السيّد موسى الصدر
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ (النمل: 62). صدق الله العليّ العظيم.
هذه الآية من الآيات التي تُتلى بكثرة في ساعات الدعاء، وفي مجامع المؤمنين، لما لها من خصوصيّة ومضامين عالية في مواقع الاستجابة، وهي تضع حدّاً لأولئك الذين يريدون أن يجعلوا الدعاء بديلاً عن العمل، أو الذين ينكرون تأثير الدعاء في جميع الحالات. فما هي حقيقة التعامل مع الدعاء انطلاقاً من هذه الآية الكريمة؟
•النظرة إلى الدعاء
عند الحديث عن الدعاء، وكيفيّة تعاطي الناس معه، فإنّنا نجد أنفسنا أمام ثلاث فئات، هي:
1- الفئة التي ترى أنّ الدعاء مكان العمل: هناك فئة تعتقد أنّ الدعاء هو السبب الوحيد لمعالجة المشاكل كلّها، وتأمين المكاسب كلّها. فبدلاً من أن تعمل، وتستعد، وتتهيّأ، وتفتّش، وتفكّر، وتتعلّم، وتعالج، عليك أن تدعو الله، للنجاح في الامتحان مثلاً، وللانتصار في الحرب، وللعلاج من الأمراض... ولكن هذا الأمر مرفوض في الإسلام؛ لأنّه يؤكّد على أنّ الله جعل لكلّ شيء قدراً وسبباً. فإذا ما أراد الإنسان الوصول إلى الخير، أو النجاح، أو الانتصار، عليه أن يعمل ويستعدّ.
والحديث الشريف حول قصّة المرأة صاحبة الجمل الجريح ودعائها له، يُبيّن قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لها، أنّ عليها أن تضمّ بعض القطران إلى دعائها؛ أي عليها أن تعالجه أولاً، ومن ثمّ تلجأ إلى الله بالدعاء. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل في حياته، ويخطّط في حربه، ويعالج في مرضه. وهكذا كانت سيرة الأنبياء، والأولياء، والأئمّة عليهم السلام؛ فالدعاء ليس بديلاً عن السعي والعمل، بل على الإنسان أن يدعو إلى جانب السعي والعمل.
2- الفئة التي ترى أن لا أثر للدعاء: هي فئة أشبه بالعلمانيّين، ترى أنّ الدعاء لا أثر له نهائيّاً في حياة الأفراد، فعلى الإنسان أن يسعى، ويعمل، ويستعدّ، دون أن يكون للدعاء أيّ أثر في ذلك، بل الأعمال والكمال للإنسان فقط. إنّ هذه النظرة مرفوضة أيضاً في هذه الآية المباركة بشكل صريح، عندما يقول القرآن الكريم: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾. إذاً، المضطرّ؛ أي الذي بذل جهده لتأمين الأسباب، ولتحضير وسائل النجاح، والدفاع، والعلاج، ثمّ لم يتمكّن من الوصول إلى النتيجة، لا لتقصير منه، بل لعجزه ووصوله إلى الطريق المسدود، عندها إذا دعا الله، فإنّه سوف يجيبه ويكشف عنه السوء.
3- الفئة التي تمزج بين العمل والدعاء: هي الفئة المعتدلة، المتربّية تربية قرآنيّة صحيحة، تقول كما يقول القرآن الكريم، إنّ الإنسان يجب أن يبذل جهده في كلّ شيء، ويناجي الله أيضاً، فلا يحلّ الدعاء عندهم مكان العمل، وتصبح الأمور كلّها مرتبطة به، ويفقد المرء موقع قدرته وإمكاناته في الوجود. فكما أنّ الدعاء مطلوب في حالة الاضطرار، فإنّه يجب أن يبقى مقروناً بالسعي والعمل، حتّى يكون وسيلة للاتصال بالله سبحانه وتعالى.
•خلفاء الأرض
ثمّة ربط بين اضطرار الإنسان إلى الدعاء، وجعل الله سبحانه وتعالى المضطرّ إذا دعاه في مقام خلافة الله في الأرض: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾. ومعنى ذلك، أنّ أولئك الذين بذلوا جهدهم، وسعوا سعيهم، ثمّ فشلوا، يجب أن لا يشعروا باليأس، بل عليهم أن يستمرّوا في مساعيهم، وأن يدعوا الله سبحانه وتعالى، لكي يكشف عنهم السوء، ويجعلهم خلفاء الأرض.
•خالقُ الأسباب
فالله تعالى، كما تشير بعض الآيات، خلق السماوات والأرض، وأنزل الماء من السماء وأنبت الحدائق، وجعل الأرض مستقرّاً، والأنهار خلالها، والرواسي بينها، والبحرين محتجزين... لكي يقوم الإنسان من خلال هذه الأسباب بدوره، ويصل إلى درجة خلافة الله في الأرض.
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع