قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ حسن المصطفوي
عن الكاتب :
من علماء إيران المعاصرين، ولد سنة 1336هـ وتوفي يوم الإثنين 20 جمادي الأولى 1426 هـ عن تسعين سنة، حاصل على شهادة الدكتوراه من كلية الالهيات في تبريز ( المعقول والمنقول). له مؤلفات عديدة منها: rn(التحقيق في كلمات القرآن).

وجل


الشيخ حسن المصطفوي
مصبا- وجل وجلا فهو وجل ، والأنثى وجلة ، من باب تعب : إذا خاف.
ويتعدّى بالهمزة.
صحا- الوجل : الخوف ، تقول : منه وجل وجلاً وموجلاً بالفتح ، وهذا مَوجِلة بالكسر للموضع. وفي المستقبل منه أربع لغات- يوجل ، يأجل ، ييجل ، ييجل بكسر الياء. وكذلك فيما أشبهه من باب المثال إذا كان لازمًا. فمن قال‌ يأجل جعل الواو ألفًا لفتحة ما قبلها ، ومن قال ييجل فهي على لغة بني أسد ، فإنّهم يقولون : أنا إيجل ، ونحن نيجل ، وأنت تيجل ، كلّها بالكسر. وإنّما يكسرون الياء في ييجل لتقوّيّ إحدى الياءين بالأخرى.
لسا- الوجل : الفزع والخوف. وتقول : إنّني لأوجل ، ورجل أوجل ووجل.
والأنثى وجلة ، ولا يقال وجلاء.
الفروق 202- الفرق بين الخوف والوجل : أنّ الوجل خلاف الطمأنينة.
وجل الرجل يوجل وجلًا ، إذا قلق ولم يطمئنّ. ويقال أنا من هذا على وجل ، ومن ذلك على طمأنينة. ولا يقال : على خوف في هذا الموضع. وخاف متعدّ ، ووجل غير متعدّ.


التحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة : هو انزعاج وقلق في الباطن ، أي حصول حالة تحرّك واضطراب في القلب يوجب سلب الطمأنينة في النفس وانخفاضها.
وأمّا مفهوم الخوف والفزع : فمن آثار الأصل.
والفرق بين المادّة وبين موادّ الخوف والرهبة والدهشة والخشية والفزع والحزن والحذر والوحشة.
أنّ الخوف : حالة تأثّر واضطراب من مواجهة ضرر مشكوك متوقّع.
والرهبة : حالة استمرار الخوف ، وهي في قبال الرغبة .
والدهشة : حالة حيرة واضطراب وتردّد في الظاهر.
والخشية : خوف في مقابل عظمة وعلوّ مقام.
والفزع : خوف شديد مع اضطراب من ضرر فجأة .
والحزن : غمّ من فوات أمر في السابق.
والحذر : التوقّي من الضرر مظنونًا أو مقطوعًا .
والوحشة : في مقابل الأنس.
راجع الخوف ، وسائر الموادّ المذكورة .


{ وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الحجر : 52 ، 53].
عبّر في هذه الآية الكريمة بالوجل وهو حصول حالة انزعاج وقلق في القلب ، وفي الآية السابقة في ذيل مادّة الوجس به وهو الإحساس الخفيّ في القلب ، وقيّدت المادّة هناك بالخيفة : فإنّ إظهار الخيفة في الآيات السابقة بمناسبة مشاهدة أمور خارقة ، كعدم وصول أيديهم إلى الطعام ، والسعي في الحبال والعصيّ . بخلاف هذه الآية الكريمة : فإظهار الوجل كان في المرتبة الأولى بعد رؤيتهم وقبل مشاهدة أمور خارقة منهم ، فكان المناسب التعبير بالوجل ، وهو أخفّ من إحساس الخوف- راجع الوجس.
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]. {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ } [الحج: 34، 35] أي إذا سمعوا ذكرا من اللّه عزّ وجلّ انزعجت قلوبهم وقلقت ، وخرجت عن حالة السكون والانخفاض ، إحساسًا للزوم العمل بوظائف العبوديّة والطاعة في قبال مقام العظمة والربوبيّة.
والإخبات هو النزول في محلّ مطمئنّ منخفض ومحيط متّسع ثابت بعيد عن الاضطراب والتزلزل ، وهذا المعنى يرادف الإيمان من جهة النتيجة ، فإنّه نزول في الأمن والسكون ورفع الاضطراب والوحشة.


وأمّا التعبير في الآية الأولى بالمؤمنين ، وفي الثانية بالمخبتين : فإنّ الأولى في مورد الإطاعة والإيمان :
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال : 1].
والثانية في مورد التوجّه إلى إله واحد والإسلام والانقياد التامّ ورفع‌ الخصومة والخلاف :
{فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ} [الحج: 34].
وهذا المعنى يلازم الإخبات واختيار مقام سلم بعيد عن الخصومة ، وهذا لا يتحقّق إلّا بالانقياد والخضوع والمطاوعة تحت حكم اللّه الحقّ المتعال.
{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60] الإيتاء متعدّ من الإتيان وهو المجي‌ء بسهولة وفي حالة طبيعيّة. أي يُظهرون عقيدة وتعهّدًا وأخلاقًا وأعمالًا وآدابًا وسلوكًا ، كانوا قد أظهروها من قبل.
والمراد الاستقامة في البرنامج والتعهّد السابق وعدم الاضطراب والتزلزل والتحوّل والانحراف عنها.
وهذا التثبّت والاستقرار يقتضى مزيد التوجّه إلى عظمة اللّه تعالى وربوبيّته ، ولزوم العمل بوظائف العبوديّة ، والاعتقاد بالرجوع إلى اللّه المتعال وإلى عالم الآخرة ويوم اللقاء ، وهذا المعنى يلازم قلقًا وانزعاجًا.


فظهر أنّ المادّة ليست بمعنى الخوف ، ولا يناسب في الآيات الكريمة أن يوضع الخوف مقام الوجل ، فإنّه لا معنى لحصول الخوف للعبد المؤمن والمخبت عند ذكر اللّه عزّ وجلّ ، وكذلك عند مشاهدة الضيف النازل من سنخ الملائكة ، أو عند إيتاء ما آتوا وفي حال استقامتهم.
نعم مفهوم الخوف يشابه الوجل في أنه أيضًا يوجب قلقًا واضطرابًا ، فيكون استعمال الوجل في مورد الخوف استعارة.
______________________
•  - مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
•  ‏- صحا - صحاح اللغة للجوهري ، طبع ايران ، ١٢٧٠ ‏هـ .
•  - لسا - لسان العرب لابن منظور ، 15 مجلداً ، طبع بيروت 1376 هـ .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد