متابعات

الشيخ العمير في أولى ليالي "بينات من الهدى": القرآن عيادة نفسية لكونه صاحب محفزات ومنبهات للإدراكات الغامضة لدى الإنسان


انطلق مساء الأحد 20 مايو البرنامج الرمضاني "بينات من الهدى" الذي ينظمه النشاط الثقافي بالربيعية في نسخته الثالثة بحوارية مع سماحة الشيخ الدكتور محمد آل عمير حملت عنوان "الاطمئنان والقلق لدى الإنسان في القرآن الكريم" في جزئها الأول.
وذكر الشيخ العمير أن الاطمئنان والقلق هما رمزان للحالة الداخلية عند الإنسان ومحتواها الروحي على مستوى الفكر والمشاعر، لافتًا إلى أن تعريف الصحة النفسية لها عدة مسارات وتعريفات لكن أهمها ما يعرف بـ "التوازن الداخلي" الذي يقصد منه تلك القدرة المختزلة داخل الإنسان التي تمكنه من التحكم بمشاعره وأفكاره وأهدافه.
أوضح أن المشاكل النفسية إذا اعتبرت أمرًا طارئا فلها مناشئ قد تكون على مستوى اللأسرة أو على مستوى التربية أو المدرسة أو فقدان الطموح أو تهديد الأمن الشخصي أو الجماعي أو ما شابه ذلك، مما يفتك باستقرار النفس ويجعل الإنسان حبيسًا لتلك الحالة كئيبًا قلقًا مضطربًا.

الشيخ محمد آل عمير

وأبان أن الصحة النفسية هي عبارة عن القدرة على إدارة الذات حين الإصابة بمشكلة، مشددًا على أنه لا يمكن القول إن الفرد خالٍ من المشاكل، حيث أن الكل يتعرض لمشاكل تزرع مع الوقت في القلب كنكت سوداء، وتتراكم فتتحول إلى مشكلة دون أن يعلم الإنسان.
واستعرض سماحته عناصر دورة الحياة النفسية التي تبدأ بالقدرة على التكيف، والإنتاج بكفاءة، وتوزان القدرة مع الطموح، وتجاوز الذات، والحياة المتوازنة، والصحة البدنية، والصحة الروحية، وذكر أن علماء الصحة النفسية يرون أن الكيان الداخلي مرتبط بجسده أولًا، ومرتبط بعقله ثانيًا، مرتبط بالظروف الخارجية ثالثًا، فالأهداف والطريق الذي يمشي عليه هي العناصر التي تؤثر على الصحة النفسية.
وكشف أن دور القرآن في الصحة النفسية يكمن في معالجة المحتوى الداخلي للإنسان، وتكون معالجة القرآن للإنسان عن طريق تحفيز النفس والمشاعر والقلب، لتكون على استعداد للتطور والاستجابة للمشكلات، ليس بشكل أكاديمي أو بالطريقة التخصصية في الصحة النفسية.
وأوضح أن الهداية الربانية التي يحملها القرآن تعمل على النفس البشرية في القلب والعقل والسلوك، وهو ما يقصد بالشفاء القرآني، وهو قدرته على تحويل القلق إلى اطمئنان، وبيّن أن عالم القيم في القرآن يؤثر في القيمة الإيجابية التي هي أحد أركان الصحة النفسية.
وعند سؤاله حول كيف يمكن تقديم الصحة النفسية في ضوء القرآن أمام منظمة الصحة النفسية العالمية، أجاب الشيخ العمير: "القرآن الكريم ليس عيادة نفسية، لذلك لا نحتاج أن نفترض أن القرآن الكريم لديه منهج مختلف عن مناهج الصحة النفسية الخارجية، لكن القرآن عيادة نفسية بمعنى آخر، لأنه صاحب محفزات ومنبهات للإدراكات الغامضة لدى الإنسان، وهو يأخذه بناحية الاستقرار والهدوء"، وأضاف: "إن أكثر المعالجين النفسيين يعتمدون على قابلية المريض للعلاج".


وذكر أن الوصول إلى حالة التوازن، يحتاج إقناع الذات بأن منشأ الخوف غير موجود، وإن كان حقيقيًّا، وأن قدرة غيبية يمكنها أن تجعلنا في منأى من ذلك.
وأوضح الشيخ العمير أن الخائف المضطر الذي يقرأ الآية "حسبنا الله ونعم الوكيل" من عميق وجدانه سوف يتأثر، فالمطلوب في المعادلات القرآنية أن يقرأ الإنسان الذكر بوصفه إنسانًا يعيش هذه الحالة. وقال: "نسبة رفع الخوف والخروج من فخ الخوف بنسبة حضور الله في القلب أثناء إلقاء النص، لذلك يوصي العلماء بتكرار الآية وهذا سر من أسرار الذكر".
وأشار إلى أن الإمام الصادق عليه السلام أشار إلى أربع مناطق يمر بها الإنسان عند حدوث مشكلة، وهي الخوف والغم والمكر والحصول على الثواب، التي يلجأ فيها الإنسان إلى ذكر الله وإلى النص القرآني.
وعند سؤاله حول ما إذا كان القرآن يقيم منظومة تحكم وسيطرة أم منظومة إدارة وتوجيه، أجاب الشيخ العمير بالقول: "القرآن يعطي الجميع؛ لأنه يخاطب الذات البشرية باعتبارها مشاعر مثل ما ذكرنا في المناطق الأربع، وتارة يخاطبها باعتبار أنها فكر مثل نموذج وصايا لقمان لابنه بما يولد أفكارًا إيجابية، وربما يعيش القرآن مع الإنسان في عملية تحفيز لكي يطابق سلوكه عمله".
وذكر أن القرآن نور وشفاء في الإطار العام حيث أن حقائقه شفاء يجعل النفس تستقر طيلة تلاوته، والارتباط الغيبي شرط أساسي في حل المشاكل الجسدية التي ليس لها حل، وأضاف: "تلاوة القرآن وحفظه والنظر إليه مفيد من أكثر من جهة، والأهم من ذلك أنه يمثل مادة للاتصال بالله عز وجل".

وبخصوص الإعلام وتسليط الضوء على التداوي بالقرآن الكريم والهداية وإخراج الجن من جسد الإنسان، أوضح الشيخ العمير أنه لابد من الاعتماد على الأدلة للخروج من حالة التهريج عبر النظر في كون الآيات تخرج الجن أم لا، وذلك عبر النظر في الأحاديث الشريفة المعتبرة، فإن ذلك يوصلنا إلى بوابات الحقيقة، أما بالاعتماد على المجربات أو الاستخدام الإعلامي وإخراج الناس إلى  بوابة الخرافة، فهذه تعتبر مشكلة، مشددًا على ضرورة التعامل مع القرآن وأن يستفاد من بركاته بوعي وعلم.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد