
الشيخ حسن المصطفوي
«الخشوع» بمعنى الخضوع. وفي العبادات كالصلاة والدعاء يأتي بمعنى الإقبال بالقلب عليها، وهو مأخوذٌ من خشعتِ الأرض، إذا سكنتْ واطمأنّتْ. هكذا في (مصباح اللغة) للفيومي.
وفي (مفردات الراغب) أن «الخشوع» بمعنى الضراعة. لكنّ الخشوع أكثر ما يُستعمل في ما يظهر على الجوارح. والضراعة أكثر ما تُستعمل فيما يوجَد في القلب: ولذلك قيل: «إذا ضرعَ القلبُ خشعتِ الجوارح».
وفي (لسان العرب) لابن منظور أنّ «التّخَشُّع» هو خفْضُ الصوت، وغَضُّ البصر ورميُه نحو الأرض.
وقد يُراد بالخشوع – كما في (مقاييس اللغة) لابن فارس – التّطامن، أي الانحناء والانخفاض. يُقال: خشع، إذا تطامنَ وطَأْطَأَ رأسَه.
الفرق بين الخشوع والخضوع
في (الفروق اللغوية) لابي هلال العسكري نجد أنّ الخشوع فعلٌ يَرى فاعلُه أنّ مَن يخضع له فوقه، وأنّه أعظم منه. والخشوع في الكلام خاصّة، والشاهد قوله تعالى: ﴿.. وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ..﴾ طه:108. والخشوع لا يكون إلا مع خوف الخاشع من المخشوع له، ولا يكون تكلُّفاً.
أما الخضوع – وهو التطامن - فلا يقتضى أن يكون معه خوف، ولهذا لا يجوز أن يضاف إلى القلب فيقال: خضع قلبه. وقد يجوز أن يخضع الإنسان تكلُّفاً من غير أن يعتقد أنّ المخضوع له فوقه.
التحقيق
الأصل الواحد في هذه المادّة – خشع - هو حالةٌ تحصلُ من اللين، والوضيعة، والقبول، والأخذ. وهذه الحالة تَحقُّقُها في المرتبة الأولى في القلب، ثمّ تتجلَّى ثانياً في البصر والسمع، فإنّهما وسيلتا القبول والتلقّي.
وهذا معنى خشوع البصر وخشوع الصوت، أي جَعْلُ البصر والسمع في مقام الانقياد، والتسليم، والخفض، والقبول، والتلقّي، والطاعة، وهذا في مقابل حِدّة البصر، ورفْع الصوت، الكاشفَين عن الاستكبار والخلاف.
وتفسير الخشوع بالتطامن، والاستكانة، والركوع، والأرض الغالب عليها السهولة، والخوف مع الخضوع، والتطأطؤ، وانكسار البصر، والتواضع، ورمي البصر نحو الأرض، وغيرها: كلّها إمّا من باب التفسير باللوازم، أو بالآثار. والأصل ما قلنا، وليس له لفظٌ آخر مفرد ليفسَّر به، كما في باقي الكلمات.
وبهذا يظهر لطف التعبير بها في موارد استعمالها في الآيات الكريمة:
* خشوع القلب: بأنْ يَلينَ وينقاد ويطيع ويسلّم في مقابل ذكر الله المتعال: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ..﴾ الحديد:16.
* خشوع الصوت: وهو مظهر خشوع القلب، فيحصل للصوت خفْض ولين، ولا يجرى إلا على مجرى الانقياد والتسليم: ﴿..وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ..﴾ طه:108.
* خشوع البصر: يعقبُ الحالة الحاصلة من انخفاض ولين وانقياد ومحبّة للقلب، فيكون النّظَر نظرَ خضوع وانقياد وانفعال، في مقابل إدراك العظَمة والجلال والجمال لله تعالى: ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ..﴾ القمر:7، ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ..﴾ المعارج:44، ﴿قلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ النازعات:8-9.
* خشوع الكائنات والمخلوقات: بأن يحصل لها حالة ليّنة وخفْض وتأثُّر وانفعال وقبول ومحبّة، في قبال تجلّي العظَمة: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا..﴾ الحشر:21، والمراد من الإنزال على الجبل: التوجّه بعظَمة كلمات الله العزيز إليه.
شكل القرآن الكريم (3)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)
محمود حيدر
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
الشيخ محمد مصباح يزدي
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
الشيخ مجتبى الطهراني
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
شكل القرآن الكريم (3)
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
الزهراء عليها السّلام إشراقات مباركة
(سنابل يوسف) جديد الكاتب عبدالعزيز آل زايد
واحد وثلاثون عملاً للحبارة في تحدّي (إنكتوبر 2025)
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)