من التاريخ

بين الأعمَش وأبي حنيفة


«عن شريك بن عبد الله، قال: حضرتُ الأعمشَ [سليمان بن مهران المحدِّث، توفّي سنة 148 للهجرة] في عِلَّتِه الّتي قُبضَ فيها، فبينا أنا عندَه، إذ دخلَ عليه ابنُ شبرمة وابنُ أبي ليلى وأبو حنيفة، فسألوه عن حاله، فذكر ضَعْفاً شديداً، وذكرَ ما يتَخوّفُ من خَطيئاته، وأدرَكَته رنّةٌ فبكى!
فأقبل عليه أبو حنيفة، فقال: يا أبا مُحمّد، اتّقِ اللهَ وانظُر لنفسِك، فإنّكَ في آخِر يومٍ من أيّام الدُّنيا، وأوَّلِ يومٍ من أيّام الآخرة، وقد كنتَ تُحَدِّثُ في عَلِيِّ بنِ أبي طالب بأحاديثَ لو رجعْتَ عنها لَكانَ خيراً لك!
قال الأعمش: مثلَ ماذا يا نُعمان؟ قال: مثل حديث: أَنَا قَسِيمُ النّار.
قال: أَوَلِمثلي تقولُ هذا يا يهوديّ؟ أَقْعِدُوني، سَنِّدُوني ... حدَّثَني - والّذي إليهِ مَصيري - موسى بنُ طريف، قال: سمعتُ عباية بن ربعيّ إمامَ الحيّ، قال: سمعتُ عليّاً أميرَ المؤمنين، عليه السّلام، يقول: أنَا قَسِيمُ النَّارِ، أَقولُ هَذا وَلِيِّي دَعِيهِ، وَهَذا عَدُوِّي خُذِيهِ!.
وحدّثني أبو المُتوكّل النّاجي في إمْرة الحجّاج - وكان الحجّاج يشتمُ عليّاً شَتْماً مقذعاً - عن أبي سعيدٍ الخِدريّ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إذا كَانَ يَوْمُ القِيامَةِ، يَأْمُرُ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَأَقْعُدُ أَنا وعَلِيٌّ عَلَى الصِّراطِ، ويُقالُ لَنا: أَدْخِلَا الجَنَّةَ مَنْ آمَنَ بِي وَأَحَبَّكُمَا، وَأَدْخِلَا النَّارَ مَنْ كَفَرَ بِي وأَبْغَضَكُمَا! ".." وتَلا: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ق:24.
قال: فجعلَ أبو حَنيفة إزارَه على رأسِه، وقال: قوموا بنا، لا يَجيئُنا أبو محمّد بأطمّ من هذا!
قال شريك بن عبد الله: فما أمسى الأعمش حتّى فارقَ الدّنيا، رحمَه الله».

(عن الأمالي للشّيخ الطّوسيّ)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد