المترجم: عدنان أحمد الحاجي
قد يكون الزمان، وليس المكان + الزمان (الزمكان)، الخاصية الأساسية الوحيدة التي تعتبر ظرفًا زمانيًّا لجميع الظواهر الفيزيائية، وفقًا لنظرية جديدة وضعها باحث من جامعة ألاسكا فيربانكس.
وتُجادل النظرية أيضًا بأن الزمان يأتي في ثلاثة أبعاد، وليس مجرد بُعد واحد نشعر به كتوالي أو تعاقب غير منقطع. والمكان يتجلى كبعد ثانوي.
قال الأستاذ الباحث المشارك غونتر كليتشكا Gunther Kletetschka في المعهد الجيوفيزيائي بجامعة ألاسكا فيربانكس: "هذه الأبعاد الزمانية الثلاثة هي النسيج الأساس لكل شيء، كلوحة فنية". وأضاف: "الفضاء باقٍ بأبعاده الثلاثة، ولكنه أشبه بالألوان على لوحة فنية لا اللوحة الفنية نفسها".
هذه الأفكار تعتبر اختلافًا بارزًا عن الخواص الفيزيائية الـمتعارفة والمقبولة بشكل عام، والتي تُشير إلى أن بُعدًا واحدًا من الزمان + أبعاد المكان الثلاثة تشكل الواقع (كما هو موجود بالفعل). يُعرف هذا بالزمكان، وهو مفهوم ظهر قبل أكثر من قرن، ويعتبر الزمان والمكان كيانًا واحدًا.
صيغة كليتشكا الرياضية للأبعاد الستة الكلية - الزمان والمكان مجتمعين - قد تُقرّب الباحثين من إيجاد تفسير مُوحّد للكون.
إدراك أبعاد الزمان التي تتجاوز تعاقب الزمان المألوف لدينا يصعب على الفهم والاستيعاب. وقد اقترح علماء الفيزياء النظرية الكثير من الاختلافات.
تُضاف دراسة كليتشكا، والتي دمجت مجموع الأبعاد الستة معًا - ثلاثة أبعاد للزمان وثلاثة أبعاد للمكان، المنشورة في مجلة "تقارير في تطورات العلوم الفيزيائية في 21 أبريل، 2025 (1، 2)"، إلى مجموعة أبحاث قائمة يجريها علماء الفيزياء النظرية وتتناول موضوع خارج نطاق الفيزياء السائدة (أي خارج النظريات والمفاهيم الفيزيائية المثبتة والمقبولة على نطاق واسع).
وكتب كليتشكا أن إطاره (صيغته) الرياضية للزمن ثلاثي الأبعاد يُحسّن من مقترحات الآخرين وذلك بإعادة إنتاج نسخ قابلة للاختبار من كتل الجسيمات المعروفة وخصائص فيزيائية أخرى.
وقال كليتشكا: "المقترحات السابقة للزمان ثلاثي الأبعاد كانت في المقام الأول مجرد مفاهيم رياضية لا تستند إلى بيانات تجريبية رصينة. لكن دراستي حولت هذا المفهوم المجرد من نظرية رياضية ممكنة ومثيرة للاهتمام إلى نظرية قابلة للاختبار الفيزيائي باستخدام قنوات مستقلة ومتعددة للتحقق من صحتها".
يمكن استخدام هذه النظرية للتنبؤ بخصائص الجسيمات غير المعروفة حاليًّا، والمساعدة في البحث عن أصل الكتلة، وفي نهاية المطاف، المساعدة في إيجاد حل لأحد أعظم الأسئلة في الفيزياء.
ما هو الزمن الثلاثي الأبعاد؟
الزمن الثلاثي الأبعاد هو نظريةٌ تُعرّف الزمن، مثل المكان، بأنه اتجاهات متعددة ومستقلة، يّتصور عادةً على أنه ثلاثة محاور للزمن مع الحركة (تغير المكان بالنسبة لتغير الزمن)، تُشبه في مفهومها المحاور المكانية X وY وZ.
تخيّل أنك تسير في مسارٍ مستقيم، مُتقدمًا للأمام، وبالتالي تشعر بالزمن كما نعرفه. الآن، تخيّل مسارًا آخر يتقاطع مع المسار الأول عاموديًّا.
إذا استطعت السير على هذا المسار الثاني وأن تبقى في نفس اللحظة من "الزمن العادي"، فقد تجد أن الأمور قد تختلف قليلًا - ربما نسخة مختلفة من نفس اليوم. السير على طول هذا المسار الثاني العامودي قد يُمكّنك من استكشاف نتائج مختلفة لذلك اليوم دون الرجوع زمانيًّا إلى الوراء أو التقدم زمانيًّا إلى الأمام.
وجود هذه النتائج المختلفة هو البُعد الثاني للزمن. أما وسيلة الانتقال من نتيجة إلى أخرى فهي البُعد الثالث.
صرح كليتشكا بأن نظريته تتغلب على بعض مشكلات نظريات الزمان الثلاثية الأبعاد السابقة المستندة إلى الفيزياء التقليدية.
على سبيل المثال، تصف هذه النظريات أبعادًا زمانية متعددة قد تكون فيها العلاقة بين السبب والنتيجة غامضة. أما نظرية كليتشكا تضمن أن الأسباب تسبق النتائج، حتى مع تعدد أبعاد الزمان، ولكن في إطار رياضي أكثر تعقيدًا.
في الزمان الثلاثي الأبعاد، يعتقد بعض الباحثين، ولا سيما أستاذ الفيزياء النظرية إسحاق بارز Itzhak Bars من جامعة جنوب كاليفورنيا، أن البعدين الثاني والثالث يصبحان واضحين، أو يتكشفان، عند مستويات الطاقة القصوى مثل تلك التي حدثت خلال الكون المبكر أو في تفاعلات الجسيمات عالية الطاقة.
أعظم موحِّدٌ؟
يعتقد إسحاق بارز وغيره من علماء الفيزياء النظرية أن السعي وراء نظرية الزمان الثلاثية الأبعاد يُمثِّل طريقًا للإجابة على بعض الأسئلة الفيزيائية الكبرى التي حيَّرت العلماء. قد تُسهم مقاربة كليتشكا الرياضية في حلِّ أعظم مسائل الفيزياء تحديًا، والتي لم تُحَلَّ بعد: توحيد ميكانيكا الكم - أي سلوك الجسيمات دون الذرية (3) - مع الجاذبية في نظرية كمومية واحدة للجاذبية.
نظرية الجاذبية الكمومية (4) قد تؤدي إلى، أو تصبح، النظرية الكبرى للكون - ما يُسمى بـ "نظرية كل شيء (5)". ستجمع هذه النظرية الموحدة، البعيدة المنال، القوى الأساسية الأربع للطبيعة: الكهرومغناطيسية، والقوة النووية القوية، والقوة النووية الضعيفة، والجاذبية. نموذج فيزياء الجسيمات المعروف يوحد القوى الثلاث الأولى. الجاذبية يمكن تفسيرها من خلال نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين.
لذا دأب الفيزيائيون على البحث عن "نظرية كل شيء" لتوحيد النموذج المألوف الذي يضم القوى الثلاث مع الجاذبية. ويُعد إيجاد أصل كتل الجسيمات (6) محوريًّا في هذا المسعى.
يعتقد كليتشكا أن نظريته عن الزمان ثلاثي الأبعاد يمكن أن تُساعد في هذا المسعى. يعيد إطاره الرياضي إنتاج كتل الجسيمات المعروفة، مثل الإلكترونات والميونات والكواركات، بدقة كما أنه يفسر لماذا للجسيمات هذه الكتل.
"قد يتطلب توحيد النموذج المعروف مع الجاذبية إعادة النظر جذريًّا في طبيعة الواقع المادي نفسه (حالة كل شيء كما هي موجودة)". وأضاف كليتشكا: "تُظهر هذه النظرية كيف يُمكن للنظر إلى الزمان كعالم ثلاثي الأبعاد أن يحل بشكل طبيعي أكثر من مسألة غامضة في الفيزياء من خلال إطار رياضي واحد ومنسجم".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2- https://www.worldscientific.com/doi/epdf/10.1142/S2424942425500045
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/ميكانيكا_الكم
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/جاذبية_كمية
5- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_كل_شيء
6- http://https://www.philosophyofsci.com/index.php?id=132
المصدر الرئيس
https://www.uaf.edu/news/uaf-professors-work-is-a-step-toward-elusive-theory-of-everything.php
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
السيد عبد الأعلى السبزواري
عدنان الحاجي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد منير الخباز القطيفي
السيد جعفر مرتضى
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
كيف نستفيد من عاشوراء؟ (1)
{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (2)
خطوة إلى الأمام تجاه وضع (نظرية كلّ شيء)
يوميّات الإمام الحسين (ع) في كربلاء (1)
هل أقدم الحسين (ع) على التّهلكة (2)
تلبيات مشرعة للرّمال والسّيوف
نحيب على تراب النّبوّة
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (1)
نتائج ثورة عاشوراء وآثارها