قرآنيات

قتل المؤمن تعمُّداً


الشيخ محمد هادي معرفة ..
قال تعالى: ﴿ومن يقتل مؤمناً متعمدّاً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولَعَنَةُ وأعَدَّ له عذاباً عظيماً﴾ (1).
دلّت هذه الآية على أن قاتل المؤمن مخلّد في النار، ولا يخلّد في النار إلاّ الكافر الذي يموت على كفره، لأن الإيمان مهما كان يستوجب المثوبة، ولا بد أن تكون في نهاية المطاف، على ما أسلفنا (2).
كما أنها صرّحت بأن الله قد غضب عليه ولعنه. ولا يلعن الله المؤمن إطلاقاً، كما في الحديث عن الإمام أبي جعفر(عليه السلام)(3).
ومن ثَمَّ وقعت أسئلة كثيرة من أصحاب الأئمة بشأن الآية الكريمة:
روى الكليني باسناده إلى سماعة بن مهران، أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الآية، فقال: (من قتل مؤمنا على دينه فذلك المتعمّد الذي قال الله عزوجل: (وأعدّ له عذاباً عظيماً). قال: فالرجل يقع بينه وبين الرجل شيء فيضربه بسيفه فيقتله؟. قال: (ليس ذلك المتعمد الذي قال الله عزوجل...).
وهكذا أسئلة أخرى من عبد الله بن بكير وعبد الله بن سنان وغيرهما بهذا الشأن (4).
فقد بيّن الإمام (عليه السلام) أن من يقتل مؤمنا لإيمانه، إنما عمد إلى محاربة الله ورسوله وابتغاء الفساد في الأرض، وليس عمله لغرض شخصي يرتبط بذاته، إنما هو إرادة محق الإيمان من على وجه الأرض. ولا شك أنه كافر محارب لله ورسوله، ومخلّد في النار- إن مات على عقيدة الكفر وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً.
وهكذا سار مفسرو الشيعة على هدى الأئمة في تفسير الآية (5).
أمّا سائر المفسرين ففسروه بقتل العمد الموجب للديه (6)، ولم يبينّوا وجه الخلود في النار والغضب واللعنة من الله!.


ــــــــــــــــ
1- النساء: 93.
2- في الجزء الثالث من التمهيد 408- 409. والجزء الثاني بحث المنسوخات: 339.
3- في حديث طويل رواه الكليني في الكافي 2: 31. والوسائل 19: 10 رقم 2.
4- الكافي 7: 275- 276. وراجع تفسير العياشي 1: 267 رقم 236.
5- راجع التبيان للطوسي 3: 295، ومجمع البيان للطبرسي 3: 93، والصافي للكاشاني والميزان للطباطبائي 5: 42، وكنز الدقائق: للمشهدي 2: 576، والعياشي 1: 267.
6- راجع الرازي 10: 237، والقرطبي 5: 239، وابن كثير 2: 536، والمنار 5: 339.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد