الشيخ عبد الغني العرفات ..
طرح بعضهم جوابًا وهو أن دواعي الوضع موجودة عند الطرف الآخر بينما دواعي الوضع غير موجودة عند أتباع مدرسة أهل البيت (ع) وهو وجود الدول المساندة والداعمة لمدرسة الخلافة فوضعت الأحاديث المزورة والمساندة للمدارس الأخرى بينما مدرسة أهل البيت (ع) كانت تعيش المعارضة .
وعوامل الوضع تلخص في التالي:
١) العامل السياسي
٢) العامل الديني
٣) العامل المذهبي
٤) العامل الإعلامي
٥) العامل الاجتماعي
٦) العامل الاقتصادي
٧) العامل الشخصي
وتمثل العامل السياسي بشكل واضح في أعمال معاوية بن أبي سفيان التي قام بها من أجل توطيد أركان دولته .. وكان منها اختلاق الحديث.
"والذي يتوصل إليه من مراجعة كتب الحديث لأهل السنة وكتب الحديث للإمامية أن شيوع الوضع وانتشاره عند أهل السنة كان أكثر بكثير منه عند الإمامية" أصول الحديث ص١٦٣.
ويرجع هذا إلى العامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي حيث كان الحكام يقربون ويشجعون ويعطون الوضاعين ص ١٦٥.
والملاحظة التي سجلها هذا الباحث هي: أن للشيعة أيضًا دولًا ربما ساندتهم فوضعوا الأحاديث واختلقوها.
فقد قامت للشيعة دول كثيرة في زمن تقييد الأحاديث وضبطها كالدولة الزيدية في طبرستان والفاطمية في مصر والحمدانية في الشام والبويهية في العراق والإدريسية في المغرب فربما لعبت هذه الدول دورًا في اختلاق الأحاديث المساندة لمدرسة أهل البيت (ع).
هذه خلاصة الملاحظة. والجواب عليها:
إن أقدم مجموع حديثي للشيعة الإمامية هو كتاب الكافي للكليني المتوفى عام ٣٢٩ في بغداد فقد كان معاصرًا لجملة من خلفاء بني العباس كالمعتمد والمعتضد والمكتفي والمقتدر والقاهر والراضي. والدولة العباسية هي الدولة الحاكمة في بغداد والدويلات التي قامت في أطراف العالم الإسلامي كانت تدين بالولاء للدولة العباسية روحيًّا وبعضها كان منفصلًا عنها تمام الانفصال. ونحن سنتعرض هذه الدول الشيعية لنرى هل يمكن لها التأثير على الكليني وكتابه الكافي كأقدم مصدر لعقائد وفقه الإمامية أو لا.
١) الدولة الإدريسية في المغرب :
ومؤسسها إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن السبط ابن أمير المؤمنين (ع)، تأسست أواخر القرن الثاني الهجري عام ١٧٢ . وهي دولة زيدية . ومن المستبعد جدا تأثير الأدارسة على الكليني فلم يكن تحت سلطة نفوذهم ولا المسافة الجغرافية تتيح للرواة المتأثرين بالدولة الإدريسية سهولة نقل الحديث المباشر للكليني والمسألة تحتاج لإثبات أن ثمة رواة عاشوا في كنف الدولة الإدريسية وأغدقت عليهم من العطايا ثم اتصلوا بالكليني كرواة حديث وأخذ عنهم الكليني . مع أن مجرد العيش تحت ظل دولة ما لا يعني التأثر بعقيدة حكامها.
كما أن الفكر الزيدي ليس على وفاق مع الفكر الإمامي في ما يتعلق بالنص على الإمام وعصمته فهم لا يقولون بالنص والعصمة فهم يختارون حسنيًّا أو حسينيًّا وفق شروط معينة. فتأثر الكليني بالدولة الإدريسية مستبعد كونها دولة زيدية.
٢) الدولة الفاطمية في مصر :
مؤسسها أبو عبد الله الفاطمي عام ٢٩٧.
وإذا رجعنا لتراث الدولة الفاطمية المتمثل في ما كتبه القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي المتوفى ٣٦٥ وهو كتاب دعائم الإسلام نجد العكس من ذلك فالذي يبدو أن كتاب دعائم الإسلام متأثر بالكافي بل هو كأنه قطعة منه لكنه غالبًا يحذف الأسانيد، لأن الكليني سبقه بالتأليف وتوفي عام ٣٢٩ بينما توفي النعمان المغربي ٣٦٥ . فالدولة الفاطمية لأنها إسماعيلية المذهب والإسماعيلية تعتقد بأئمة من نسل محمد بن إسماعيل ابن الإمام الصادق (ع) وأن الأئمة منهم سبعة ظاهرين وسبعة مستورين ويسمونها بفكرة الأدوار والأكوار، فلذا نجد أن مرويات كتاب دعائم الإسلام تتفق مع مرويات الكافي لكن دعائم الإسلام يقف بالروايات عند الإمام الصادق (ع) فلا يروي عن بقية الأئمة المعتمدين عند الاثني عشرية .
واختيارنا لكتاب دعائم الإسلام لأنه من تأليف قاضي الدولة الفاطمية الرسمي فهو كتاب الافتاء الرسمي المعتمد لدى الدولة الفاطمية .
٣) الدولة الزيدية في طبرستان:
في شمال إيران في المنطقة المعروفة الآن بمازندران وآمل. مؤسسها الحسن (الأطروش) بن علي بن الحسن بن عمر بن علي زين العابدين المتوفى عام ٣٠٤. فهي كذلك من المستبعد جدًّا تأثيرها السياسي أو الاقتصادي على الكليني كمدون للحديث إذ تشير بعض المصادر أن القائلين بإمامة الاثني عشر كانوا يلاحقون من قبل هذه الدولة الزيدية. انظر مقدمة التفسير المنسوب للعسكري (ع) وأن راويي التفسير كانوا ملاحقين ومطاردين من الزيدية في تلك المنطقة .
٤) الدولة الزيدية في اليمن :
مؤسسها يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي المتوفى عام ٢٩٨ المنتهي نسبه للإمام الحسن (ع) . تأسست في صعدة، وقد كانت على اتصال بالدولة الزيدية في طبرستان . وكانت تعيش صراعًا مع الإسماعيلية في بعض مناطق اليمن .
وبعد المسافة وعدم وجود نفوذ على الكليني بل الصراعات التي عاشتها هذه الدولة لا تؤهلها للتأثير خارج بقعتها الجغرافية بل لا يعيش الفرد الإمامي تعاطفًا معها في ذلك الجو من الانقسام الحاد حول موضوع الإمام ومن يكون .
٥) الدولة الحمدانية في الشام : بين عام ٣١٧- ٣٩٤
ويظهر من بعض القرائن أن الدولة الحمدانية من فرقة الشيعة النصيرية مع عدم جزمنا بذلك أو أن النصيرية كانوا يتحركون ضمن بقعة الدولة الحمدانية بحرية . فآل شعبة الحراني الذين منهم صاحب كتاب تحف العقول هم نصيرية - ولا يعني أن صاحب تحف العقول نصيري بل ذكرنا هذا للتعريف بهم عند القارئ - وقد عاشوا في منطقة الشام ونموا هناك وقت الدولة الحمدانية ، وكذلك عندما نراجع ديوان الخصيبي وهو من أعمدة النصيرية نتلمس شيئًا من الإشارة إلى وجود علاقة مع الحمدانيين .
وذكر محقق كتاب الهداية الكبرى للخصيبي أن سيف الدولة الحمداني وهو من أشهر أمراء الدولة الحمدانية هو الذي صلى صلاة الميت على الخصيبي مما يعني العلاقة الوطيدة بينهما.
والنصيرية لا يعتقدون بنواب المهدي الأربعة بل يرون محمد بن نصير هو نائب الحجة وغير ذلك من الاعتقادات التي تخالف الاثني عشرية. وإذا قرأنا كتاب الغيبة للنعماني الذي ألفه حول المهدي (ع) في الشام أو كان فترة هناك في الشام في العصر المتاخم للدولة الحمدانية نجده يشير إلى الجماعة التي بلغ بها الحال ترك العبادات اعتمادًا على الإيمان بالولاية وما أشبه ذلك من الأفكار التي راجت بفعل تأثير مرويات تنسب للنصيرية. فالشيخ النعماني كان بصدد التصحيح والرد وإثبات النيابة وحياة المهدي ( ع) .
وخلاصة الكلام لا يمكن الاعتماد على وجود تأثير مباشر للدولة الحمدانية على الكليني وكتابه إذ لم يكن بالشام بالإضافة لاختلاف الرؤى مع الدولة الحمدانية .
٦) الدولة البويهية في العراق : بين ٣٢١- ٤٤٧.
هاجر الشيخ الكليني إلى بغداد زمن الدولة البويهية. وكان معز الدولة قد وصل بغداد عام ٣٣٤. لكن الكليني توفي ٣٢٩ مما يعني أنه لم يعش فترة معز الدولة في بغداد وهو من أمرائها المهمين والمؤثرين . وليس هناك ما يدل على أن للكليني دورًا في تشييد أمارة آل بويه رغم ما عرف عنهم من التشيع والتودد للعلماء والاهتمام بهم وصلتهم بالمال. راجع: الكليني والكافي لعبد الرسول الغفار ص٢٦٦.
الخلاصة: عاش الكليني وهو المدون الأول لأحاديث الشيعة الاستقلالية في تدوين الحديث بعيدا عن التأثر بالعامل السياسي وسلطة الدول الشيعية. وتبقى بقية عوامل الوضع رهن الدراسة .
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع
أمسية للشّاعرة فاطمة المسكين بعنوان: (تأمّلات في مفهوم الجمال بين الشّعر والفلسفةِ)
العظات والعبر في نملة سليمان
الكوّاي تدشّن إصدارها القصصيّ السّادس (عملاق في منزلنا)
اكتشاف أقدم أبجديّة معروفة في مدينة سوريّة قديمة
محاضرة للمهندس العلي حول الأنماط الحياتيّة من التّراث الدّينيّ
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (2)
الأمّة المستخلفة
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (1)