علمٌ وفكر

أزمة حصر الفلسفة بالمدارس الغربية عند المؤرخ الغربي


إذا أردنا أن نلاحظ مسألة مهمة في سردية تاريخ الفلسفة الغربية، نمهد لها بالسؤال التالي:
 

هل نستطيع القول بأن المؤرخ الغربي يعاني من أزمة حصر الإرث الفلسفي وتراكمه في المدارس الغربية فقط؟
 

الجواب على هذا التساؤل يقودونا للقول بأن الأزمة نابعة من طبيعة الموضوع نفسه، لأن التقسيم والتحقيب بذاته يستلزم موقفاً من الأفكار وموقفاً من التاريخ.
 

الموقف من الأفكار نفسها يعني النظر للفكرة أو الاتجاه المعين على الزمن، هل هناك مرحلة معينة؟ أم هنالك قطيعة؟ أو انحدار أو استكمال؟ (هل مرحلة الستينات في فرنسا هي استكمال لما جاء به "نيتشه" أم هي محاولة فاشلة لتقليده؟ هنا سيكون موقف المؤرخ التحقيبي تبعاً لموقفه الفكري من هذه المدارس على سبيل المثال).
 

ثانيًا، الموقف من التاريخ يعني موقف المؤرخ منه، فعلى سبيل المثال، يمكن أن نطرح ما يلي: هل ينتمي المؤرخ إلى رؤية "هيغل" في تطور التاريخ؟ أو يقول إن التاريخ كرمية النرد كما يعتبر "نيتشه"؟  هل يتبع تاريخانية الماركسية؟ أو يعتبرها غير علمية كحال كارل بوبر؟ هذا كله يؤثر على عملية التأريخ.
 

بالتالي نخلص إلى أن المؤرخ للفلسفة لا يمكنه أن يتجرد من مبتنياته الفكرية واتجاهه الفلسفي ونظرته للتاريخ، ومن الطبيعي أن لا يرى في تاريخ الفلسفة سوى المدارس الغربية والأسماء التي لمعت في القارة الأوروبية أو ضمن امتداداتها الجغرافية.
 

طبعًا هذا لا يعني أن كل الفلاسفة الغربيين يحصرون الفلسفة في المدراس الغربية فقط، فهناك من الفلاسفة من يعترف بشكل كبير بالفلسفات الأخرى، أو ربما يعتبرها أكثر أهمية أحيانًا. ولكن التوجه السائد هو حصر الفلسفة بما نتج في الغرب باعتباره المحور كما يعتقد "راسل" رغم اعترافه الهامشي بإنتاج الآخر، وربما تصل به المرحلة إلى درجة "هيدغر" الذي قال ليس هناك من فكر إلا الفكر الغربي.