
الشيخ حسن المصطفوي
مصبا- وجل وجلا فهو وجل ، والأنثى وجلة ، من باب تعب : إذا خاف.
ويتعدّى بالهمزة.
صحا- الوجل : الخوف ، تقول : منه وجل وجلاً وموجلاً بالفتح ، وهذا مَوجِلة بالكسر للموضع. وفي المستقبل منه أربع لغات- يوجل ، يأجل ، ييجل ، ييجل بكسر الياء. وكذلك فيما أشبهه من باب المثال إذا كان لازمًا. فمن قال يأجل جعل الواو ألفًا لفتحة ما قبلها ، ومن قال ييجل فهي على لغة بني أسد ، فإنّهم يقولون : أنا إيجل ، ونحن نيجل ، وأنت تيجل ، كلّها بالكسر. وإنّما يكسرون الياء في ييجل لتقوّيّ إحدى الياءين بالأخرى.
لسا- الوجل : الفزع والخوف. وتقول : إنّني لأوجل ، ورجل أوجل ووجل.
والأنثى وجلة ، ولا يقال وجلاء.
الفروق 202- الفرق بين الخوف والوجل : أنّ الوجل خلاف الطمأنينة.
وجل الرجل يوجل وجلًا ، إذا قلق ولم يطمئنّ. ويقال أنا من هذا على وجل ، ومن ذلك على طمأنينة. ولا يقال : على خوف في هذا الموضع. وخاف متعدّ ، ووجل غير متعدّ.
التحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة : هو انزعاج وقلق في الباطن ، أي حصول حالة تحرّك واضطراب في القلب يوجب سلب الطمأنينة في النفس وانخفاضها.
وأمّا مفهوم الخوف والفزع : فمن آثار الأصل.
والفرق بين المادّة وبين موادّ الخوف والرهبة والدهشة والخشية والفزع والحزن والحذر والوحشة.
أنّ الخوف : حالة تأثّر واضطراب من مواجهة ضرر مشكوك متوقّع.
والرهبة : حالة استمرار الخوف ، وهي في قبال الرغبة .
والدهشة : حالة حيرة واضطراب وتردّد في الظاهر.
والخشية : خوف في مقابل عظمة وعلوّ مقام.
والفزع : خوف شديد مع اضطراب من ضرر فجأة .
والحزن : غمّ من فوات أمر في السابق.
والحذر : التوقّي من الضرر مظنونًا أو مقطوعًا .
والوحشة : في مقابل الأنس.
راجع الخوف ، وسائر الموادّ المذكورة .
{ وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الحجر : 52 ، 53].
عبّر في هذه الآية الكريمة بالوجل وهو حصول حالة انزعاج وقلق في القلب ، وفي الآية السابقة في ذيل مادّة الوجس به وهو الإحساس الخفيّ في القلب ، وقيّدت المادّة هناك بالخيفة : فإنّ إظهار الخيفة في الآيات السابقة بمناسبة مشاهدة أمور خارقة ، كعدم وصول أيديهم إلى الطعام ، والسعي في الحبال والعصيّ . بخلاف هذه الآية الكريمة : فإظهار الوجل كان في المرتبة الأولى بعد رؤيتهم وقبل مشاهدة أمور خارقة منهم ، فكان المناسب التعبير بالوجل ، وهو أخفّ من إحساس الخوف- راجع الوجس.
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]. {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ } [الحج: 34، 35] أي إذا سمعوا ذكرا من اللّه عزّ وجلّ انزعجت قلوبهم وقلقت ، وخرجت عن حالة السكون والانخفاض ، إحساسًا للزوم العمل بوظائف العبوديّة والطاعة في قبال مقام العظمة والربوبيّة.
والإخبات هو النزول في محلّ مطمئنّ منخفض ومحيط متّسع ثابت بعيد عن الاضطراب والتزلزل ، وهذا المعنى يرادف الإيمان من جهة النتيجة ، فإنّه نزول في الأمن والسكون ورفع الاضطراب والوحشة.
وأمّا التعبير في الآية الأولى بالمؤمنين ، وفي الثانية بالمخبتين : فإنّ الأولى في مورد الإطاعة والإيمان :
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال : 1].
والثانية في مورد التوجّه إلى إله واحد والإسلام والانقياد التامّ ورفع الخصومة والخلاف :
{فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ} [الحج: 34].
وهذا المعنى يلازم الإخبات واختيار مقام سلم بعيد عن الخصومة ، وهذا لا يتحقّق إلّا بالانقياد والخضوع والمطاوعة تحت حكم اللّه الحقّ المتعال.
{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60] الإيتاء متعدّ من الإتيان وهو المجيء بسهولة وفي حالة طبيعيّة. أي يُظهرون عقيدة وتعهّدًا وأخلاقًا وأعمالًا وآدابًا وسلوكًا ، كانوا قد أظهروها من قبل.
والمراد الاستقامة في البرنامج والتعهّد السابق وعدم الاضطراب والتزلزل والتحوّل والانحراف عنها.
وهذا التثبّت والاستقرار يقتضى مزيد التوجّه إلى عظمة اللّه تعالى وربوبيّته ، ولزوم العمل بوظائف العبوديّة ، والاعتقاد بالرجوع إلى اللّه المتعال وإلى عالم الآخرة ويوم اللقاء ، وهذا المعنى يلازم قلقًا وانزعاجًا.
فظهر أنّ المادّة ليست بمعنى الخوف ، ولا يناسب في الآيات الكريمة أن يوضع الخوف مقام الوجل ، فإنّه لا معنى لحصول الخوف للعبد المؤمن والمخبت عند ذكر اللّه عزّ وجلّ ، وكذلك عند مشاهدة الضيف النازل من سنخ الملائكة ، أو عند إيتاء ما آتوا وفي حال استقامتهم.
نعم مفهوم الخوف يشابه الوجل في أنه أيضًا يوجب قلقًا واضطرابًا ، فيكون استعمال الوجل في مورد الخوف استعارة.
______________________
• - مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
• - صحا - صحاح اللغة للجوهري ، طبع ايران ، ١٢٧٠ هـ .
• - لسا - لسان العرب لابن منظور ، 15 مجلداً ، طبع بيروت 1376 هـ .
شكل القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم