علمٌ وفكر

السمات الملكوتية في الشخصية المحمدية

 

السيد منير الخباز
 *وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا*   
*العلم اللدني*
نبحث في هذه السمة حول الإمكان والوقوع.
هل يمكن للإنسان وهو بشر أن يحيط بمعلومات هائلة من مختلف الحقول كأن يستوعب معلومات مليون كتاب في دماغه؟.
هذا ممكن علمياً فالقدرة الاستيعابية التي يمتلكها الإنسان الطبيعي تعتمد على عناصر الذاكرة، الذكاء، القدرة على معالجة المعلومات.
*الذاكرة*
(جوردان لويس) إن القول بأن الإنسان لا يستخدم من دماغه إلا ١٠٪ هذا قول غير صحيح، فيمكن للإنسان أن يستخدم عقله بلا حدود.
البرفسور (بول ريبر) إذا قمنا بالمقارنة وقراءة مساحة الذاكرة في ذهن الإنسان، نجد أنه يمكن للدماغ أن يخزن ٢.٥ مليون جيجابايت وهي تساوي ٣ مليون ساعة من البرامج التلفزيونية.
*الذكاء*
المقياس العالمي للذكاء في الإنسان الطبيعي ١٠٠ نقطة وكلما زادت ١٠ نقاط كانت نسبة الذكاء الضعف. درجة ذكاء أنشتآين ١٦٠ درجة.
أذكى رجل في العالم أمريكي (وليام سدس) الذي تعلم القراءة عند عمر سنتين وأتقن ثمانية لغات وهو في عمر ثمانية أعوام (الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الروسية، اللاتينية، العبرية، التركية، الأرمينية) وكذلك دخل جامعة هارفارد في عمر ١١ سنة وتخرج منها في عمر ١٦ سنة. وتقدر نسبة ذكائه أعلى من أنشتآين من ٥٠ إلى ١٠٠ نقطة.
 

القدرة على معالجة المعلومات
عندما نرجع إلى ما تذكره الموسوعة البريطانية بأن الدماغ أثناء القراءة قادر على معالجة ٥٠ بايت من المعلومات في الثانية. والحواس ترفد الذهن في كل ثانية ب١١ مليون بت. فالنتيجة بأن الذهن يحمل ١٠٠ مليار خلية فهو قادر بحد ذاته على ١٠٠ مليار عملية. ولذلك يعتقد الكثير من العلماء بأن هذه المعلومات تتم معالجتها في منطقة اللاوعي.
ولذلك نأتي لسمة العلم اللدني عند النبي (ص) فالكتاب تبيان لكل شيء ونزل على قلب محمد (ص) الذي جاء لإقامة دولة عادلة والتي تحتاج إلى علوم طبيعية وعلوم الاقتصاد وعلم النفس والإدارة والاجتماع. فمقتضى ذلك أن يكون النبي (ص) محيطًا بكل المعلومات التي تتعلق بإقامة الدولة العادلة.
فالكتاب له وجود مادي ووجود معنوي تجريدي وهو نزل بمضامينه ووجوده التجريدي الذي يحمل حقائق كل شيء ولا يمكن لأحد فك شفراته ورموزه إلا النبي (ص).
وهذا أيضًا ما ورد في الكافي في الجزء الأول ٣٢ رواية أغلبها صحيح  تتحدث عن العلم اللدني عند النبي (ص)
 *وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا*
 

*العصمة*
نعود إلى علم النفس فهناك نظريتان.. العقل اللاواعي والتفكير الآلي.
العقل اللاواعي
ويتضمن ثلاث قوى الجزء الحيواني وهي الدوافع إلى تغطية الحاجات المادية كالغريزة الجنسية.
الحس الأخلاقي الدافع للعيش بسلام وهدوء.
الذات المنطقية
التسوية بين الأمرين المتصارعين والمتزاحمين.
التفكير الآلي
)دانيال كانمان) كثير من الأفعال التي يمارسها الإنسان لاتحتاج إلى تركيز. كقيادتك للسيارة والمسجل في وضع التشغيل. فالأفعال التي نمارسها بتركيز هي قسم من الدماغ والأفعال التي لا تحتاج إلى تركيز تحتاج إلى مهارة.
هل يمكن للإنسان أن يسيطر بعقله الواعي على عقله اللاواعي؟
يتم ذلك من خلال ثلاث خطوات
 

الكتابة
وهذه استجابة للدوافع الذاتية بلا تركيز 
التأمل
وهي مرحلة اكتشاف الذات
عن النبي (ص) (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا) 
سيطرة الوعي على اللاوعي
 *وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ* 
فالعصمة سيطرة الوعي على اللاواعي. ونستدل على العصمة بدليلين عقلي ونقلي
العقلي
تأييد النبي (ص) بالمعجز دعمًا وتصديقًا له. وذلك مع علم الله بدعواه وهذا يعني بأن النبوة مساوغة للعصمة.
نقلي
 *وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ*
الهدف من إرسال الرسول (ص) هو طاعته ولذلك كل ما يصدر منه هو طاعة لله لأنه أمرنا بطاعة رسوله (ص) وكل الأفعال والأقوال التي تصدر من النبي (ص) هي طاعة وذلك ليس بسبب خارجي فلو كان الله يتدخل بشكل مباشر في جميع أفعاله وأقواله لتكون طاعة لافتقد النبي (ص) الاختيار وهذا يتنافى مع ضرورة بشر مختار.
فالسبب هنا داخلي، أي أن في كيانه قدرة نفسية شعورية تبعثه على اختيار الطاعة في كل لحظة وهذه القدرة هي التي نسميها بالعصمة.
كالكريم الذي كل أفعاله كرم لوجود قوة بداخله تحثه على الجود وعلى العطاء.

والعصمة مساوغة للعلم وهي درجات
علم اليقين، عين اليقين، حق اليقين، صدق اليقين. فما ناله محمد (ص) من العلم المساوغ للعصمة أعلى درجات اليقين وهي صدق اليقين.
 *وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ*
إن كان ذلك لإبراهيم فكيف بمحمد (ص) وهو خاتم الأنبياء والمرسلين.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد