قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد مصباح يزدي
عن الكاتب :
فيلسوف إسلامي شيعي، ولد في مدينة يزد في إيران عام 1935 م، كان عضو مجلس خبراء القيادة، وهو مؤسس مؤسسة الإمام الخميني للتعليم والبحث العلمي، له مؤلفات و كتب عدیدة فی الفلسفة الإسلامیة والإلهیات والأخلاق والعقیدة الإسلامیة، توفي في الأول من شهر يناير عام 2021 م.

مقام الشفاعة

 

الشيخ محمد تقي المصباح يزدي
{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ } 
ما هو الفارق بين مقام الشفاعة التي يقول بها المشركون للأرباب والأصنام، ومقام الشفاعة الذي نعتقد به للأنبياء ولأولياء الله؟
الشفيع، باعتقاد المشركين، لا يعمل وفق قانون وإرادة ذاك الذي يشفع عنده، بل إنّه يشفع بدون إجازته وبدون رأي من يقبل الشفاعة، فهم يقولون باستقلال الشفيع.
وفي الواقع يفرض الشفيع إرادته على من يقبل الشفاعة ومن يكون مشفوعًا عنده، لأنّ من يقبل الشفاعة سيكون مجبورًا على قبولها بسبب موقعيّة ومنزلة الشفيع أو بسبب المجاملات.
كان المشركون يعتقدون أنّ الملائكة هم بنات الله، وقد عبدوهم وعبدوا مظاهرهم التي هي الأصنام والأوثان لأجل أن يصلوا إلى المنزلة والتقرّب إلى الملائكة، الذين هم بحسب قولهم بنات الله، بحيث إنّهم إذا استحقّوا عذاب جهنّم فإنّ تلك الأصنام والأرباب والملائكة تشفع لهم عند الله وتُضطَر اللهَ لقبول تلك الشفاعة لأنّه لا يستطيع أن يرفض مطالب بناته!
وفي الواقع، إنّ هذه الشفاعة باطلة وممتزجة بالشرك، وهي تُشبه الرشوة، حيث يضع المدير الضوابط جانبًا، خلافًا للقانون وأوامر من فوقه، ويقوم بتنظيم شؤونه على أساس تلك العلاقة التي تربطه بالعميل، ويقوم المدير الأعلى، بسبب الزمالة التي تربطه بالمدير الأدنى وخجلًا منه، وبسبب حاجته الفعليّة إليه في المستقبل، بقبول طلبه.
أمّا بالنسبة لما نعتقده نحن على مستوى التوحيد فإنّ جميع الأمور تجري وفق إرادة الله ومشيئته، وإنّ الاستقلال في التأثير يختصّ بالله ولا يوجد لأيّ كائنٍ غير الله مثل هذا الاستقلال في التأثير.
فجميع التأثيرات المادّيّة والطبيعيّة التي ترتبط بالعوامل والأسباب الطبيعيّة مثل الماء والنار إنّما تتحقّق بإذن الله، وهكذا أيضًا بالنسبة للتأثيرات الخارقة التي تصدر عن الأنبياء وأولياء الله فإنّها جميعًا تتحقّق بإذن الله.
فشفاعة الأنبياء والأولياء عند الله تدور حول محور إرادة الله وتستند إلى إذنه وبدون هذا الإذن الإلهي لا يمكن أن تُقبل شفاعتهم: { مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ }

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد