الشيخ محمد جواد البلاغي قدس سره ..
المعجز: ما يأتي به النبي بعناية الله الخاصة خارقاً للعادة كدليل على صدقه في دعوى النبوة.
ووجه ذلك أن مدعي النبوة إذا كان ظاهر الصلاح، معروفاً بالصدق والأمانة، لا تخالف أساسيات دعوته العقل، كان قبيحاً عقلاً أن يقدر على الإتيان بمعجزة إذا كان كاذباً لأن في ذلك إغراء للناس بالجهل يتنزه الله تعالى عنه.
ذلك أن الفطرة البشرية تقوم على توسم الخير بباطن الشخص الذي يظهر منه الصلاح، ولكن ليس إلا حد القطع بصلاح باطنه.
لكن إذا ظهر منه المعجز والخارق للعادة اطمأنت النفوس السليمة بصدق دعوته، لامتناع إعانة الله تعالى للمدلس في تدليسه.
تنوع المعجزات:
تتنوع المعجزات نظراً لاختلاف أطوار الناس ومعارفهم ومألوفاتهم.
فصناعة السحر كانت رائجة بين المصريين في زمن موسى عليه السلام مبتنية على قواعد. فكانوا يميزون ما يجري على قواعدها وما هو خارج عنها. لذا اقتضت الحكمة أن تكون معجزته العصا، ذلك أنهم لمعرفتهم بحدود السحر عرفوا أن أمر العصا خارج عن القدرة البشرية، فآمن السحرة بإله موسى.
وكانت بلاد الشام في زمن عيسى عليه السلام مستعمرة رومانية فيها نزلاء من اليونان والرومان، فكان الطب فيها رائجاً، وكان في الفصل الثالث عشر والرابع عشر من سفر اللاويين من التوراة تعليم تطهير بعض الأمراض بنحو يوهم بأنه من بركة الكهنة وإن كان من نحو الحجر الصحي.
فكانت معجزته شفاء الأكمه والأبرص مما يعرفون أنه خارج عن حدود الطب، وقدرة البشر.
وأما العرب فقد انحصرت صناعتهم بالأدب، فلم يكونوا يميزون حدود الصناعات الأخرى، لذا فإن أي معجز خارج نطاق الأداب كان سيحمل عندهم على السحر أو مهارات الأجانب في الصناعات والعلوم، فيسوقهم الجهل إلى الجحود، خاصة إذا كانت الدعوة ثقيلة على ضلالتهم وعاداتهم الوحشية.
لذا اقتضت الحكمة الإلهية إن يكون القرآن الكريم هو المعجز الذي عليه مدار الحجة لرسالة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله، ليكون حجة على العرب بإعجازه البلاغي، وعجزهم عن الإتيان بمثله.
وخصوعهم على خبرتهم بالبلاغة لإعجازه البلاغي، يكون حجة على غيرهم.
ميزات الإعجاز القرآني:
فاق القرآن الكريم غيره من المعجزات بأمور جوهرية:
١-فهو باقٍ مدى السنين بصورته ومادته لمن يريد الاطلاع على حجة الرسالة والنظر في حقيقة معجزها. ولا تحتاج معرفة حقيقته إلى النقل .
٢- أنه ببيانه تكفل بإثبات مقدمات الدليل على النبوة الخاصة وشهادة إعجازه لها، ولم يوكل ذلك إلى غيره وذلك في أمور:
أ- أنه تكفل ببيان دعوى النبي للنبوة والرسالة في سائر النبوّات.
ب- أنه تكفل الشهادة للنبوة والرسالة فلم تبق حاجة لدلالة العقل ودفع الشبهات عنها.
ج- أنه تكفل ببيان كمالات مدعي الرسالة فمهّد المقدمات اللازمة لبيان أنه لو كان كاذباً لكان ظهور المعجز من الإغراء بالجهل الممتنع بحق الله تعالى.
د-أنه تكفل دفع الموانع عن الرسالة ببيان مواد الدعوة وأساسياتها ومعارفها وقوانينها الجارية على المعقول فلا تجد فيها ما يخالفه.
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.
هـ- أنه زاد على إعجازه بنفسه بأن كرر الاحتجاج بإعجازه وتحدى الناس بأن يأتوا بمثله أو بعشر سور أو بسورة ، إن كان مما تناله قدرة البشر.
ونادى بقرار الإنصاف والمماشاة وجعل لهم إن أتوا بذلك أن تسقط عنهم الدعوة ويستريحوا من ثقلها الباهظ لضلالهم ويدعوا من يستطيعون عقلاً أن يدعوه من دون الله .
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .
هذا وقد مضت أعوام ودعوة الرسالة والاحتجاج بإعجاز القرآن دائمة عليهم، وهم في أشد الضجر من ذلك والكراهية له والخوف من عاقبته، والتألم من آثار الدعوة وتقدمها، وفي أشد الرغبة في أهوائهم وعاداتهم ومعبوداتهم، ومع ذلك لم يستطيعوا معارضة القرآن ولو بأن يأتوا بسورة من مثله، لكي تظهر حجتهم وتسقط عنهم حجة الرسول .
فلم يجدوا حيلة إلا الجحود السخيف والعناد والاضطهاد والاستشفاع بأبي طالب في ترك الرسول دعوته ثم تجشموا الأهوال والمصاعب في قتال الأقارب ومقاساة الشدائد وذلة المغلوبية.
فلماذا لم يتظاهروا ويأتوا بشيء من مثله ويفاخروا الرسول ويحاكموه في المواسم، فتكون لهم الحجة وينادوا بالغلبة ، ويستريحوا من عناء الدعوة. وهم أهل الفصاحة والبلاغة، ومادة القرآن وتراكيبه من لغتهم، وأسلوبه من نحو صناعتهم التي لهم فيها مهارة فائقة.
ولو حصلت أقل معارضة للقرآن الكريم ولو بالإتيان بسورة من مثله لرفعوه ناراً على علم واحتفلت به الألوف من أضداد الإسلام والقرآن، ولسجلته دواوينهم في أقطار الأرض لأنه الفيصل السلمي والحجة الأدبية.
ومما يشهد لما ذكرناه أن اليد الأثيمة غلبت بسنوح الفرص حتى على المحدّثين والمفسرين، فدسّت في كثير من كتب التفاسير خرافة الغرانيق، وخرافة سبب نزول آية التمني من سورة الحج، فلوثت قدس رسول الله بما شاءت .
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة
اعتبار الإسلام لرابطة الفرد والمجتمع
لا يدرك الخير إلّا بالجدّ
الوصول إلى حالة الانغماس وقياس مستواها