قرآنيات

أسباب المعرفة في القرآن


الشيخ محمد جواد مغنية ..

القرآن الكريم يرشدنا بوضوح أن أسباب العلم والمعرفة بالحق والباطل والخير والشر والفضيلة والرذيلة، تنحصر بثلاث لا رابع لها، وهي:
1- المشاهدة والتجربة
2- العقل الكلي المنزه عن كل شائبة
3- النقل الصحيح.

قال سبحانه في الآية 8 من الحج و 20 من لقمان: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾ والمفهوم من هذه الآية أن الحقائق لا تثبت وتقرر عند الجدال وغير الجدال إلا بطرق ثلاثة:
1- المشاهدة والتجربة، وأشار اليها سبحانه بكلمة (علم) وفي مكان آخر أشار اليها بالسمع والبصر (أفلا تسمعون؟.. أفلا تبصرون) (26 و 27- السجدة).. (أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون).. (أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون) (42 و 43- يونس).. (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) (53- فصلت) والمراد بالآفاق أقطار السماوات والأرض، وبالأنفس خلق الإنسان في أحسن تقويم.
والمعنى أن مشاهدة الكون تؤدي حتماً إلى معرفة الله، وكذلك مشاهدة خلق الإنسان، ولكن البعض يرى أن ذكر الأنفس يومئ إلى دليل الحدس والكشف الصوفي برياضة الباطن.
2- العقل، واليه أشار بكلمة (هدى) وليس مرادنا بالعقل عقل الفرد المغلوب بالأهواء أو عقل الجماعة المحجوب بالتقاليد، بل المراد العقل الذي يعقل عن الله سبحانه وخاطبه، جلت كلمته بقوله: (ولا أكملتك إلا فيمن أحب). وكل آيات القرآن الكريم تخاطب من كان له قلب وإذن وعقل.
3- النقل الذي لا ينبغي الريب فيه، وإليه أشار سبحانه بكلمة (كتاب منير) وان دلت هذه الكلمة بحروفها على الوحي فإنها تعم بروحها وتشمل كل خبر صحيح وان لم يك وحياً لأن السبب الموجب للعمل بالوحي هو الحق والصدق، وعليه يجري حكم الوحي على كل خبر صحيح يُعبر عن الواقع كما هو.1
ــــــــــــــــ
1- فلسفة الأخلاق / العلامة محمد جواد مغنية ص130_132.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد