من التاريخ

ما هيَ إليكَ ولا إلى ابنَيْك، ولكنّها لهم

 

«عندما ضعفُت دولة بني أُميّة حاول الثوّار من حَسنيّين وعباسيّين استغلال روايات المهديّ الموعود، عليه السّلام، ليَجعلوها تنطبق عليهم! فقال لهم كبيرُ الهاشميّين عبد الله بن الحسن المُثنّى: قد علمتُم أنّ ابني [محمّد] هذا هو المهديّ، فهلمّوا فلنُبايعه!
وقال أبو جعفر المنصور: لأيّ شيءٍ تخدعون أنفسكم؟ وواللهِ لقد علمتُم ما النّاسُ إلى أحدٍ أطول أعناقاً ولا أسرعَ إجابةً منهم إلى هذا الفتى، يريد محمّد بن عبد الله.
قالوا: قد، واللهِ، صدقتَ، إنّ هذا لهُو الذي نعلم، فبايَعوا جميعاً محمّداً ومسحوا على يده!
قالوا: وجاء جعفر بن محمّد [الصّادق] عليهما السّلام، فأوسع له عبد الله بن الحسن إلى جنبه، فتكلّم بمثل كلامه، فقال [الإمام الصّادق]: لا تَفْعَلوا، فَإِنَّ هَذا الأَمْرَ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ! إِنْ كُنْتَ تَرى - يعني عبد الله - أَنَّ ابْنَكَ هَذا هُوَ المَهْدِيُّ.. فَلَيْسَ بِهِ، وَلا هَذا أَوانُهُ، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّما تُريدُ أَنْ تُخْرِجَهُ غَضَباً للهِ، وَلِيَأْمُرَ بِالمَعْروفِ وَيَنْهى عَنِ المُنْكَرِ، فَإِنّا وَاللهِ لا نَدَعُكَ - وَأَنْتَ شَيْخُنا - وَنُبايِعُ ابْنَكَ.
فغضب عبد الله وقال: علمتَ خلافَ ما تقول! وواللهِ ما أطلعكَ اللهُ على غَيبه، ولكنْ يحملُك على هذا الحسدُ لابني!
فقال عليه السّلام: وَاللهِ ما ذاكَ يَحْمِلُني، وَلَكِنْ هَذا وَإِخْوَتُهُ وَأَبْناؤُهُمْ دونَكمْ - وضرب بيده على ظهر أبي العبّاس. ثمّ ضرب بيده على كتف عبد الله بن الحسن، وقال: إِنَّها وَاللهِ ما هِيَ إِلَيْكَ وَلا إِلى ابْنَيْكَ وَلَكِنَّها لَهُمْ، وَإِنَّ ابْنَيْكَ لَمَقْتولانِ»!

(الشّيخ علي كوراني، سيرة الإمام العسكريّ عليه السّلام)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد