علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

كيف تؤثّر جيناتك في نوع سمتك الشّخصيّة؟

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

 

من المعروف منذ فترة طويلة أن حمض الشخص النووي يلعب دورًا في تشكيل شخصيته. فقد خطا باحثون في كلية الطب بجامعة ييل (YSM) خطوة أخرى في التعرف بالضبط على عدد من المواضع الجينية الجديدة المقترنة بسمات شخصية معينة. النتائج (1) التي توصلوا إليها نشرت في مجلة Nature Human Behavior في 12 أغسطس 2024.

باستخدام بيانات من برنامج مليون محارب قديم، أجرى الباحثون دراسة الارتباط على مستوى الجينوم الكامل (2) (GWAS) للتعرف على المتغيرات الجينية، التي تُعرف بـ المواضع الصبغوية "loci" [مواضع معينة تشغلها جينات معينة على الكروموسوم (3)]، المقترنة بكل سمة من سمات الشخصية "الخمس الكبرى (4)": الانبساط، والانفتاح، والوفاق، والعصابية، والضمير. ثم قام الباحثون بدمج هذه البيانات مع نتائج الـ GWAS السابقة لإجراء تحليل تلوي مع ما يقرب من 700 ألف فرد، مما مثل أكبر GWAS للسمات الشخصية حتى الآن.

يقول دانييل ليڤي Daniel Levey، الأستاذ المساعد في الطب النفسي في كلية الطب والباحث الرئيس في الدراسة: "لقد اقتربنا خطوة أخرى من عملية زيادة حجم العيّنة حتى نصبح قادرين على فهم أكثر وضوحًا للمتغيرات الجينية (5) المرتبطة جدًّا بهذه السمات الشخصيّة".

 

سمات الشخصية الرئيسة الخمس والمواضع الصبغوية

السمات الشخصية الرئيسة الخمس هي مقياس علمي للشخصية يمكن دراستها باستخدام التقييمات الذاتية (ما يفيد به الشخص نفسه عن نفسه) التي تشير إلى ما إذا كان الشخص يسجل درجات عالية أو متدنية في كل سمة من السمات الخمس. أكمل المشاركون في برنامج مليون من المحاربين القدامى التقييمات بالإضافة إلى تزويد الباحثين بعينة دم لعمل تحليل جيني. برنامج المحاربين القدامى برنامج بحثي وطني يجمع بيانات بما فيها المعلومات الوراثية من المحاربين القدامى لفهم العلاقة بين الجينات والصحة بشكل أفضل. 

مجرد وجود متغيرات جينية (5) لا يعني أن هذه هي الأشياء التي لا يتمكن المرء من تغييرها في حياته.

وبمقارنة نتائج تقييم السّمة الشخصية مع تحليل المتغيرات في الحمض النووي للمشاركين، وجد ليڤي وفريقه 62 موضعًا صبغويًّا جديدًا مقترنًا بسمة العصابيّة (6). كما تعرّفوا أيضًا على المواضع الصبغوية لأول مرة لسمة الوفاق (7). ومن خلال الجمع بين النتائج التي توصلوا إليها والبيانات المنشورة سابقًا، أجروا تحليلًا تلويًّا للتعرف على أكثر من 200 موضع صبغوي وراثي لكل سمة من سمات الشخصية الخمس.

وحتى في حالة لو وجدوا عددًا كبيرًا من المتغيرات الجينية، يأمل ليڤي أن يتمكن الفريق من التوسع في هذه الدراسات في المستقبل، ما من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى زيادة عدد المشاركين إلى ملايين الأشخاص بدلاً من مئات الآلاف وزيادة تنوع المشاركين. حسنًا. الدراسات الحالية على العلاقة بين الجينات والسمات الشخصية مقتصرة إلى حد كبير على أشخاص من أصل أوروبي.

يقول ليڤي: "لكي نكون قادرين على أن نكون واثقين من تحديد اتجاه تأثير هذه المتغيرات وما هو التأثير الفعلي الدقيق للمتغير، نحتاج إلى الحصول على أحجام عينات أكبر بكثير مما لدينا الآن". "الدراسات الوراثية البشرية الحالية متجانسة بالنسبة لسكان العالم. لو تمكنّا من ضم المزيد من أشخاص متباينين، وكنا قادرين على النظر في مدى تداخل الارتباطات بين عيّنة من الناس وعيّنة أخرى من غيرهم، فإن ذلك سيعطينا تعريفًا أكثر دقة.

 

الجينات وسمات الشخصية والصحة العقلية

قام ليڤي وفريقه أيضًا بدراسة التلازم الجيني بين سمات الشخصية وحالات (اضطرابات) الصحة العقلية المختلفة. ووجدوا أن هناك تداخلًا قويًّا بين العصابية، وهي سمة شخصية تتميز بالمشاعر السلبية، والاكتئاب والقلق. الذين يتمتعون بدرجة عالية من سمة التوافق، وهي سمة شخصية تتميز بالنزعة إلى الانسجام مع الآخرين، هم أقل احتمالًا للتعرض لهاتين الحالتين من اضطرابات الدماغ (الاكتئاب والقلق). هذا التلازم مفهوم جيدًا بالفعل من منظور الطبّ النفسي، لكن النتائج التي توصّل إليها ليڤي تزودنا بتأكيد جيني آخر.

تقول بريا جوبتا Priya Gupta، زميلة ما بعد الدكتوراه في مختبر ليڤي والمؤلف الأول لمسوّدة الورقة، إنه "على الرغم من أن علم الوراثة خارج نطاق سيطرتنا إلى حدّ كبير، فإن اكتساب فهم أعمق لسمات شخصيتنا يمكن أن يساعدنا على أن نصبح أكثر وعيًا بالمخاطر المحتملة على الصحّة العقلية وتطوير استراتيجيات فعالة للتكيف والتعامل مع هذه المخاطر.

ولكن مجرد وجود أساس وراثي للتلازم بين نوع السمة الشخصية وبعض اضطرابات الصحة العقلية، فهذا لا يعني أن تلك التلازمات تستمر مدى الحياة، كما يقول ليڤي.

يقول: "سوف تتكيف شخصيتك وتتغير مع الزمن، لذلك هناك علاقة زمنية لا نتصورها بالضرورة بطريقة الدراسة المستعرضة (8) التي ننظر بها إلى الشخصية في دراستنا". "لمجرد أننا وجدنا هذه التغيرات الجينية لا يعني أن هذه هي الأشياء التي لا يمكننا تغييرها في حياتنا".

ويأمل ليڤي أن تكون مثل هذه الدّراسات على السمات الشخصية مفيدة يومًا ما في تحديد العلاج المبكر لحالات اضطرابات الصحة العقلية.

"عندما تنظر إلى حاملي هذه السمات الشخصية الذين لديهم قابلية وراثية للإصابة باضطرابات عقلية لاحقًا في حياتهم، فقد يكون ذلك بمثابة مرحلة بادرية [فترة من الأعراض دون السريرية الأولى التي قد تشير إلى بدء الإصابة بمرض ما قبل ظهور الأعراض الخاصة بهذا المرض (10)]، انظر إلى من قد يكون أكثر احتمالًا للإصابة بالمرض، وبعد ذلك إن وُجد فقد يكون ذلك سببًا للتدخل ". كما يقول. "حتى لو تمكنّا من قياس هذا التلازم الجيني بين السمة الشخصيّة، مثل العصابيّة، والمرض العقلي، فهذا لا يعني أنه لا يتمكن المرء من أن يغير استراتيجياته في التعامل مع الحياة بطرق يمكن أن تساعده على تحقيق مخرجات حياتية أفضل".

ـــــــــــــــــــــ

مصادر من داخل النص وخارجه

1- http://https://www.nature.com/articles/s41562-024-01951-3

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/دراسة_الترابط_الجينومي_الكامل

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/موقع_صبغوي

4- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/عناصر_الشخصية_الخمسة

5- "المتغير الجيني gene variant هو تغيير دائم في تسلسل الحمض النووي الذي يكوِّن الجين. يُعرف هذا النوع من المتغير الجيني بالطفرة الجينية، ولكن نظرًا لأن التغيرات في الحمض النووي لا تسبب دائمًا مرضًا، لذا يُعتقد أن المتغير الجيني المصطلح الأكثر دقة". ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://medlineplus.gov/genetics/understanding/mutationsanddisorders/genemutation/

6- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/عصابية

7- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/وفاق

8- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/بادرة

9- https://ar.wikipedia.org/wiki/دراسة_مستعرضة

المصدر الرئيس

https://medicine.yale.edu/news-article/how-genes-shape-personality-traits-new-links-are-discovered/?utm_source

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد