الشيخ محسن قراءتي
يرشدنا القرآن الكريم إلى هذه السبل:
امتلاك رؤية كونيّة إلهيّة
في مدحه للمؤمنين الصابرين عند المصاعب والمصائب، يذكر القرآن الكريم أنّ هؤلاء يقابلون الأحداث التي تواجههم بالقول: إنّهم لله تعالى وليس لهم أيّ استقلال في أنفسهم، وهم يسلّمون أمرهم له تعالى، وإنّ وجودهم والنعم التي هم فيها وكلّ شيء منه تعالى، وذلك كلّه أمانة عندهم ليس إلّا؛ يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُّصِيبَة قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ﴾ (البقرة: 156).
إنّ الصابرين لا يُسلّمون أنفسهم للخوف، ولا يلجأون إلى الآخرين، بل يلوذون بالله وحده، فهم يعلمون أنّ الكون بأسره ميدان للتعلّم والامتحان الذي من خلاله نسلك طريق تكاملنا. الدنيا ليست دار مقرّ واستراحة ومنادمة، والشدائد والصعوبات التي فيها ليست دليلاً على عدم رحمة الله لنا، بل المصائب هي الشعلة التي أوقدت تحت أرجلنا كي لا نقف في أماكننا فنتحرّك بسرعة. من هنا، فإنّ في المرارات حلاوة أيضاً، لأنّها تفتّح القابليّات ويعقبها الفوز بالثواب الإلهيّ. هذه هي النظرة والرؤية الكونيّة التي تمكّن الإنسان من التعامل الصحيح مع الأحداث.
معرفة السنن الإلهيّة
يخبرنا القرآن الكريم أنّ الجنّة لن تكون من نصيبنا من دون أن نكون عرضة للاختبار والألم والمشقّة، بل لا بدّ لنا من أن نواجه أصعب الأحداث حالنا حال من سبقنا من الناس والأمم، يقول تعالى: ﴿أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُواْ الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَواْ مِن قَبلِكُم مَّسَّتهُمُ البَأسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمنوا مَعَهُ مَتَى نَصرُ الله أَلَا إِنَّ نَصرَ الله قَرِيب﴾ (البقرة: 214).
تحدُّثنا هذه الآية أنّ أهل الإيمان وأتباع الحقّ كانوا طوال التاريخ عرضة لأصعب البلاءات، وأنّه قد وصلت النوبة إليكم الآن، فمواجهة الأحداث المريرة ليست بالأمر الجديد، ولستم وحدكم من ابتُلي بهذه الصعوبات والمشكلات؛ إن هي إلّا سنّة إلهيّة ستمضون عليها. مكرّراً ما جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿وَاذكُر فِي الكِتَابِ﴾ (مريم: 41-51)، اذكروا ما جرى على الأنبياء (عليهم السلام) والأمم السابقة، ولا تظنُّن أنّكم خصصتم بالمصائب، ثمّ يأمر نبيّه (صلى الله عليه وآله) بالصبر: ﴿فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ﴾ (الأحقاف: 35).
نعم، حينما يعلم الإنسان أنّ المكاره والصعوبات قانون وسنّة إلهيّة ستجري على الجميع؛ يكون أكثر استعداداً لمواجهتها. الصائم في شهر رمضان لا يجد صعوبة في الصوم لأنّ الجميع في ذلك الشهر صيام، أمّا الصيام خارج شهر رمضان فيكون أصعب.
التعرّف على الصابرين ومستوى صبرهم
إنّ الاطّلاع على استقامة من سبقنا؛ أحد أسرار النجاح في مواجهة الأحداث، وقد تحدّث القرآن الكريم كثيراً عن ذلك، وذكر لنا الأمم السابقة ومن كانوا فيها أسوة في الصبر، وأنواع الصبر والاستقامة التي تحلّت بها الأفراد والأمم السابقة. يذكر القرآن الكريم أنّ الأنبياء (عليهم السلام) وفي مواجهة أشدّ المخالفين لهم، كانوا يقولون: ﴿وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ﴾ (إبراهيم: 12)؛ كذلك الأمر بالنسبة إلى السحرة الذين جاؤوا لمواجهة النبيّ موسى (عليه السلام) والتغلّب عليه؛ ما إن عرفوا أنّه (عليه السلام) جاءهم بالحقّ حتّى آمنوا به، وقابلوا تهديدات فرعون بالقول: ﴿فَٱقۡضِ مَآ أَنتَ قَاضٍۖ إِنَّمَا تَقۡضِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَآ﴾ (طه: 72).
إنّ العلم بتاريخ الماضين له بالغ الأثر في صبر الإنسان وتحمّله، كذلك العلم بأسرار المستقبل يؤثّر في قدرته على الصبر والتحمّل، لذلك أخبر الخضر (عليه السلام) موسى (عليه السلام) أنّه لن يكون قادراً على الصبر والتحمّل لعدم علمه بأسرار ما سيقوم به: ﴿وَكَيفَ تَصبِرُ عَلَى مَا لَم تُحِط بِهِ خُبرا﴾ (الكهف: 68).
الشعور بحضور الله
عندما يعلم الإنسان ويتيقّن أنّ الله تعالى مطّلع على سائر أعماله وسلوكه وحتّى أفكاره، وأنّه تعالى حاضر ناظر في كلّ الأحوال، عندها سيتمكّن من الصبر على المصاعب، وتصبح الشدائد سهلة عنده، بل أحياناً تصبح عذبة يقدم عليها بنفسه. لقد أمر الله موسى وهارون (عليهما السلام) أن يذهبا إلى فرعون، وأن يُسمعاه قول الحقّ، ويدعواه إلى توحيد الله! ثمّ أعلمهما أنّه تعالى معهما يرى عملهما ويسمع كلامهما: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسمَعُ وَأَرَى﴾ (طه: 46).
كذلك عندما أمر الله تعالى نوحاً (عليه السلام) بصنع السفينة لتكون سبباً في نجاة المؤمنين من العذاب بحيث قال تعالى: ﴿وَاصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنَا﴾ (هود: 37)، فما إن بدأ بصنع السفينة حتّى راح الكفّار يسخرون منه ويقولون له: لم تفلح في النبوّة فرحت تعمل في النجارة! لكن ما مكّن النبيّ نوحاً (عليه السلام) من الوقوف في وجه هذه السخرية والاستهزاء، هو قول الله له أنّه وعمله بعينه تعالى، هذا الإيمان وهذه الرؤية يعزّزان الاستقامة في الإنسان.
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد عباس نور الدين
السيد عادل العلوي
عدنان الحاجي
حيدر حب الله
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشهيد مرتضى مطهري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
«جامع الأخبار» للشّيخ محمّد السّبزواري
الإمكان العقليّ للارتباط الواعي بالخالق
لماذا يجب توجيه التعليم نحو بناء الحضارة؟
العلماء ورثة الأنبياء! كيف ولماذا؟
السبيل للصبر على المصاعب في نظر القرآن الكريم
الوعد الإلهي للمتبرّئين من أقاربهم الكفار
شرود الذهن العفوي
هل للأفعال أثر رجعي على الإنسان؟ وكيف؟
سرّ السّعادة في تحديد الأولويّات
من خصوصيّات السيّدة المعصومة عليها السّلام