
نعتقد - عادةً - بأنّ للناس الآخرين، الذين نعاشرهم أو نطّلع على نتاج متّسق ومفهوم لهم، عقلًا وتفكيراً. فإذا قرأنا لشخص - مثلًا - كتاباً متّسق المعنى نسلّم بأنّه عاقل، ونرفض احتمال أنّه مجنون قد تجمّعت لديه خواطر جنونية، فأنتجت على سبيل الصدفة ذلك الكتاب.
وقد يخيّل للإنسان الأرسطي التفكير: أنّ الاستدلال على عقل هذا المؤلف، عن طريق ما يتمثّل في كتابه من اتساق ونضج فكري، من نوع الاستدلال على وجود السبب بوجود مسبّبه.
ولكنّ الواقع أنّ الكتاب بقدر ما يتّصل بمبدأ السببيّة لا يمكن أن يبرهن منطقياً - على أساس هذا المبدأ - على أنّ المؤلف إنسان يتمتّع بمعرفة منظّمة. إذ كما يمكن أن يكون المؤلف لكتاب في اللغة على قدر من المعرفة باللغة أتاح له أن يكتب ذلك الكتاب، كذلك يمكن أن يكون مجنوناً تتابعت خواطر عشوائيّة في ذهنه فأدّت إلى تكوّن ذلك الكتاب، وفي كلتا الحالتين يجد مبدأ السببيّة تطبيقه الضروري.
غير أنّ الدليل الاستقرائي هو الذي يعيّن الفرضية الأولى، وينفي الفرضية الثانية. وذلك لأنّ الفرضية الثانية تتضمّن عدداً كبيراً من الافتراضات المستقلّة بقدر فقرات الكتاب؛ لأنّ كلّ فقرة من الكتاب، إذا كانت نتيجة لخاطر جنوني، فلا توجد أيّ علاقة تلازم بين كلّ فقرة والفقرات الأخرى، وهذا يعني: أنّ الفرضية الثانية لا يمكن أن تفسّر تكوّن الكتاب إلّا على أساس عدد من الافتراضات المستقلّة لخواطر جنونية متطابقة مع فقرات الكتاب، بل حروفه.
وعلى العكس من ذلك الفرضية الأولى، فإنّها تتضمّن عدداً أقلّ من الافتراضات؛ لأنّ المعرفة التي تفسّر - على أساس الفرضية الأولى - فقرة معيّنة في الكتاب قد تكون بنفسها تفسّر عدداً آخر من الفقرات. فإذا رأينا مثلًا كلمة «غليان» قد استعملت مائة مرّة في الكتاب وجاءت دائماً في الموضع المناسب، فقد لا يتطلّب ذلك - على أساس الفرضية الأولى – إلّا افتراض أنّ الكاتب يعرف معنى كلمة «غليان»؛ لأنّ كونه يعرف معنى الكلمة يكفي لتفسير ورودها في الموضع المناسب في كلّ المرّات، بينما لو أخذنا بفرضية أنّ الكاتب مجنون يصبح ورود الكلمة في كلّ مرّة حادثةً مستقلّة عن ورودها في المرّات الأخرى.
وبهذا كانت تلك الفرضية تتطلّب افتراضات بعدد مواقع ورود الكلمة في الكتاب. وهكذا تصبح المجموعة من الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الأولى أقلّ كثيراً من مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الثانية.
وينشأ على هذا الأساس علمان إجماليّان:
أحدهما: العلم الإجمالي الذي يستوعب احتمالات مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الأولى؛ لأنّ هذه الافتراضات إذا كانت ثلاثة مثلًا رمزنا إليها ب ( أ ) و ( ب ) و ( ج )، ففيها ثمانية احتمالات هي احتمالات الصدق والكذب فيها، إذ قد يصدق الافتراض ( أ ) فقط، وقد يصدق الافتراض ( ب ) فقط و...، وقد تصدق كلّ الافتراضات الثلاثة: ( أ ) و ( ب ) و ( ج ). وهذا العلم الإجمالي ينفي الفرضية الأولى بقيمة احتمالية كبيرة؛ لأنّ كلّ أطرافه - باستثناء طرف واحد وهو افتراض أن يصدق ( أ ) و ( ب ) و ( ج ) جميعاً - في صالح نفي الفرضية الأولى. وهذا الطرف الوحيد حيادي تجاه ذلك؛ لأنّ ( أ ) و ( ب ) و ( ج ) إذا كانت جميعاً صادقة فقد يكون الكتاب نتيجة لمعرفة، وقد يكون نتيجة لجرّة قلم عشوائيّة.
والآخر: العلم الإجمالي الذي يستوعب احتمالات مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الثانية. ولـمّا كانت هذه المجموعة أكبر عدداً من مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الأولى، فسوف يكون عدد أطراف هذا العلم الإجمالي أكثر. وهذا العلم ينفي الفرضية الثانية بقيمة احتمالية أكبر من القيمة التي أعطاها العلم الإجمالي الأوّل لنفي الفرضية الأولى - بعد افتراض أنّ القيم الاحتمالية للافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها كلّ من الفرضيّتين متساوية - لأنّ أطرافه أكثر، وكلّها - باستثناء طرف واحد - في صالح نفي الفرضية الثانية، وطرف واحد يعتبر حيادياً تجاهها.
والقيمتان النافيتان متعارضتان؛ لأنّ إحدى الفرضيّتين واقعة حتماً، فلا بدّ من تحديد القيمة النهائية على أساس قاعدة الضرب، وتكوين علم إجمالي ثالث يستوعب الصور الممكنة. وفي هذا العلم سوف تكون القيمة الاحتمالية النافية للفرضية الثانية كبيرة جدّاً:
فلو افترضنا مثلًا: أنّ مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الأولى ثلاثة، ومجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الثانية ستّة، لكانت قيمة احتمال نفي الفرضية الثانية أكبر من قيمة احتمال نفي الفرضية الأولى بنسبة 63 إلى 8 على أقلّ تقدير.
وهذا التطبيق للدليل الاستقرائي ينتمي إلى الحالة الأولى من حالات الشكل الثاني للاستدلال الاستقرائي.
الحرص على تأمين الحرية والأمن في القرآن الكريم
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
معنى (رعد) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
نوازع وميول الأخلاقيات
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (1)
محمود حيدر
المذهب التربوي الإنساني
الشهيد مرتضى مطهري
دماغ كلّ منّا لا يتحدث اللّغة العصبيّة نفسها، لكنّه يشترك مع أدمغة النّاس في إدراك المدخلات الحّسيّة وتفسيرها
عدنان الحاجي
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
الشيخ جعفر السبحاني
أصول التعامل الناجح مع الوالدين
السيد عباس نور الدين
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟
الشيخ محمد صنقور
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
الشيخ محمد جواد مغنية
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
الحرص على تأمين الحرية والأمن في القرآن الكريم
معنى (رعد) في القرآن الكريم
نوازع وميول الأخلاقيات
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (1)
المذهب التربوي الإنساني
دماغ كلّ منّا لا يتحدث اللّغة العصبيّة نفسها، لكنّه يشترك مع أدمغة النّاس في إدراك المدخلات الحّسيّة وتفسيرها
أحمد آل سعيد: لا للتّنمّر بين الأطفال
اطمئنان
حقيقة التوكّل
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول