محتوى السورة
هذه السورة تدور مفاهيمها حول ثلاثة محاور: تتحدث أوّلًا: عن علامات البعث ويوم القيامة؛ وثانياً: عن شهادة الأرض على جميع أعمال العباد؛ وثالثاً: تقسم الناس إلى مجموعتين صالحة وطالحة، وتبيّن أنّ كل مجموعة ترى ثمار عملها.
فضيلة تلاوة السورة
في المجمع عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: «من قرأها فكأنّما قرأ البقرة وأعطي من الأجر كمن قرأ ربع القرآن».
وفي الكافي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام قال: «لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الأرض زلزالها فإنّه من كانت قراءته بها في نوافله لم يصبه اللَّه عزّ وجل بزلزلة أبداً، ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا حتى يموت».
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)
هذه السورة تبدأ ببيان صور من الأحداث الهائلة المفزعة التي ترافق نهاية هذا العالم وبدء البعث والنشور. تقول: «إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا». «وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا».
عبارة «زلزالها» تعني أنّ الأرض بأجمعها تهتز في ذلك اليوم (خلافاً للزلازل العادية الموضعية عادة) أو أنّها إشارة إلى الزلزلة المعهودة، أي زلزلة يوم القيامة.
و«الأثقال» - جمع ثقل، بمعنى الحمل - ذكر لها المفسرون معاني متعددة. قيل: إنّها البشر الذين يخرجون من أجداثهم على أثر الزلزال؛ كما جاء في الآية (4) من سورة الانشقاق: «وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ».
وقيل إنّها الكنوز المخبوءة التي ترتمي إلى الخارج، وتبعث الحسرة في قلوب عبّاد الدنيا.
ويحتمل أيضاً أن يكون المقصود إخراج المواد الثقيلة الذائبة في باطن الأرض، وهو ما يحدث أثناء البراكين والزلازل، فإنّ الأرض في نهاية عمرها تدفع ما في أعماقها إلى الخارج على أثر ذلك الزلزال العظيم. ويمكن الجمع بين هذه التفاسير.
في ذلك الجو الملئ بالرهبة والفزع، تصيب الإنسان دهشة ما بعدها دهشة فيقول في ذعر: ما لهذه الأرض تتزلزل وتلقي ما في باطنها؟ «وَقَالَ الْإِنسنُ مَا لَهَا».
إنّ الإنسان هنا له معنى عام يشمل كل أفراد البشر. فالدهشة من وضع الأرض في ذلك اليوم لا يختص بالكافرين. هذا السؤال التعجبي يرتبط بالنفخة الأولى، حيث تحدث الزلزلة الكبرى وينتهي فيها هذا العالم. وفي هذه الحالة يكون المقصود من أثقال الأرض معادنها وكنوزها والمواد المذابة فيها.
وأهم من ذلك أنّ الأرض: «يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا». تحدّث بالصالح والطالح، وبأعمال الخير والشر، مما وقع على ظهرها، وهذه الأرض واحد من أهم الشهود على أعمال الإنسان في ذلك اليوم، وهي إذن رقيبة على ما نفعله عليها.
وفي المجمع: جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال: «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل كذا وكذا، يوم كذا، وكذا وهذا أخبارها».
«بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا». فما فعلته الأرض إنّما كان بوحي ربّها، وهي لا تتوانى في تنفيذ أمر الرب. وعبارة «أوحى» إنّما هي لبيان أنّ حديث الأرض خلاف طبيعتها، ولا يتيسر ذلك سوى عن طريق الوحي الإلهي.
«يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ». «أشتات»: جمع «شتّ» وهو المتفرق والمبعثر، أي أنّ الناس يردون ساحة المحشر متفرقين مبعثرين، وقد يكون التفرق والتبعثر لورود أهل كل دين منفصلين عن الآخرين. أو قد يكون لورود أهل كل نقطة من نقاط الأرض بشكل منفصل. أو قد يكون لورود جماعة بأشكال جميلة مستبشرة، وجماعة بوجوه عبوسة مكفهرة إلى المحشر. أو أنّ كل أمّة ترد مع إمامها وقائدها؛ كما في الآية (71) من سورة الإسراء: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ». أو أن يحشر المؤمنون مع المؤمنين والكافرون مع الكافرين. الجمع بين هذه التفاسير ممكن تماماً لأنّ مفهوم الآية واسع.
«يصدر»: من الصدور، وهو خروج الإبل من بركة الماء مجتمعة هائجة، وعكسه الورود. وهي هنا كناية عن خروج الأقوام من القبور وورودهم على المحشر للحساب. المقصود من عبارة «لّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ» هو: «تجسم الأعمال» ورؤية الأعمال نفسها. وهذه الآية أوضح الآيات الدالة على تجسم الأعمال، حيث تتخذ الأعمال في ذلك اليوم أشكالًا تتناسب مع طبيعتها وتنتصب أمام صاحبها، وتكون رفقتها سروراً وانشراحاً أو عذاباً وبلاءً.
ثم ينتقل الحديث إلى جزاء أعمال المجموعتين المؤمنة والكافرة، الصالحة والطالحة. «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ». «وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ». ظاهر الآية يدل أيضاً على مسألة «تجسم الأعمال» ومشاهدة العمل نفسه، صالحاً أم طالحاً، يوم القيامة، حتى إذا عمل ما وزنه ذرّة من الذرّات يره مجسماً يوم القيامة.
«مثقال»: في اللغة بمعنى الثقل، وبمعنى الميزان الذي يقاس به الثقل؛ والمعنى الأوّل هوالمقصود في الآية. و«الذرّة»: ذكروا لها معاني متعددة من ذلك، فهو هنا أصغر وزن.
الآيتان المذكورتان وآيات أخرى مشابهة تدلّ دلالة واضحة على الدقّة المتناهية في تحرّي الأعمال وفي المحاسبة يوم القيامة، كقوله سبحانه: «يَا بُنَىَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى السَّموَاتِ أَوْ فِى الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ». «سورة لقمان / 16».
هذه التعابير القرآنية تدلّ على أنّ أصغر الأعمال يحاسب عليها في تلك المحاسبة الكبرى، وهذه الآيات تحذر أيضاً من استصغار الذنوب الصغيرة، أو التهاون في أعمال الخير والصغيرة. فما يحاسب عليه اللَّه سبحانه - مهما كان - ليس بقليل الأهمية. وحقّاً، لو تدبر الإنسان في محتوى هذه الآية تكفيه دافعاً إلى طريق الخير وناهياً عن طريق الفساد والانحراف.
السيد عادل العلوي
محمود حيدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد صنقور
الشيخ فوزي آل سيف
السيد عباس نور الدين
السيد عبد الحسين دستغيب
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
أحمد الرّويعي
حبيب المعاتيق
حسين آل سهوان
أحمد الرويعي
أسمهان آل تراب
حسين حسن آل جامع
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
علي النمر
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
سر من أسرار زینب الحوراء عليها السلام
السُؤال في عين كونه جوابًا (4)
سورة الزلزلة
حرق الخيام قبل مقتل الحسين (ع) وبعده
الأسارى في دمشق، وخطبة العقيلة زينب (ع) (2)
المنبر الحسيني بين العَبرة والعِبرة
(أين هو؟) أولى قصص الأطفال للكاتبة سكينة آل قويسم
(شهيّة الوجع المفتوحة) باكورة إصدارات الكاتبة بدريّة آل حمدان
الأخت.. فكرة أمٍّ ثانية
الإمام السجّاد (ع) بعد عاشوراء