الشيخ عبدالهادي الفضلي ..
لم يك الإدراك بإحدى الحواس من المعاني التي أدرجها المعجم العربي القديم في قائمة الحس.
ففي (لسان العرب)(1): (حس الشئ يحس حسا وحسا وحسيسا، وأحس به وأحسه: شعر به ويقال: حست الشئ إذا علمته وعرفته).
وهو أقرب المعاني التي ذكرها ابن منظور إلى معنى الحس العلمي الذي نريد أن نتحدث عنه هنا.
ولعل أول أشير إليه عربيًّا هو فيما جاء في مثل الحديث الذي ذكره ابن الأثير في (النهاية)(2)، وما قام به من تعريف للإحساس، قال: ((إنه قال لرجل: متى أحسست أم ملدم) أي متى وجدت مس الحمى.
والإحساس: العلم بالحواس.
وهي (يعني الحواس): مشاعر الإنسان كالعين والأذن والأنف واللسان واليد).
ولأن المعنى دخل المعجم العربي في العصر العباسي، كما رأينا الإلماح إليه من قبل ابن الأثير المتوفى سنة (606 هـ) عدة (المعجم الوسيط) من المولد، قال: (الحس: الإدراك بإحدى الحواس الخمس (مو) أي مولد).
وقد ركز الفلاسفة على الحواس الخمس كمصدر للمعرفة، وتوسع علماء وظائف الأعضاء (الفسيولوجيون) باستقصاء جميع أعضاء الحس وبيان دورها في تحصيل المعرفة، فقسموا (الحواس الخمس إلى مجموعتين:
أ- المجموعة الأولى: وتتألف من حاستي اللمس والذوق، وتقوم بدور نقل الانطباعات البيئية أو الإحساسات المختلفة عن طريق الاحتكاك المباشر بالأشياء المادية المحيطة بالإنسان.
ب- المجموعة الثانية: وتتألف من حاسة البصر وحاسة السمع وحاسة الشم، وتقوم بدور نقل انطباعات الأشياء المادية دون أن تحتك احتكاكًا مباشرًا بتلك الأشياء المادية، بل عن طريق الأشعة الضوئية الصادرة عن الأشياء المرئية بالنسبة لحاسة البصر، وعن طريق الأمواج الصوتية المنبعثة من الأشياء المسموعة الصوت بالنسبة لحاسة السمع، وعن طريق الروائح المنبعثة من الأشياء ذات الرائحة بالنسبة لحاسة الشم)(3).
وقالوا: (بالإضافة إلى أعضاء الحس الخمسة التي تعرف بالحواس الظاهرة - والتي مر ذكرها - (هناك) حواس أخرى كثيرة (تشاركها في تحصيل المعرفة) وتعرف بالحواس الباطنة، ومنها: - عضو الإحساس بالاتزان الموجود في الأذن الداخلية الذي عن طريقه يشعر الشخص بتوازن جسمه أو انحرافه أثناء الوقوف أو الحركة أو ركوب الدراجة، ويشعر أيضًا بتوازن رأسه مع أعضاء جسمه الأخرى، وكذلك من ناحية مواقع أعضاء جسمه بالنسبة لبعضها.
- أعضاء الحس الداخلية كالقلب والمعدة والرئتين التي تجعل مخ الإنسان يشعر بالجوع والعطش وألم المعدة مثلًا وما يجري مجراها.
وقد ثبت - أيضًا - في الوقت الحاضر أن في سطح الجلد خلايا عصبية حسية أخرى بالإضافة إلى الخلايا الحسية الجلدية المختصة بالإحساس باللمس: فهناك الخلايا الحسية الجلدية المتخصصة بالإحساس بالحرارة، وهي منتشرة في جميع أرجاء الجسم على هيئة بقع لا ترى بالعين المجردة يتجاوز مجموعها (000 , 30) بقعة.
وتوجد على سطح الجلد كذلك خلايا حسية متخصصة بالشعور بالألم، وأخرى بالشعور بالضغط، وجميعها تنتشر في مختلف مناطق الجسم على هيئة مجاميع تختلف كثافتها باختلاف تلك المناطق.
كما ثبت أيضًا أن حاسة الذوق مؤلفة بدورها من أربع مجموعات من الخلايا الحسية الذوقية المنتشرة على سطح اللسان يختص بعضها بالإحساس بالحلاوة، وبعض آخر بالمرارة، وثالث بالحموضة، ورابع بالملوحة، فطرف اللسان مثلًا أكثر تخصصا بالإحساس بالحلاوة، وحافته بالحموضة، وقاعدته بالمرارة)(4).
والحس - كما رأينا - ذو دور مهم في تحصيل المعرفة.
ـــــــــــ
1- مادة (حسس).
2- 1 / 284 تحقيق الزاوي والطناحي.
3- الفكر: طبيعته وتطوره. د. نوري جعفر ظ 1 ص 204 بتصرف.
4- م. س 203.
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان