علمٌ وفكر

القدم والحدوث

الشيخ محمد جواد مغنية

 

كل موجود إن كان لوجوده أول سـمّي حادثًا، وإن لم يكن لوجوده أول سمّي قديـمًا: فالقديم موجود في الأزل، ولم يسبق بالعدم، والحادث لم يكن ثم كان.

 

وليس القدم والحدوث من الأعيان ولا من الأعراض المحسوسة الملموسة، بل من الأمور الاعتبارية ينتزعهما الذهن من كون الشيء مسبوقًا بعدمه أو غير مسبوق. ويسمى الحادث حادثًا ذاتيًّا إن سبق بحادث سواه، وحادثًا زمنيًّا إن كان مسبوقًا بالعدم المحض.

 

ويكون التقدم على أنحاء خمسة:

 

1 - التقدم بالعلية، كتقدم حركة اليد على حركة المفتاح.

 

2 - التقدم بالطبع، كتقدم الواحد على الاثنين، حيث لا يوجد الاثنان بدون الواحد، ويوجد الواحد بدون الاثنين، ومن هنا افترق هذا الوجه عن سابقه لأن العلة لا تفارق المعلول «1».

 

3 - التقدم بالزمان، كتقدم الأب على الابن.

 

4 - التقدم بالرتبة، كتقدم الإمام على المأموم.

 

5 - التقدم بالشرف، كتقدم العالم على المتعلم.

 

وزاد المتكلمون قسمًا سادسًا، سموه التقدم بالذات، كتقدم الأمس على اليوم، لأنه ليس تقدمًا بالعلية، ولا بالطبع، ولا بالشرف، ولا بالرتبة، ولا بالزمان، وإلا احتاج الزمان إلى زمان، ويتسلسل.

 

ثم إن أقسام التقدم هذه لم تكن للشيء باعتبار ماهيته، فإن الماهية من حيث هي ليست إلا هي لا تتقدم على الغير، ولا يتقدم الغير عليها، وإنما يعرض التقدم والتأخر باعتبار أمر خارج عن الماهية، كالزمان والمكان وما إلى ذلك من الأقسام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وقيل: إن العلة ما يلزم من عدمها العدم ولا يلزم من وجودها الوجود، أي عدم العلة علة للعدم، ولكن لا يجب المعلول بوجود العلة (أسفار ج 3 ص 127)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد