الشيخ محمد مهدي النراقي ..
اعلم! ، أنّ للقوم في إثبات التوحيد مسلكين :
أحدهما : إثبات وحدة الواجب بالذات ، ووحدة إله من دون التقييد بالعالم
وثانيهما : إثبات وحدة إله العالم.
وجميع البراهين المتقدّمة إنّما دلّت على إثبات وحدة الواجب بالذات ولا يثبت منه وحدة إله العالم ، إذ مجرّد وحدة الواجب بالذات لا يوجب كون الإله المؤثّر في العالم واحدًا ، فلا بدّ لنا من إثبات وحدة الإله الخالق للعالم.
فنقول : القوم استدلّوا على ذلك بوحدة العالم ؛ وتقرير هذا الاستدلال : إنّ أجزاء العالم يرتبط بعضها ببعض وينتفع بعضها من بعض بحيث لا ينظم حال بعض بدون آخر ـ كما في أعضاء حيوان واحد ـ فإنّ من لاحظ العالم بجميع أجزائه يجد أنّ فيما بين أجزائه افتقارًا بحيث يكون جميعها في سلسلة واحدة ـ ولهذا قال بعضهم : « إنّ مجموع العالم بمنزلة حيوان واحد وأجزائه بمنزلة أعضائه » ـ
وإذا كان أجزاء العالم مرتبطًا بعضها ببعض على الوصف الحقيقي والنظم الحكمي بحيث كانت جميع أجزائه في سلسلة النظام كثيرة الفوائد والمصالح ، لدلّت على أنّ مبدعها واحد محض وصانعها فرد صرف. وكما أنّ كون أعضاء شخص واحد من الإنسان مؤتلفة تأليفًا طبيعيًّا مرتبطة بعضها ببعض منتفعة بعضها عن بعض في رباط واحد، وإن وجد كلّ واحد منّا ممتازًا عن غيره بحيث الطبيعة يدلّ على أنّ مدبّرها وممسكها عن الانحلال قوّة واحدة ومبدأ واحد، فكذلك الحال في أجسام العالم وقواها حال كونها مع انفصال بعضها عن بعض، وتفرد كلّ منها بطبيعة خاصّة وفعل خاصّ يمتاز به عن غيره، مرتبطة منتظمة في رباط واحد مؤتلفة ائتلافًا طبيعيًّا يدلّ على أنّ مبدعها ومدبرها وممسكها عن أن ينفصم واحد حقيقي ، إذ لو كان في العالم خالقان لتميز صنع كلّ واحد منهما عن صنع غيره ، فكان ينقطع الارتباط ويختلّ النظام ـ كما دلّ عليه قوله سبحانه : {لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: 91] ـ
ولمّا كان العالم واقعًا على هذا الانتظام ، بل كان فيه خلل وفساد ـ كما دلّ عليه قوله ـ تعالى ـ : { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ـ ، وبالجملة كون جملة العالم مع تفنّن حركاتها وتخالف أشكالها وتغيّر آثارها المتولدة من تأثير الآباء العلوية في الأمهات السفلية مؤسّسة على الاختلاف الطبيعي والرصف الحكمي دالّة بوحدتها الطبيعية الاجتماعية على الوحدة الحقّة الحقيقية.
وممّا يدلّ على وحدة إله العالم، إنّه قد ثبت أنّ واجب الوجود بذاته واحد لا شريك له في الوجوب الذاتي ـ بل في حقيقة الوجود ـ ، وكلّ موجود سواه ممكن بذاته وبه صار واجبًا وموجودًا ، فمن وجوب استناد كلّ الموجودات وارتقائها إليه ـ تعالى ـ يلزم أن يكون وجودات الأشياء كلّها من واحد هو الواجب الوجود بذاته ؛ بل نقول : قد تحقّق أنّ الواجب بذاته هو الوجود الحقيقي والموجود في حدّ ذاته وغيره ليس موجودًا في نفسها وإنّما يكون موجوديته باعتبار انتسابه إليه ـ تعالى ـ ، وإنّ التأثير والايجاد حقيقة إنّما هو إفادة الفاعل نفس ذات المعلول متعلّقة ومرتبطة بنفسه بحيث يصير بارتباطها به مبدأ لانتزاع الوجود عنها ومصداقًا لحمل الموجود عليها ـ إذ الشيء ما لم يكن وجودًا وموجودًا في نفس حقيقته، لا يصير شيء آخر لأجل ارتباطه به موجودًا ـ. وبذلك ثبت أنّ التأثير والإيجاد الحقيقي والفاعلية الحقيقية يختصّ بواجب الوجود بالذات ، كما أنّ الوجود الحقيقي يختصّ به ـ تعالى ـ ، وهو واحد ـ.. فلا مؤثّر في الوجود إلاّ الله.
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع
أمسية للشّاعرة فاطمة المسكين بعنوان: (تأمّلات في مفهوم الجمال بين الشّعر والفلسفةِ)
العظات والعبر في نملة سليمان
الكوّاي تدشّن إصدارها القصصيّ السّادس (عملاق في منزلنا)
اكتشاف أقدم أبجديّة معروفة في مدينة سوريّة قديمة
محاضرة للمهندس العلي حول الأنماط الحياتيّة من التّراث الدّينيّ
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (2)
الأمّة المستخلفة
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (1)