الشيخ جعفر السبحاني ..
لا معبود سوى الله
التَّوحيد في العبادة ممّا اتفق على اختصاصه بالله سبحانه جميع المسلمين بل الإِلهيّين، فلا يسجل اسم أحد في سِجِلّ الموحدين أو المسلمين إلاّ أن يُخَصّص العبادة بالله وحده فلو عممها له ولغيره، لا يكون مسلماً ولا موحداً.
وهذه القاعدة الكلية لا يشك فيها أي مسلم، كيف والقرآن يصرّح بأن الغاية والهدف الأسنى من بعث الأنبياء هو الدعوة إلى التوحيد في العبادة، قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّة رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾(النّحل:36). وشعار المسلمين من لدن بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا هو تخصيص العبادة بالله سبحانه، كيف وهم يقرأون في صلواتهم: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾(الفاتحة:5). وكانت مكافحة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للثنويين تتركز على هذه النقطة غالباً كما هو ظاهر لمن راجع القرآن الكريم.
وبالجملة، لا تجد مسلماً ينكر أصل الضابطة والقاعدة بل الكل متفقون على صحتها قائلون بأنّ استحقاق العبادة من شؤون الربوبية، فمن كان ربّاً فهو مستحق للعبادة، وإذ لا ربّ سواه فلا معبود سواه. وإنما الكلام في تشخيص مصاديقها وجزئياتها عن غيرها، وهذه هي المشكلة الوحيدة في هذا الفصل، فإنَّ جلّ من يَعُدّون بعض الأفعال عبادة لم يتوفقوا في تحديد العبادة تحديداً منطقياً يتميز به مصداق العبادة عن غيرها. فلأجل ذلك ضربوا الكل بسهم واحد فخلطوا العبادة بغيرها، وأجروا على الكل حكم الشّرك. ومن هنا يجب على الباحث الكلامي تحديد مفهوم العبادة حتى يتميز مصداقها عن مصداق غيرها كالخضوع والتعظيم.
ما هي العبادة؟
لفظ العبادة من المفاهيم الواضحة كالماء والأرض ولكن مع وضوح مفهومها وحضور هذا المفهوم في الذهن يصعب التعبير عنه بالكلمات، فكما هي واضحة مفهوماً، كذلك واضحة مصداقاً بحيث يسهل تمييز مصاديقها عن مصاديق التعظيم والتكريم. فتقبيل العاشق دار معشوقته، أو تراب قبرها بعد موتها لا يوصف بالعبادة، كما أن ذهاب الناس إلى زيارة من يعنيهم من الشخصيات، والوفود إلى مقابرهم، أو الوقوف أمامها احتراماً لا يعد عبادة وإنْ بلغ من الخضوع ما بلغ.ولكن لكي نعطي ضابطة كلية لتمييز المصاديق نأتي بتعاريف ثلاثة تتميز بها العبادة عن التكريم والتعظيم وإليك بيانها.
التعريف الأوّل
العبادة هي: "الخضوع اللفظي أو العملي الناشئ عن الاعتقاد بألوهية المخضوع له"(سيوافيك فيما يأتي معنى الالوهية) ويتضح صدق هذا التعريف ببيان أمرين:
الأول: إن العرب الجاهليين الذين نزل القرآن في أوساطهم وبيئاتهم، بل كل الوثنيين وعبدة الشمس والكواكب والجن، كانوا يعتقدون بألُوهية معبوداتهم، ويتخذونها آلهة صغيرة، وفوقها الإِله الكبير الّذي نسميه بـ"الله" سبحانه وتعالى.
الثاني: إنَّ العبادة عبارة عن القول أو العمل الناشئين من الاعتقاد بألوهية المعبود، وأَنَّه ما لم ينشأ الفعل أو القول من هذا الاعتقاد، فلا يكون الخضوع أو التعظيم والتكريم عبادة.
أما الأمر الأول فيدل عليه آيات كثيرة نشير إلى بعضها، يقول سبحانه:
﴿الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾(الحجر:96).
﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً﴾(مريم:81).
﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى﴾(الأنعام:19).
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً﴾(الأنعام:74).
فهذه الآيات تشهد على أنَّ دعوة المشركين كانت مصحوبة بالاعتقاد بألوهية أصنامهم وقد فسّر الشرك في بعض الآيات بـ"اتخاذ الإِله مع الله"، وذلك في قوله سبحانه: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ *إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾(الحجر:94-96). وفي آية أُخرى يفسّر حقيقة الشّرك بـ"اعتقاد أُلوهية المعبود" وذلك في قوله سبحانه: ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾(الطور:43) فجعل مِلاك الشّرك الاعتقاد بألوهية غير الله والمراد من الشّرك هنا، الشّرك في العبادة.
فبهذه الآيات ونظائرها يتجلى بوضوح تام أنَّ شركهم كان بسبب اعتقادهم ألوهية معبوداتهم وبسبب هذا الاعتقاد كانوا يعبدونها ويقدمون لها النذور والقرابين وغير ذلك من التقاليد والسنن العبادية.وبما أنَّ كلمة التَّوحيد تهدم عقيدتهم بألوهية غير الله سبحانه، كانوا يستكبرون عند سماعها كما قال عزّ وجل: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾(الصافات:35) أي يرفضون ما قيل لهم، لأنهم يعتقدون بألوهية معبوداتهم أيضاً، ويعبدونها لأنها آلهة بحسب تصورهم.
ولأجل هذه العقيدة السخيفة كانوا إذا دُعي الله وحده كفروا به، وإذا أُشرك به آمنوا كما قال سبحانه: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ للهِ الْعَلِي الْكَبِيرِ﴾(غافر:12).
وأما الأمر الثاني: فيدل عليه الآيات الّتي تأمر بعبادة الله وتنهى عن عبادة غيره، مدلّلة ذلك بأنَّه لا إله إلا الله كقوله سبحانه وتعالى: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرُهِ﴾(الأعراف:59) ومعنى ذلك أنَّ الّذي يستحق العبادة هو من كان إِلهاً، وليس هو إِلاَّ الله.وعندئذ فكيف تعبدون ما ليس بإله.وكيف تتركون عبادة الله وهو الإِله الّذي يجب أن يُعبد دون سواه؟ وفي هذا المضمون وردت آيات كثيرة أخرى.
فهذه التعابير الّتي هي من قبيل تعليق الحكم على الوصف، تفيد أنّ العبادة هي الخضوع والتذلّل النابعين من الاعتقاد بألوهية المعبود، إذ نلاحظ بجلاء كيف أنَّ القرآن استنكر عبادة المشركين غير الله بأنَّ هذه المعبودات ليست بآلهة، وأنَّ العبادة من شؤون الألوهية، فإذا تحقق وصف الألوهية في شيء جازت عبادته واتخاذه معبوداً. وحيث أنَّ هذا الوصف لا يوجد إلاّ في الله سبحانه وجب عبادته دون سواه.
فإلى هنا اتضح أنَّ الحق في التعريف هو أنْ يقال:"إنَّ العبادة هي الخضوع النابع عن الإِعتقاد بألوهية المعبود"وإلى ذلك يشير العلاّمة الحجة المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي في تفسيره المسمى بـ"آلاء الرحمن" في معرض تفسيره وتحليله لحقيقة العبادة قال: "العبادة ما يرونه مشعراً بالخضوع لمن يتّخذه الخاضع إليهاً ليوفيه بذلك ما يراه له من حق الامتياز بالأُلوهية".
لقد صَبَّ العلامة البلاغي ما يدركه فطرياً للعبادة في قالب الألفاظ والبيان. والآيات المتقدمة تؤيد صحّة هذا التعريف واستقامته.
التَّعريف الثاني
العبادة هي: "الخضوع أمام من يعتقد بأنه يملك شأنا من شؤون وجود العابد وحياته وآجله وعاجله".
توضيح ذلك: إنَّ العبودية من شؤون المملوكية ومقتضياتها، فعندما يحسّ العابد في نفسه بنوع من المملوكية، ويحسّ بالمالكية في الطرف الآخر، يُفرغ إحساسه هذا، في الخارج، في ألفاظ وأعمال خاصة، وتصير الألفاظ والأعمال تجسيداً لهذا الإِحساس، ويكون كل عمل أو لفظ مُظْهِر لهذا الإِحساس العميق، عبادة.
ولا شك أنْ ليس المقصود بالمالكية، مطلق المالكية، فالاعتقاد بالمالكية القانونية والاعتبارية لا يكون أبداً موجباً لصيرورة الخضوع عبادة. والبشر في عصور "العبوديات الفردية" بالأمس، و"العبودية الجماعية" في الحاضر، لا يعدون امتثالهم لأوامر أسيادهم عبادة. وإنما المقصود من المملوكية هنا، القائمة على أساس الخلق والتكوين والتسلّط على شأن من شؤون التكوين. فالمالكيات الحقيقية لها مناشئ مختلفة وهاك بيانها:
1- قد يوصف بالمالكية لكونه خالقاً، ومن هنا يكون الله سبحانه مالكاً حقيقياً للبشر لأنه خالقه وموجوده من العدم. ولهذا نجد القرآن الكريم يعتبر جميع الموجودات الشاعرة عبيداً لله، ويصفهم تعالى بأنه مالكهم الحقيقي وذلك لأنه خلقهم، إذ يقول سبحانه: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِى الرَّحْمَنِ عَبْداً﴾(مريم:93).
ولأجل ذلك أيضاً نجده سبحانه يأمرهم بعبادة نفسه معللاً بأنه هو ربّهم الّذي خلقهم دون سواه، إذ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾(البقرة:21)ويقول جل شأنه: ﴿ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىْء فَاعْبُدُوهُ﴾(الأنعام:102).
2- ويوصَف بالمالكية لكونه رازقاً ومحيياً ومميتاً، ولذلك يحس كل إنسان سليم الفطرة بمملوكيته لله تعالى، لأنَّه سبحانه مالك حياته ومماته ورزقه. ومن هنا يلفت القرآن نظر البشر إلى مالكية الله تعالى لرزق الإِنسان وأنه تعالى هو الّذي يميته وهو الّذي يحييه، ليلفته من خلال ذلك إلى أنَّ الله هو الّذي يستحق العبادة فحسب، إذ يقول عزّ من قائل: ﴿اللهُ الذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾(الروم:40). ويقول سبحانه: ﴿هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾(الروم:28) يقول تعالى: ﴿هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾(يونس:56).
3- ويوصَف بها لكون الشفاعة والمغفرة بيده، وحيث إنَّ الله تعالى هو المالك للشفاعة المطلقة لقوله تعالى: ﴿قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً﴾(الزُّمر:44)، ولمغفرة الذنوب لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ﴾(آل عمران:135)، بحيث لا يملك أنْ يشفع أحد لأحد من العباد إلاَّ بإذنه، لذلك يشعر الإِنسان في قَرارَة ضميره بأنَّ الله سبحانه مالك مصيره من حيث السعادة الأُخروية، وإذا أحس إنسان بمملوكية كهذه ومالكية كتلك، ثم جَسَّد هذا الإِحساس في قالب اللفظ أو العمل، كان عابداً له بلا ريب.
وإلى ذلك يرجع ما ربما يفسّر العبادة بأنَّها خضوع أمام من يعتقد بربوبيته، فمن كان خضوعه العملي، أو القولي أمام أحد نابعاً من الاعتقاد بربوبيته، كان بذلك عابداً له.ويكون المقصود من لفظة "الرّب" في هذا التعريف هو المالك لشؤون الشيء، القائم بتدبيره وتربيته.
ويدل على ذلك أنَّ قسماً من الآيات تعلل الأمر بحصر العبادة في الله وحده بأَنه الربّ، فمن ذلك قوله سبحانه: ﴿وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ﴾(المائدة:72).وقوله سبحانه: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾(الأنبياء:92). وقوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾(آل عمران:51). وغير ذلك من الآيات الّتي تجعل العبادة دائرة مدار الربوبية.
التعريف الثالث
ويمكننا أَنْ نصبَّ إدراكنا للعبادة في قالب ثالث فنقول: العبادة هي "الخضوع ممن يرى نفسه غير مستقل في وجوده وفعله، أمام من يكون مستقلاً فيهما". وليس الغني المستقل إلا الله سبحانه، وقد وصف نفسه تعالى في غير موضع من كتابه بالقيوم قال عز من قائل: ﴿اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيّومُ﴾(البقرة:255، وآل عمران: 2) وقال سبحانه: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾(طه:111).ولا يراد منه سوى كونه قائماً بنفسه، ليس فيه أيّة شائبة من شوائب الفقر والحاجة إلى الغير، بل كل ما سواه قائم به.
وبعبارة أُخرى: العبادة نداء الله تعالى وسؤاله، والقيام بخضوع في محضره، وطلب حاجات الدنيا والآخرة منه على أَنه الفاعل المختار والمالك الحقيقي لأُمور الدنيا والآخرة كلها، والمتصرف فيها، فلو نودي موجود آخر بهذا الوصف، تماماً أو بعضاً، فالنداء عبادة له وشرك فيه، والمنادي مشركٌ بلا كلام. فالذي يجب التركيز عليه هو أَن نعرف ما هو فعل الله سبحانه ونميزه عن فعل غيره وصلاحيته، حتى لا نقع في ورطة الشرك عند طلب شيء من الأَنبياء والأَولياء وغيرهم من الناس، فنقول:
إنَّ من أَقسام الشرك هو أَنْ نطلب فعل الله تعالى من غيره، ومن المعلوم أَنَّ فعل الله تعالى ليس هو مطلق الخلق والتدبير والرزق سواء أكان عن استقلال أم بإِذن الله لأَنه سبحانه نسبها إلى غيره في القرآن، بل هو القيام بالفعل مستقلاً من دون استعانة بغيره، فلو خضع أحد أمام آخر بما أنه مستقل في فعله سواء أكان الفعل فعلاً عادياً كالمشي والتكلّم، أم غير عادي كالمعجزات الّتي كان يقوم بها سيدنا المسيح عليه السَّلام مثلاً، من خلق الطَّير من الطين وإِبراء الأَكْمَه والأَبرص وإِحياء الموتى والإِنباء بالمغيّبات، يُعَدُّ الخضوع عبادة للمخضوع له.
توضيح ذلك: إِنَّ الله سبحانه غني في فعله، كما هو غني في ذاته عما سواه، فهو يخلق ويرزق ويحيي ويميت من دون أَنْ يستعين بأَحد سواء في أَفعاله المباشرية أو التسبيبية أو يستعين في خلقه بمادة قديمة غير مخلوقة له. فلو اعتقدنا بأَن أَحداً مستغن في فعله العادي وغير العادي عمن سواه، وأَنه يقوم بما يريد من دون استمداد واحتياج إلى أحد حتى الله سبحانه، فقد أَشركناه مع الله واتخذناه نداً له تعالى.
فالمِلاك في هذا التعريف هو "استقلال الفاعل" في فعله، وعدم استقلاله. والتوحيد بهذا المعنى ممّا يشترك فيه العالم والجاهل.
نعم ما يدركه المتألّه المثالي من التفاصيل في مورد الاستقلال في المعبود، وعدمه في العابد على ضوء الأدلة العقلية والكتاب العزيز، ممَّا يدركه غيره أيضاً بفطرته الّتي خلق عليها، فلا يلزم من اختصاص فهم التفاصيل بهذه الطبقة أي المتألّهين البصيرين حرمان الجاهلين من فهم معاني العبادة ومشتقاتها الواردة في القرآن ومحاوراتهم العرفية، فالعبادة بهذا المعنى أي باعتقاد كون المعبود مستقلاً يشترك فيه العالم والجاهل، والكامل وغير الكامل، غير أنَّ كل فرد من الناس يفهمه على قدر ما أُعطي من الفهم والدرك كما قال سبحانه: ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾(الرعد:17) وحيث إنَّ الدارج في ألسِنَة المتكلمين في المقام التعبير بـ"التفويض" فلنشرح مقاصدهم.
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان