إن ما يمكن أن نسميه بالقدر؛ أي القدر الذي يسير فيه الإنسان. إن حياة الإنسان عبارة عن جملة من الأمور المحسوبة بحسابات إلهية مرتبطة بما يسمى بالسنن؛ بمعنى أن الحياة، على سبيل المثال، فيها ابتلاءات، وهذه الابتلاءات فيها أكثر من أمر إذن، تجاوزه الله بعامل الفعل البشري. وهنا يدخل فعل البشر في تحديد القدر؛ أي قدر الإنسان، ويمكن للقدر أن يجري بموضوعات محددة، وضعها الله عز وجل، فتجعل الاتجاه لمسار الإنسان ضمن جملة من التحولات أيضًا وفق سنّة من السنن، لكن هذه السنّة هي سنّة شرطية؛ أي إذا فعل كذا فسيحصل كذا، دعونا نسميها إضافية، مثلًا، إنّ إنسانًا ما بحسب الشيء المقسوم له فإن طبيعته التكوينية والجسدية بعلم الله عز وجل سيتوفّى بعمر سبعين سنة، لكن من نفس هذه السنن فإنه لو تصدق، أو أحسن عملًا، أو لو كان بارًّا بوالديه، أو لو كان واصلًا لرحمه، فالله عز وجل يطيل عمره، هذا مورد.
والمورد الآخر هو البلاءات الخاصة، ومورد البلاءات الخاصة لا تخرج عن دائرة السنن، لكن هي بتوجيه دائم من الله سبحانه وتعالى، بحيث إن اللطف الإلهي قائم فيها، مثلًا: أنا تتعبني الحياة، وكلما بذلت فيها جهدًا معينًا يصبح حضوري في الحياة أقوى. إذًا ستزداد نسبة الابتلاءات التي هي من طبيعة هذه الحياة، فالمؤمن مبتلى، وغير المؤمن مبتلى أيضًا، هنا يجب أن نلتفت تمامًا لذلك، لكن عند غير المؤمن دعونا نقول: إن هذا البلاء يوصله إلى نقيصة وإلى فراغ؛ لأنه لا يوجد فيه ثمرة. عليه، إذا لم ينْوِهِ تقرّبًا إلى الله بصبره عليه لن يوجد فيه لطف التبني الإلهي له؛ لأنه لم يكن صادقًا بينه وبين ربه سبحانه وتعالى، ولم يكن صابرًا، بينما الذي يمارس فعل الصبر لفقدان عزيز أو لأمرٍ مكروه، أو لخسارة معينة… إلى آخره، فإن الله عز وجل يجعل من هذا البلاء بلاءً حسنًا بأن يمن عليه بجملة من العطايا الإلهية.
الآن سندخل على مسألة التدخلات الإلهية، وبهذا الخصوص هناك رأيان:
رأي عند الشهيد السيد محمد باقر الصدر يقول فيه: إن التدخلات الإلهية تحصل في تحولات كبرى من عمر الحضارات، ونحن بحسب تتبعنا لهذا الموضوع، لاحظنا فكرة مشابهة عند مالك بن نبي، وإن بتفسيرات مختلفة، لكن نفس الوجهة، بأنه مثلًا الحرب العالمية الكبرى كانت بأسباب ترتبط بفعل ما قد وقع كذا في ظرف كذا، حصل كذا… وإلى آخره، وبهذه النقطة لو لم تحصل هذه الأمور لما وقعت الحرب. إذًا يعتبر أن هناك جملة تضافر لعوامل موضوعية تتدخل فيها الإرادة الإلهية في التحولات وتصنع مسرى التاريخ.
يعتبر الشهيد السيد محمد باقر الصدر أن مجرى التاريخ يتحصل في منعطفات أساسية بفعل تدخل إلهي، مثل بعثة الأنبياء، نصرة معينة و و… إلى آخره. إذًا هذا رأي. وفي تقديرنا أن هذا الرأي يعني أن التدخل الإلهي هو تدخل في التاريخ وليس في تفاصيل الزمن التي تعود إلى حيثيات الحياة العادية، ونظام السبب العادي.
رأي آخر للإمام الخميني (رض) يقول: إن هناك نحوًا من التدخلات والألطاف الإلهية الخاصة التي يصعب علينا نحن أن نكتشفها لكنها تحصل، وتحصل في ظروف محددة، في تمكين محدّد، وإلى ما هنالك، بحياتنا الفردية أو على مستوى الأمة وبخصوصيات لم تكن بالحسبان.
بالإجمال من يستطيع أن يضبط هذه الأمور هو صاحب البصيرة الذي يعيش هذه القناعة، ويراقب مسرى الوجود بمنظار أن الله معنا. ويوجد كُثُر ممن يصبح عندهم القدرة على مشاهدة الكثير من أمور الحياة التي لا تُفسّر إلا وفق هذا التدخل الإلهي...
إذًا، يصعب تفسير هذه الأمور تفسيرًا عقليًّا سوى أنها لطف إلهي مستديم وقائم، والله يشاء في ذلك، لكن القلب هو الذي يتحسس بها، وهذا ما يسميه العرفاء بالمشاهدات الخاصة.
وفي تقديرنا الشخصي أن كل هذه الأمور سواء تكلمنا عن مستوى التدخل في المنعطفات التاريخية؛ أي التدخل الإلهي الخاص في المنعطفات التاريخية، أو التدخل بالمعنى اليومي للأمور، فهذا مرتبط بنظام السنن الإلهي الذي يقوم في بعض الأحيان على نظام عِلّيّ معيّن للأسباب والمسبّبات، ويقوم على استثناءات الإرادة الإلهية التي ساعة تشاء تتدخل فيها بنحو خاص، ومرهون أيضًا بالحكم الإلهي، وبالغائية الإلهية… إنه القدر ومفاعيله.
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الإسلام وميول الإنسان
شروط البحث
الزهراء للإمام عليّ: اشتملت شملة الجنين (1)
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة