻫ يقع قبره بالقرب من قبر الشيخ الطوسي. في سرداب في دار تحت الطاق على يمين الذاهب إلى قبر الشيخ من الصحن الشريف.
19 - وزير الشاه عباس الأول، السيد علاء الدين حسين، المتوفي سنة 1064ﻫ.
20 - مظفر الدين شاه، الذي أودع في شاه عبد العظيم مدة، ثم نقل إلى النجف.
ثم هناك ملوك من مصر ومن وزرائهم الفاطميين، والأشراف، وأمراء الهند وملوك إيران.


ومن أصحاب علي(ع)
وفي الثوية وهي اليوم تل بقرب مسجد الحنانة – جماعة من خواص أمير المؤمنين، نذكر منهم:
1 - خباب بن الارت.
2 - جويرية بن مسهر العبدي.
3 - كميل بن زياد النخعي.
4 - الاحنف بن قيس.
5 - سهل بن حنيف.
6 - عبد الله بن أوفى.
7 - رشيد الهجري.


 ومن العلماء الأبرار المدفونين في النجف نذكر:
1 - شيخ الطائفة، محمد بن الحسن الطوسي، المتوفي سنة 460ﻫ. الذي دفن في داره، وأوصى أن تتخذ الدار مسجداً بعده.
2 - المقدس الأردبيلي أحمد بن محمد، المتوفي سنة 990ﻫ.
3 - الشيخ أحمد الجزائري، صاحب آيات الاحكام، المتوفي سنة 1151ﻫ.
4 - الآقا محمد محمد باقر الهزارجريبي، المتوفي سنة 1205ﻫ. وهو أحد مشايخ السيد بحر العلوم.
5 - ولده الفقيه الآقا محمد علي المتوفي سنة 1245ﻫ.
6 - السيد حسن الجزائري، المتوفي سنة 1173ﻫ.
7 - السيد محمد مهدي بحر العلوم.
8 - الشيخ مرتضى الأنصاري.
9 - الآخند ملا محمد كاظم الخراساني.
10 - العلامة الحلي..
11 - الميرز النائيني.
12 - السيد أبو الحسن الأصفهاني.
13 - السيد محمد سعيد الحبوبي.
14 - شيخ الشريعة.
15 - الشيخ ضياء الدين العراقي.
16 - المولى علي نقي الكمرئي.
17 - الشيخ أحمد النراقي، صاحب مستند الشيعة.
وغير هؤلاء من كبار العلماء الأعلام، الذين آثروا جوار سيد الوصيين علي أمير المؤمنين عليه السلام، وتجد في مختلف أنحاء المدينة مقابر لمشاهير العلماء وأساطين المعرفة... لا مجال لنا هنا لذكرها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد