قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد باقر الحكيم
عن الكاتب :
عالم فقيه، وأستاذ في الحوزة العلمية .. مؤسس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، استشهد سنة٢٠٠٣

نظرية أهل البيت (عليهم السلام) في فهم القرآن الكريم

لقد تناول هذا الموضوع عدد كبير من الروايات التي وردت عن أهل البيت (عليهم السلام)، كما ورد بعضها عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وذكرت في كتب علماء أهل السنة، الأمر الذي يؤكد أهمية الموضوع ودقته.

كما أننا نلاحظ أيضًا في هذه الروايات أنها متفاوتة في مضامينها بحيث قد تبدو أحيانًا وكأنها متناقضة أو متضاربة أو مختلفة، وفي نفس الوقت اختلفت آراء العلماء في تفسيرها والأخذ منها حتى تباينت واضطربت.

وقد تركز البحث فيها حول موضوعين رئيسين:

 

أحدهما: بحث (المحكم والمتشابه) والتفسير والتأويل الذي دار حول الآية السابعة من سورة آل عمران، وهي قوله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما

تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) (1).

والآخر: بحث (التفسير بالرأي) الذي ورد النهي عنه في أحاديث مسلمة عند المسلمين، وجاء فيها الوصف بالكفر لمن صنع ذلك في القرآن الكريم، حيث وقع الخلاف في تحديد معنى (الرأي) هذا.

ولعل من أفضل الأبحاث استيعابًا وتحليلًا واختصارًا وفائدة هو ما ذكره العلامة الطباطبائي (قدس سره) في كتابه "الميزان في تفسير الميزان" والذي استنبط فيه النظرية القرآنية التي تبناها أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المجال واستند فيها إلى الآيات الشريفة والسنة النبوية المروية عن النبي وأهل بيته الكرام (2).

 

ومن أجل أن تتضح صورة هذا المعلم من التفسير، نشير إلى مجموعة من الروايات والنصوص التي تدل أو تشير إلى وجود مستويين من تفسير القرآن والأخذ منه:

الأول: تفسير القرآن على مستوى الظاهر أو المحكم أو التنزيل... حسب ما ورد في التعبير عنه في هذه النصوص.

الثاني: التفسير على مستوى الباطن أو المتشابه أو التأويل... حيث يبدو من هذه النصوص وغيرها أن المستوى الأول من التفسير يمكن تناوله لعامة الناس، بعد الإحاطة الكاملة بالقرآن الكريم ومفاهيمه وآياته.

 

وأما المستوى الآخر من التفسير فهو مما اختص به النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام.

وهذا المستوى (الكامل) يمكن أن نراه في أحد الخطوط التالية التي أشارت إليها الروايات والأحاديث من هذه الطائفة:

أ - المعلومات القرآنية التي تجري مجرى المعلومات الغيبية في مستقبل الأحداث التي تمر بالإنسان والحياة، والتي يمكن استنباطها من القرآن الكريم.

ب - المعلومات المرتبطة بتفاصيل الشريعة الإسلامية ذات العلاقة بالموضوعات الشرعية التي تناولها القرآن الكريم، أو التي لها علاقة بالأمور المستجدة والمستحدثة في الحياة الإسلامية، والتي تعلمها الإمام علي (عليه السلام) وأولاده الأئمة المعصومون من رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ج - التطبيق الدقيق للمفاهيم والسنن والأحداث التي أشار إليها القرآن الكريم والتشخيص الكامل للمصاديق والمفردات الخارجية لها، والتي (تؤول) إليها الأوضاع الاجتماعية والسياسية في حركة المجتمع الإسلامي في مختلف العصور والأزمنة.

د - التمثيل والتشبيه للمضامين القرآنية والأمثال والمفردات التي وردت في القرآن الكريم، نظير الأمثلة التي ضربها القرآن الكريم مفهوميًّا، أو من خلال الإشارة لأحداث سابقة بشكل ينطبق على أحداث الرسالة، حيث قام الأئمة أيضًا بضرب هذه الأمثلة من خلال النصوص القرآنية وتطبيقها على أحداث كانت في عصر الرسالة أو بعدها، فإن علم هذا النوع من التفسير مختص بالنبي والأئمة من أهل بيته عليهم الصلاة والسلام.

 

وهنا نشير إلى مجموعة من الروايات ذات العلاقة بهذه الطائفة من الأخبار:

1 - روى محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات بسند معتبر عن فضيل بن يسار، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الرواية: ما من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، قال: ظهره وبطنه تأويله، ومنه ما قد مضى ومنه ما لم يكن، يجري كما تجري الشمس والقمر كلما جاء تأويل شيء يكون على الأموات كما يكون على الأحياء، قال الله: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) (3) نحن نعلمه (4).

2 - روى الصفار أيضًا في بصائر الدرجات بسند معتبر (5) عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن للقرآن تأويلًا، فمنه ما قد جاء، ومنه ما لم يجيء، فإذا وقع التأويل في زمان إمام من الأئمة عرفه إمام ذلك الزمان (6).

3 - عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تفسير القرآن على سبعة أوجه، منه ما كان، ومنه ما لم يكن بعد، تعرفه الأئمة (عليهم السلام) (7).

4 - روى الصدوق في معاني الأخبار بسنده عن حمران بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن ظهر القرآن وبطنه، فقال: ظهره الذين نزل فيهم القرآن، وبطنه الذين عملوا بأعمالهم، يجري فيهم ما نزل في أولئك (8).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) آل عمران : 7

(2) راجع الميزان 3 : 19 - 87 لمعرفة تفصيل حديثه

(3) آل عمران : 7

(4) وسائل الشيعة 18 : 145 الحديث 49

(5) اعتبار السند لأن المرزبان بن عمر روى عنه صفوان بن يحيى فيكون معتمدًا لأن صفوان من الثلاثة التي أجمعت الصحابة على تصحيح ما يصح عنهم، كما ذكر الشيخ الطوسي في العدة وهم محمد بن أبي عمير وأحمد بن محمد بن أبي نصر وصفوان بن يحيى.

(6) وسائل الشيعة 18 : 145 الحديث 47

(7) المصدر السابق : 154 الحديث 50

(8) بحار الأنوار 92 : 83 الحديث 14

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد