المترجم: عدنان الحاجي
تشير دراسة بقيادة باحثين من مستشفى ماس بريغهام العام Mass General Brigham إلى أنه عندما يتعلق الأمر بصحة القلب والأوعية الدموية، قد يمثل توقيت تناول الوجبة الغدائية عامل خطر (1) أكبر للإصابة بالأمراض مما يمثله عامل خطر توقيت النوم / الاستيقاظ.
بيّنت الكثير من الدراسات أن العمل في النوبات الليلية يقترن بمخاطر صحية خطيرة، بما فيها أمراض القلب والأوعية الدموية. ولكن دراسة جديدة من مستشفى ماس بريغهام العام أشارت إلى أن تناول وجبة الطعام فقط أثناء النهار يمكن أن يساعد العمال على تجنب المخاطر الصحية المرتبطة بأعمال النّوبة (المعروفة محليًّا بعمل الشفت). نشرت نتائج الدراسة (2) في مجلة Nature Communications.
"لقد أثبتت نتائج دراستنا السابقة أن تأثير عدم مواءمة ساعة الجسم البيولوجية مع جدول الأنشطة اليومية - اختلال أوقات الدورة السلوكية [اختلال المزامنة الطبيعية التي تعودنا عليها في سلوكياتنا اليومية في الأكل والنوم وقضاء الحاجة وما إلى ذلك، مقارنةً بما هو مثالي لجسمنا أو بيئتنا بناءً على ساعة الجسم الداخلية] - يزيد من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية". كما يقول أستاذ الطب ومدير برنامج علم الأحياء الزمني في مستشفى بريغهام ومستشفى النساء فرانك شير Frank Scheer، وهو عضو مؤسس لنظام الرعاية الصحية العام في مستشفى ماس بريغهام العام. "كنا نرغب في معرفة ما إذا باستطاعتنا أن نعمل على خفض هذه المخاطر، تشير نتائج بحثنا الجديد إلى أن توقيت وجبات الطعام قد يكون هو المستهدف".
أثبتت الدراسات التي أجريت على الحيوانات، أن مواءمة توقيت وجبة الطعام مع ساعة الجسم الداخلية، يمكن أن تخفف من المخاطر الصحية المتأتّية من عدم النوم في ساعات النوم المعتادة، مما دفع شير وزملاءه إلى اختبار هذا المفهوم على البشر.
بالنسبة للدراسة، حشد الباحثون 20 مشاركًا شابًّا يتمتّعون بالصحة والعافية، في دراسة استغرقت أسبوعين في مركز بريغهام والنساء للدراسات السريرية. خلال الاختبار وُضع المشاركون في غرف بلا نوافذ، كما لم يسمح لهم بحمل ساعات يدوية أو غيرها ولا إلكترونيات، والتي من شأنها أن تعطي تنبيهات لساعة الجسم البيولوجية لمعرفة الأوقات التي اعتاد الجسم على القيام بسلوكيات، من النوم أو الاستيقاظ أو الأكل أو غيرها من الأنشطة. تأثير عدم مواءمة ساعة الجسم البيولوجية مع جدول الأنشطة اليومية يمكن التعرّف عليه، وذلك بمقارنة كيف تتغير وظائف الجسم قبل العمل وبعده في النوبات الليلية.
اتّبع المشاركون في الدراسة "بروتوكولًا روتينيًّا ثابتًا"، وهو إعداد مختبر خاضع للرقابة وللضبط يمكن أن يميز بين تأثيرات العوامل البيئة والسّلوكية في الساعة البيولوجية (على سبيل المثال، وأوقات النوم/ الاستيقاظ، وحالات الإضاءة / الظلام). خلال هذا البروتوكول، بقي المشاركون مستيقظين لمدة 32 ساعة في غرف بإضاءة خافتة، والحفاظ على وضعية جسم ثابتة، وتناول نوع الوجبات الخفيفة (التصبيرة) نفسها مرّة في كل ساعة. بعد ذلك، شاركوا في عمل ليلي افتراضي. قسم المشاركون إلى مجموعتين: مجموعة سمح لها بتناول طعام أثناء الليل (كما هو الحال لمعظم عمال النّوبات الليلية) والمجموعة الثانية سمح لها بالأكل فقط أثناء النهار. أخيرًا، اتّبع المشاركون بروتوكولًا روتينيًّا ثابتًا آخر لاختبار آثار العمل الليلي الافتراضي. المهم، كان لدى كلتا المجموعتين جدولا قيلولة زمنيّان متطابقان، لذلك أي اختلافات بين المجموعتين لم تكن بسبب الاختلافات في جدولي النوم.
درس الباحثون تأثير توقيت الطعام في عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية للمشاركين، وكيف تغيرت هذه بعد العمل الليلي الافتراضي. قام الباحثون بقياس عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية المختلفة، بما فيها علامات الجهاز العصبي اللاإرادي، وهو فحص مستوى المنشّط المانع للبلازمينوجين (PAI - Plasminogen activator inhibitor (والذي يرفع احتمال الاصابة بجلطات الدم)، كما قاسوا ضغط الدم أيضًا.
ومن اللافت للنظر أن عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية هذه زادت بعد العمل الليلي الافتراضي مقارنةً بخط الأساس في المشاركين الذين كان من المقرر أن يتناولوا وجباتهم أثناء النهار والليل. ومع ذلك، ظلّت عوامل الخطر كما هي في دراسة الذين أكلوا فقط أثناء النهار، بالرغم من أن مقدار ما تناولوا من وجبات لم يكن مختلفًا بين المجموعتين - الاختلاف كان فقط وفقط توقيت الأكل.
قيود الدراسة تمثلت في أن حجم العينة كان صغيرًا، بالرغم من أن حجم العينة كان نموذجيًّا لمثل هذه التجارب المنضبطة المعشاة (3). علاوة على ذلك، نظرًا لأن الدراسة استمرت أسبوعين، فقد لا تعكس المخاطر المزمنة للأكل الليلي مقابل الأكل النهاري.
قوة الدراسة ورصانتها تمثلت في الضوابط المحكمة في نوم المشاركين في الدراسة وأكلهم ومقدار ما تعرضوا له من ضوء، ووضعية الجسم وجدول النشاط.
وقالت سارة تشيلابا، الأستاذة المشاركة في جامعة ساوثامبتون، والمؤلفة في الورقة: "دراستنا ضبطت بأحكام كل عامل يمكن أن تتخيل أنه قد يؤثر في النتائج، لذلك يمكننا القول إن تأثير توقيت الطعام هو السبب وراء هذه التغييرات في عوامل خطر الأصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية".
بالرغم من أنه قد تكون هناك ضرورة لإجراء أبحاث إضافية لإثبات التأثيرات الصحية طويلة الأمد للأكل النهاري مقابل تلك للأكل الليلي، إلا أن الباحثيَن في الدراسة قالا إن النتائج "واعدة" وتشير إلى أنه بإمكان الناس تحسين صحتهم وذلك بضبط توقيت الطعام. وأضافا إن تجنب الأكل خلال ساعات الليل أو الحد منه، قد يفيد عمّال النوبات الليلية، خاصة أولئك الذين يعانون من أرق النوم أو اضطرابات النوم، والذين يعانون من دورات نوم / استيقاظ متغيرة، والذين يسافرون سفرات طويلة إلى مناطق زمنية مختلفة (4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/عامل_خطر
2- https://www.nature.com/articles/s41467-025-57846-y
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/تجربة_منضبطة_معشاة
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/منطقة_زمنية
المصدر الرئيس
حيدر حب الله
الشهيد مرتضى مطهري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
عدنان الحاجي
الشيخ فوزي آل سيف
السيد عباس نور الدين
الشيخ حسين الخشن
السيد جعفر مرتضى
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد صنقور
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
آيات النجوى في سورة المجادلة
كريمة البيت الفاطميّ
كريمة أهل البيت
الذّخر النّافع في رثاء أهل بيت النّبيّ الشّافع
كيف يعقل الاعتماد على الحواس في إثبات وجود الله تعالى؟!
حقيقة الانتظار في العمل على التمهيد
الإسلام يوصي بالعلم
المحادّة والكبت
مصادر تفسير القرآن الكريم (6)
وجبة النّهار تساعد عمّال النّوبات اللّيليّة